للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصحف في الحش عمدًا، وقتل النفس بغير حق، وقتل كل (١) من رآه يصلي، وسفك دم كل من رآه يحج البيت، وفعل ما فعلته القرامطة بالمسلمين (٢)، يجوز أن يكون مع ذلك مؤمنًا وليًا لله، إيمانه كإيمان النبيين والصديقين.

لأن الإيمان الباطن إما أن يكون منافيًا لهذه الأمور، وإما أن لا يكون منافيًا.

فإن لم يكن منافيًا لها (٣) أمكن وجودها معه، فلا يكون وجودها دالًا على (٤) عدم الإيمان الباطن.

وإن كان منافيًا للإيمان الباطن كان ترك هذه من موجب الإيمان ومقتضاه ولازمه، فلا يكون مؤمنًا في الباطن الإيمان الواجب إلا من ترك هذه الأمور، فمن لم يترك (٥) دل ذلك على فساد إيمانه الباطن.

لماذا كانت الأعمال والتروك الظاهرة لازمة للإيمان الباطن كانت من موجبه ومقتضاه، وكان من المعلوم أنها تقوى بقوته، وتضعف بضعفه (٦)، وتزيد بزيادته، وتنقص بنقصانه، فإن الشيء المعلول لا يزيد إلا بزيادة موجبه ومقتضيه، ولا ينقص إلا بنقصان ذلك، فإذا جعل العمل الظاهر


(١) كلمة "كل" ليست في (م).
(٢) يشير المؤلف رحمه الله إلى بلوغ فتنة القرامطة غايتها باجتياحهم مكة المكرمة، ودخولهم المسجد الحرام، وقتلهم للطائفين والركع السجود، وذبحهم الحجيج، وردمهم بئر زمزم بالجثث، وقلعهم الحجر الأسود وأخذه إلى ديارهم، حيث ظل عندهم قرابة سبعة وعشرين عامًا، وقد كان ذلك سنة ٣١٧ هـ، ولمزيد من الاطلاع على أخبارهم، انظر: الكامل لابن الأثير (٦/ ٢٠٤)، وفيات الأعيان (٣/ ٤٥٩)، البداية والنهاية (١١/ ١٧٠)، شذرات الذهب (٤/ ٨١).
(٣) كلمة "لها" ليست في (ط).
(٤) في (ط): بدلًا من قوله: "دالًا على"، قوله: "إلا مع".
(٥) في (ط): "يتركها".
(٦) عبارة "وتضعف بضعفه" ليست في (ط)، وفي (م): كلمة "وتضعف" دون كلمة "بضعفه".

<<  <   >  >>