للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: هو تأخيرها عن وقتها، فقيل له: كنا نظن ذلك تركها، فقال: لو تركوها لكانوا كفارًا (١).

والمقصود أنه يدخل في الاسم المطلق أمور كثيرة وإن كانت تخص بالذكر، وقيل لمن قال دخول الأعمال الظاهرة في اسم الإيمان مجاز: نزاعك لفظي، فإنك إذا سلمت أن هذه لوازم الإيمان الواجب الذي في القلب وموجباته، كان عدم اللازم موجبًا لعدم الملزوم، فيلزم من عدم هذا الظاهر عدم الباطن، فإذا اعترفت بهذا كان النزاع لفظيًا.

وإن قلت: ما هو حقيقة قول جهم وأتباعه من أنه قد (٢) يستقر الإيمان التام الواجب في القلب مع إظهار ما هو كفر، وترك جميع الواجبات الظاهرة.

قيل لك: فهذا يناقض قولك إن الظاهر لازم له، وموجب له، بل (٣) حقيقة قولك: إن الظاهر يقارن الباطن تارة ويفارقه أخرى، فليس بلازم له ولا موجب ومعلول له، ولكنه دليل إذا وجد دل على وجوب (٤) الباطن،


(١) رواه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة برقم (٧٧١) ١/ ٣٥٩، والطبراني في المعجم الكبير (٩/ ١٩٠)، وقال محققه: "قال في المجمع (١٠/ ١٩٨): والقاسم لم يسمع من ابن مسعود" وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وقال وكيع عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن والحسن بن سعيد عن ابن مسعود أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} و {عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} فقال ابن مسعود: على مراقيتها، قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على الترك، قال: ذلك الكفر" تفسير القرآن العظيم (٣/ ١٢٨)، وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذه الآية، فذهب بعضهم أن المراد بإضاعة الصلاة هنا: تركها بالكلية، وذهب غيرهم وهو الصحيح -وهو ما ذهب إليه المؤلف-: إلى أن المقصود بإضاعتها، تأخيرها عن وقتها. تفسير ابن جرير (١٦/ ٩٨)، معاني القرآن الكريم لأبي جعفر النحاس (٤/ ٣٤٠)، أحكام القرآن للقرطبي (١١/ ٤٦)، دقائق التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية (٤/ ٣٣٨) جمع د. محمد السيد الجليند، تفسير ابن كثير (٣/ ١٢٨)، تفسير أبي السعود (٥/ ٢٧٢)، فتح القدير (٣/ ٣٤٠)، أضواء البيان (٤/ ٣٣٢).
(٢) كلمة "قد" ليست في (ط).
(٣) في (ط): "بل قيل"، وأظن كلمة قيل مقحمة، والله أعلم.
(٤) في (م) و (ط): "وجود"، وهي أيضًا ملائمة للسياق.

<<  <   >  >>