قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر ابن عون، فقال: كان لا يكري دوره من المسلمين. قلت: لأي علة؟ قال: لئلا يروعهم.
قال: وكان لابن عون جمل يستقي الماء؛ فإذا غلام ابن عون قد ضرب الجمل، فذهب بعينه، فجاء الغلام وقد أرعب، فظن أنهم قد شكوه، فلما رآه قد أرعب قال: اذهب فأنت حر لوجه اللَّه.
"أخبار الشيوخ وأخلاقهم"(٣٦٤)، "الورع"(٢٦٩)
[٤٣٠ - ما جاء في زهد الأسود بن كلثوم وأخباره]
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، أخبرني سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: كان منا رجل -يقال له: الأسود بن كلثوم- وكان إذا مشى لا يجاوز بصره قدمه، وكان يمر وفي الجدر يومئذ قصر بالنسوة، ولعل إحداهن تكون واضعة -يعني: ثوبها أو خمارها- فإذا رأينه راعهن، ثم يقلن: كلا، إنه أسود بن كلثوم. فلما قرب غازيًا، قال: اللهم إن نفسي هذِه تزعم في الرخاء أنها تحب لقاءك، فإن كانت صادقة فارزقها ذلك وإن كانت كارهة، قال إسماعيل: فاحملها عليه، وقال مرة: فارزقها ذلك وإن كرهت، وأطعم لحمي سباعا وطيرًا، فانطلق في جبل فدخلوا حائطًا، فنذر بهم العدو، فجاءوا فأخذوا بثلمة في الحائط، فنزل الأسود عن فرس فضربها حتى غارت فخرجت، وأتى الماء ثم توضأ وصلى، قال: يقول العجم: هكذا استسلام العرب إذا استسلموا. ثم تقدم فقاتل حتى قتل رحمه اللَّه، قال: فمر عظم الجيش