للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روى أهل العلم بأحوال الصحابة وأيام الناس، أن الزبير - رضي الله عنه - مات وعليه ثمانون ألف دينار، فقضيت من تركته، ثم كان الثمن من تركته بعد ذلك ستين ألف دينار، وكان مما ترك من كراع وسلاح وأثاث ألف فرس (١).

وقد عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا وهو ممن شهد بدرًا وفتح خيبر فقال: يا رسول الله إنك زوجتني فلانة ولم أسم لها مهرًا وإني قد جعلت لها من ذلك سهمي الَّذي بخيبر فأجاز ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فباعته بمائة ألف، خرجته العلماء في كتب الأحكام"، واتسع الإسلام في زمن عمر - رضي الله عنه -، وفشى


= المقدمة، وأحمد برقم (٧٣٩٧)، فرضي الله عن الصديق وعن الصحابة أجمعين، (١) روي البخاري في صحيحه برقم (٣١٢٩) كتاب فرض الخمس باب بركة الغازي في ماله حيًا وميتًا، مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر عن عبد الله بن الزبير قصة وصية الزبير لابنه عبد الله في وقعة الجمل من أجل قضاء دينه، وفيه أن دينه قد بلغ ألفي ألف ومائتي ألف درهم، (أي مليونين ومائتي ألف درهم) وأنه باع أرضًا لأبيه تدعى الغابة، وقضى دين أبيه، وما أوصى به، وكان للزبير أربع نسوة، فأصاب كل واحدة منهن ألف ومائتا ألف، (أي مليون ومائتا ألف).
ويقتضي على هذا التقسيم أن يكون مال الزبير - رضي الله عنه - قد بلغ كله خمسين ألف ألف ومائتا ألف، (أي خمسين مليونًا ومائتا ألف) كما قال الذهبي في السير (١/ ٦٧)، أو يكون قد بلغ تسعة وخمسين ألف ألف وثمانمائة ألف، (أي تسعة وخمسين مليونًا وثمانمائة ألف) كما قال ابن كثير في البداية (٧/ ٢٦١)، وقد تولي الحافظ -رحمه الله- في الفتح (٦/ ٢٣٢) الإجابة عن اختلاف الأرقام في تقدير تركة الزبير - رضي الله عنه -.
ومراد المصنف هنا أن الصحابة لم يمنعهم زهدهم في الدنيا من المشي في مناكب الأرض، وتحصيل أسباب الرزق والمعائش، ولكن كانت هذه الأموال العظيمة والثروات الهائلة تنفق في سبيل الله، فقد روى أبو نعيم في الحلي: (١/ ٩٠)، والبيهقي في سننه (٨/ ٩) عن مغيث بن سمي قال: (كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، ما يدخل بيته من خراجهم شيئًا)، وسنده حسن، ومغيث لم يلق الزبير، لكنه لقي ابنه عبد الله وروى عنه.
والشاهد من هذا إنفاق الزبير - رضي الله عنه - خراج هؤلاء المماليك في سبيل الله، وهكذا كان أثرياء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم.
(١) رواه أبو داود برقم (٢١١٧) كتاب النكاح، ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (٤٠٧٢) وقال محققه: إسناده صحيح، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ١٩٨) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في السنن الكبرى =

<<  <   >  >>