قلت: وإن كان أكثر أهل العلم على خلاف هذا القول، حتَّى حكى بعضهم الاتفاق على ذلك، وأن أهل الذمة يقرون بالجزية في غير جزيرة العرب، وليس لأحد أن يخرجهم ما لم ينقضوا العهد، وهذه المسألة معروفة في كتب الفقهاء، حتى إنهم لم يكادوا يذكروا قولًا غيره. (١) روى البخاري (٣/ ٩٧) تعليقًا عن عروة بن الزبير أن إجلاء بني النضير كان بعد ستة أشهر من غزوة بدر في غزوة أحد، وذكر ابن جرير أن ذلك وقع سنة أربع للهجرة، وتبعه ابن كثير على ذلك، وقد كان إجلاء يهود بني النضير بعد أن نقضوا العهد، وأرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - بإلقاء الرحا عليه - صلى الله عليه وسلم -، وهو جالس تحت جدار، حين ذهب إليهم يستعين بهم في دية من قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فأظهر الله غدرهم وفضح كيدهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، فخرج مسرعًا إلى المدينة، ثم أرسل إليهم يأمرهم بالخروج، فأبوا، فغزاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وحاصروهم وقطعوا نخلهم وحرقوه، فخذلهم الله، ووافقو على الخروج صاغرين، فكانت أموالهم فيئًا خالصة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يخمسها، لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب، وأنزل الله خبرهم في سورة الحشر. انظر حول ذلك: سيرة ابن هشام (٢/ ١٩٠)، تاريخ ابن جرير (٢/ ٨٣)، دلائل النبوة (٣/ ٣٥٤) السيرة النبوية للذهبي (١/ ٣٧٨) البداية والنهاية (٤/ ٧٦). (٢) قد تقدم بيان ذلك. (٣) في نسخة الأصل: "بره"، وقد حذفنا الهاء ليستقيم المعنى. (٤) في نسخة الأصل: "خبزه"، وقد حذفنا الهاء أيضًا يستقيم المعنى.