كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أحد أعز منه في مجلسه، مائل إليهم، مُقْصِرٌ عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، وإذا جلس في مجلسه بعد العصر لا يتكلم حتَّى يُسأل، وإذا خرج إلى مجلسه لم يتصدر، يقعد حيث انتهى به المجلس. وصحبته في السفر والحضر، وكان حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في اللَّه ويبغض في اللَّه، وكان إذا أحب رجلًا أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه، ولم يمنعه حبه له أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم أو إثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن رجل صلاح أو زهد أو اتباع الأثر سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وكان رجلًا وطيئًا إذا كان حديث لا يرضاه اضطرب لذلك، وتبين التغير في وجهه غضبًا للَّه، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد غضبه له. وكان أبو عبد اللَّه حسن الجوار، يؤذى فيصبر، ويحتمل الأذى من الجيران.
"الآداب الشرعية" ٢/ ٧
١٠٧ - خُلُق الحلم
قال عبد اللَّه: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن الأعمش، أخبرنا أو سمعت أبا صالح، عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: قال رجل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أخبرني بعمل يدخلني الجنّة، وأقلل لعلي أعقله. قال:"لا تغضب"(١).
"الزهد" ص ٥٩
(١) رواه الإمام أحمد ٢/ ٣٦٢ والبخاري (٦١١٦) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.