للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء يقولون: إن النبوة أفضل الأمور عند الجمهور، لا عند الخاصة، ويقولون: خاصة النبي جودة [التخييل و] (١) التخيل.

فجاء هؤلاء (٢) الذين أخرجوا الفلسفة في قالب الولاية، وعبروا عن المتفلسف بالولي، وأخذوا معاني الفلاسفة وأبرزوها في صورة المكاشفة والمخاطبة، قالوا (٣): إن الولي أعظم من النبي، لأن المعاني المجردة يأخذها عن الله بلا واسطة تخيل لشيء في نفسه، والنبي يأخذها عن الله بواسطة ما يتخيل في نفسه من الصور والأصوات، ولم يكفهم هذا البهتان، حتى ادعوا أن جميع الأنبياء والرسل يستفيدون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء، الذي هو من أجهل الخلق بالله، وأبعدهم عن دين الله، والعلم بالله هو عندهم العلم (٤) بأنه الوجود المطلق الساري في الكائنات، فوجود كل موجود هو عين وجود واجب الوجود.

وحقيقة هذا القول هو (٥) قول "الدهرية الطبيعية" (٦) الذين ينكرون أن يكون للعالم مبدع أبدعه، وهو واجب الوجود بنفسه، بل يقولون: العالم نفسه واجب الوجود بنفسه، فحقيقة قول هؤلاء شر من قول "الدهرية الإلهيين" (٧)،


= بالأدب، أصله من دمشق، وعاش في مصر، من مؤلفاته "مختار الحكم ومحاسن الكلم"، وقد نقل منه كثيرًا ابن أبي أصيبعة في كتاب "عيون الأنبياء في طبقات الأطباء"، وكتاب في الطب، واعتنى بكتب الأوائل وفلسفاتهم، وملك من الكتب ما لا يحصى كثرة، مات سنة ٥٠٠ هـ؛ وقيل سنة ٤٨٠ هـ، تاريخ الحكماء (٣٩٩).
(١) ما بين المعكوفتين ليس في نسخة الأصل، وهو في (م) و (ط).
(٢) يعني بذلك ابن عربي ومن تبعه على مذهبه الفاسد.
(٣) في (ط): "وقالوا".
(٤) كلمة "العلم" ليست في (ط).
(٥) كلمة "هو" ليست فى (ط).
(٦) في (ط): "الطبيعة".
والفلاسفة الطبيعية هم الذين لا يقرون بواجب أبدع الممكن، وهو قول فرعون، درء التعارض (٥/ ٤)، وهم يقولون بالمحسوس، ولا يقولون بالمعقول، الملل والنحل (٢/ ٣٠٧)، ويجعلون المحسوس واجبًا بنفسه، درء التعارض (٩/ ٢٥٦)، وربما أطلق عليهم الدهرية المحضة، المصدر نفسه (٩/ ٢٥٥).
(٧) الفلاسفة الدهرية قسمان:
(الأول): الدهرية الطبيعية، وقد مضى الحديث عنهم. =

<<  <   >  >>