للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النضير (١)، وأجلى عمر - رضي الله عنه - أهل خيبر (٢)، وهو موضع خلاف بين أهل العلم، ليس هذا موضع بسطه.

والغرض هنا إذا كان الكافر الَّذي هو عدو الملة، يجاور ويعامل ويعطى أجرة المثل عند الحاجة، ولا يحل ظلمه في شيء، فكيف المسلم إذا قام بما يجب عليه من مصالح إخوانه، من طحن بر (٣) وإصلاح خبز (٤) وتسوية طعام، وإحكام بناء، ونسج ثوب، وغير ذلك، مما هو فرض


= ويقول تلميذ المصنف الحافظ ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (٣/ ٣٤٨) في سياق أحكام غزوة خيبر: "ومنها: جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نقركم ما أقركم الله" وقال لكبيرهم: "كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يومًا ثم يومًا"، وأجلاهم عمر بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مذهب محمد بن جرير الطبري، وهو قول قوي يسوغ العمل به إذا رأى الإمام فيه المصلحة".
قلت: وإن كان أكثر أهل العلم على خلاف هذا القول، حتَّى حكى بعضهم الاتفاق على ذلك، وأن أهل الذمة يقرون بالجزية في غير جزيرة العرب، وليس لأحد أن يخرجهم ما لم ينقضوا العهد، وهذه المسألة معروفة في كتب الفقهاء، حتى إنهم لم يكادوا يذكروا قولًا غيره.
(١) روى البخاري (٣/ ٩٧) تعليقًا عن عروة بن الزبير أن إجلاء بني النضير كان بعد ستة أشهر من غزوة بدر في غزوة أحد، وذكر ابن جرير أن ذلك وقع سنة أربع للهجرة، وتبعه ابن كثير على ذلك، وقد كان إجلاء يهود بني النضير بعد أن نقضوا العهد، وأرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - بإلقاء الرحا عليه - صلى الله عليه وسلم -، وهو جالس تحت جدار، حين ذهب إليهم يستعين بهم في دية من قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فأظهر الله غدرهم وفضح كيدهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، فخرج مسرعًا إلى المدينة، ثم أرسل إليهم يأمرهم بالخروج، فأبوا، فغزاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وحاصروهم وقطعوا نخلهم وحرقوه، فخذلهم الله، ووافقو على الخروج صاغرين، فكانت أموالهم فيئًا خالصة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يخمسها، لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب، وأنزل الله خبرهم في سورة الحشر.
انظر حول ذلك: سيرة ابن هشام (٢/ ١٩٠)، تاريخ ابن جرير (٢/ ٨٣)، دلائل النبوة (٣/ ٣٥٤) السيرة النبوية للذهبي (١/ ٣٧٨) البداية والنهاية (٤/ ٧٦).
(٢) قد تقدم بيان ذلك.
(٣) في نسخة الأصل: "بره"، وقد حذفنا الهاء ليستقيم المعنى.
(٤) في نسخة الأصل: "خبزه"، وقد حذفنا الهاء أيضًا يستقيم المعنى.

<<  <   >  >>