للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لضعف هذا الاستخلاف، وقالوا إنما خلفه لأنه يبغضه، فأتبعه علي وهو يبكي فقال: (أتخلفني مع النساء والصبيان؟ ) فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي" (١).

وكان قبل ذلك يستخلف على المدينة من يستخلفه، وفيها رجال من أهل القتال وذاك لأنه لم يكن حينئذ بأرض العرب، لا بمكة، ولا بنجد ونحوهما، من يقاتل أهل دار الإسلام -مكة والمدينة وغيرهما- ولا يخيفهم.

ثم لما رجع من تبوك أمر (٢) أبا بكر على الموسم، يقيم الحج والصلاة، ويأمر أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان (٣)، وأتبعه بعلي لأجل نقض العهود، إذ كانت عادة العرب أنهم لا يقبلون (٤)


(١) حديث صحيح متفق على صحته، رواه البخاري برقم (٤٤١٦) كتاب المغازي باب غزوة تبوك، ومسلم برقم (٢٤٠٤) ٤/ ١٨٧٠ كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، والترمذي برقم (٣٧٢٤) كتاب المناقب، والنسائي في سننه الكبرى (٥/ ٤٤)، وابن ماجه برقم (١١٥) في المقدمة، وأحمد برقم (١٣٣٥)، وأبو يعلى برقم (٣٤٤) ١/ ٢٨٥، وغيرهم، وهو من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، ورواه أحمد برقم (١٠٨٧٩) من طريق أبي سعيد الخدري، وبرقم (٢٦٥٤١) من طريق أسماء بنت عميس، وابن حبان برقم (٦٦٤٣) ١٥/ ١٥ من طريق أم سلمة، والطبراني في المعجم الكبير (٥/ ٢٠٣) من طريق زيد بن أرقم والبراء بن عازب، وكذلك أخرجه برقم (١١٠٨٧) ١١/ ٧٤ من طريق ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
وأما بكاء علي - رضي الله عنه - فقد روى الإمام أحمد في مسنده برقم (١٤٦٣) عن سعد - رضي الله عنه - أن عليًا خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى جاء ثنية الوداع، وعلي يبكي يقول: تخلفني مع الخوالف ... ، وقال محققه الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وروى مثل ذلك النسائي في السنن الكبرى (٥/ ١٢٠) وأما شكواه - رضي الله عنه - من الطعن في استخلافه فقد روى النسائي في السنن الكبرى (٥/ ٤٤) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما غزا تبوك خلف عليًا بالمدينة فقالوا: ملّه، وكره صحبته. .، وروى ابن سعد في الطبقات (٣/ ٢٣) مثل ذلك، وذكر ذلك أيضًا ابن هشام في سيرته (٢/ ٥١٩).
(٢) في (ط): "أقر".
(٣) تقدم تخريج هذا الحديث، وهو في الصحيحين.
(٤) في (ط): "أن لا يقبلوا".

<<  <   >  >>