للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} [الذاريات: ٣٥، ٣٦].

وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] فقد يراد بالإسلام الأعمال الظاهرة كما في حديث أنس الذي في المسند عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الإسلام علانية والإيمان في القلب" (١).

ومن علم أن دلالة اللفظ تختلف بالإفراد والاقتران، كما في اسم الفقير والمسكين، والمعروف والمنكر والبغي، وغير ذلك من الأسماء، كما في لغات سائر الأمم عربها وعجمها زاحت عنه الشبهة في هذا الباب والله أعلم بالصواب (٢).

فإن قال قائل: اسم الإيمان إنما يتناول الأعمال مجازًا قيل له (٣): أولًا ليس هذا بأولى ممن قال: إنما تخرج عنه الأعمال مجازًا، بل هذا أقوى لأن خروج العمل عنه إنما هو إذا كان مقرونًا باسم الإسلام والعمل، وأما دخول العمل فيه فإذا أفرد كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" (٤).

ومعلوم (٥) إنما (٦) يدل مع الاقتران أولى باسم المجاز مما يدل عند التجريد والإطلاق (٧).


(١) تقدم تخريج هذا الحديث، ص ٤٤٤ من هذا الكتاب.
(٢) كلمة (الصواب) ليست في (م) و (ط).
(٣) كلمة "له" ليست في (ط).
(٤) تقدم تخريجه، وهو في الصحيحين مع اختلاف في اللفظ.
(٥) كلمة "ومعلوم" ليست في (ط).
(٦) في (ط): "فإنما".
(٧) لا يفهم من هذا النص أن شيخ الإسلام رحمه الله يقول بالمجاز كما فهم ذلك بعض من نصروا المجاز ونافحوا عه، وذكروا أنه رفض المجاز في مواضع من كتبه، وقال بالمجاز في مواضع أخرى، وعدوا ذلك تناقضًا، وفهموا هذا الفهم الخاطئ من مثل هذا النص، والحقيقة التي لا ريب فيها أنه لا يقول بالمجاز، وأنه لم يتناقض أيضًا، وإنما كما هو المعروف عن شيخ الإسلام أنه يرد على المخالفين بنفس مصطلحاتهم، وهذا ما أراده رحمه الله في هذا المقام، وإنكار المؤلف للمجاز ونقضه له من وجوه كثيرة أمر مشهور، والمؤلف لرحمه الله أطال في رد المجاز بعامة وفي قضية الإيمان خاصة في كتابه "الإيمان الكبير" (٧/ ٨٧ - ١١٩).

<<  <   >  >>