سعد فسأله، ثم حلّفه باللَّه الذي لا إله غيره؟ ما تكلم بالكلمة التي بلغت أمير المؤمنين، ولقد بلغه كاذب، ثم عرض عليه المنزل ليدخل، فأبى وانصرف مكانه راجعًا، واتبعه سعد بزاد، فرده مع رسوله، وقال له: ارجع بطعامك إلى صاحبك، فإن له عيالًا، وإن معنا فضلة من زاد، فرجع هو وغلامه، حتَّى انقضى زادهما وأرملا أياما حتَّى أكلا من الشجر، ثم كان أول من أدركا من الإنس امرأة في غنم، فقام محمد يصلي، وانطلق الغلام إلى الغنم حتَّى بايع صاحبة الغنم بشاة صغيرة من غنمها بعصابة كانت عليه، فصرعها يريد أن يذبحها، ومحمد قائم يصلي، فأشار إليه، أن لا يذبحها، فانصرف، فسأله عن حديثها، فحدثه، فقال: ارجع بالشاة، فإن كان في الغنم صاحبها فبايعه، أو سلم بيع الأمة فأقبل بها، وإن كانت إنما هي راعية غنم فردها وأقبل، فإن الجوع خير من مأكل السوء، فأقبل فإذا هي راعية، فأقبل بعصابته ورد الشاة، ثم سار حتَّى قدم على عمر، فحدثه بما لقي في الطريق من الجوع، والذي اتبعه به سعد فرده إليه. فقال عمر: فما منعك أن تقبل منه؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين. قال: وأنا قد رأيت فكان ذاك؟ !
"مسائل صالح"(٥٩٢)
٣٥٧ - ما جاء في زهد عثمان بن أبي العاص -رضي اللَّه عنه-
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا مصعب بن سلام، حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: لولا الجمعة والجماعة لبنيت في أعلى داري هذِه بيتًا، فلم أخرج منه حتَّى أخرج إلى قبري.