للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

دَرَجَةً وَغَيْرُ وَقْتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ فَأَتَاهُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَنْقُضُ لِمُفَارِقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَنِ لَا عَلَى مُقَابَلَةٍ لِمُلَازَمَةِ أَكْثَرِهِ.

قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي كَبِيرِهِ.

الرَّابِعُ: قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ شَيْخِهِ الْمَنُوفِيِّ: لَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْهَمَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا، وَإِنَّمَا تُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ إتْيَانُ السَّلَسِ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْضَبِطًا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ بِالْعَادَةِ أَنَّهُ يَأْتِيه إذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ مَثَلًا وَيُلَازِمُهُ لِلْغُرُوبِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعِشَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْتَغْرِقُ وَقْتَ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا فِي وَقْتِ الْأُخْرَى تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا، لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ الِاخْتِيَارِيِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ.

الْخَامِسُ: يُنْظَرُ فِي النُّقْطَةِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنْ الشَّخْصِ بَعْدَ وُضُوئِهِ فَإِنْ كَانَتْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا أَصَابَ مِنْهَا وَإِنْ نَقَضَتْ الْوُضُوءَ وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ، وَإِذَا تَحَقَّقَ نُزُولُهَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَوْ كَانَ إمَامًا وَيَتْبَعُهُ مَأْمُومُهُ. وَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ نُزُولَهَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وُجُوبًا وَلَا يُعِيدُ مَأْمُومُهُ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى بِالْحَدَثِ نَاسِيًا وَهُوَ إمَامٌ فَيُعِيدُ أَبَدًا دُونَ مَأْمُومِهِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْعَفْوِ عَنْ النُّقْطَةِ وَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ كُلِّ مَا يَعْسَرُ، وَالنَّقْضُ يَكُونُ بِمَا يُفَارِقُ أَكْثَرَ الزَّمَنِ أَوْ يَقْدِرَ عَلَى رَفْعِهِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ خِفَّةُ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِهَا

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْحَدَثُ شَرَعَ فِي ثَانِي الْأَقْسَامِ وَهُوَ الْأَسْبَابُ جَمْعُ سَبَبٍ وَهُوَ لُغَةً الْحَبْلُ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَمِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ لِذَاتِهِ، وَيَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: زَوَالُ الْعَقْلِ وَاللَّمْسُ بِشَرْطِهِ وَمَسُّ الذَّكَرِ لِلْبَالِغِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ عَلَى طَرِيقِ الصِّحَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْحَدَثَ نَاقِضٌ بِنَفْسِهِ، وَالسَّبَبُ إنَّمَا يَنْقُضُ بِوَاسِطَةٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحَدَثِ فَقَالَ: (وَيَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ زَوَالِ) أَيْ اسْتِتَارِ (الْعَقْلِ) وَهُوَ آلَةُ التَّمْيِيزِ (بِنَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِسُقُوطِ لُعَابِهِ أَوْ حَبْوَتِهِ أَوْ الْكُرَّاسِ مِنْ يَدِهِ وَلَا بِمَنْ يَذْهَبُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا بِمَنْ يَأْتِي وَلَا بِالْأَصْوَاتِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ لَا إنْ خَفَّ فَلَا يَنْقُضُ، وَلَوْ طَالَ فَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ وَيَشْمَلُهَا قَوْلُ خَلِيلٍ: وَبِسَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ وَلَوْ قَصُرَ لَا خَفَّ وَنُدِبَ إنْ طَالَ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِنْ خَفِيفِهِ إنْ طَالَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ نَقْضِ الْخَفِيفِ مَا فِي مُسْلِمٍ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ.

قَالَ عِيَاضٌ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ الثَّقِيلُ الَّذِي يَذْهَبُ مَعَهُ حِسُّ الْمَرْءِ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِالْحَدَثِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ، وَأَمَّا الْخَفِيفُ الَّذِي يُحِسُّ مَعَهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَلَا يَنْقُضُ، وَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا نَوْمُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِأَنَّهُمْ كَانُوا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ.

(تَنْبِيهَانِ)

الْأَوَّلُ: هَذَا التَّفْصِيلُ فِي النَّائِمِ جَالِسًا، وَأَمَّا الْقَائِمُ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى شَيْءٍ فِي حَالِ قِيَامِهِ فَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ إلَّا بِسُقُوطِهِ، وَأَمَّا الْمُسْتَنِدُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْمُسْتَنَدُ إلَيْهِ لَسَقَطَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْجَالِسِ، وَأُمًّا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ لَمْ يَسْقُطْ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ إلَّا بِسُقُوطِهِ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ عَدَمَ سُقُوطِهِ عَلَامَةٌ عَلَى خِفَّةِ نَوْمِهِ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ النَّقْضُ بِالنَّوْمِ الثَّقِيلِ وَلَوْ كَانَ النَّائِمُ الْجَالِسُ مُتَمَكِّنًا وَمُسْتَقَرًّا وَهُوَ الَّذِي يَتَرَجَّحُ اعْتِمَادُهُ عِنْدِي لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ النَّائِمَ تَرْتَخِي أَعْصَابُهُ فَلَا يَشْعُرُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ، فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ النَّقْضَ بِالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ نَقْضُ وُضُوئِهِ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِسْفَارِ سَدُّ الدُّبُرِ

(أَوْ) أَيْ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ أَيْضًا مِنْ زَوَالِ الْعَقْلِ مِنْ حُصُولِ مُطْلَقِ (إغْمَاءٍ) وَهُوَ مَرَضٌ فِي الرَّأْسِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ بِالْوُضُوءِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.

(أَوْ) أَيْ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ أَيْضًا بِزَوَالِ الْعَقْلِ بِسَبَبِ (سُكْرٍ) وَلَوْ بِحَلَالٍ (أَوْ) بِسَبَبِ (تَخَبُّطِ جُنُونٍ) بِأَنْ يَتَخَبَّطَهُ الْجِنُّ ثُمَّ يَعُودُ لِحَالِهِ، وَإِنَّمَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِهَذِهِ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِنْ النَّوْمِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ طَوِيلِهَا وَقَصِيرِهَا وَلَا بَيْنَ ثَقِيلِهَا وَخَفِيفِهَا لِأَنَّ هَذِهِ يَزُولُ مَعَهَا التَّكْلِيفُ، بِخِلَافِ النَّوْمِ صَاحِبُهُ مُخَاطَبٌ وَإِنْ رُفِعَ عَنْهُ الْإِثْمُ.

(تَنْبِيهَانِ)

الْأَوَّلُ: بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِتَرَادُفِ الْهُمُومِ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وُجُوبُ الْوُضُوءِ وَقَالَ بِهِ ابْنُ نَافِعٍ، وَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَهْوَ قَاعِدٌ؟ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَمِمَّا لَا يَنْقُضُ زَوَالُهُ بِالِاسْتِغْرَاقِ فِي حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى غَابَ عَنْ إحْسَاسِهِ.

قَالَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، وَلِي فِي ذَلِكَ وَقْفَةٌ مَعَ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِزَوَالِهِ بِالنَّوْمِ.

الثَّانِي: فَسَّرْنَا زَوَالَ الْعَقْلِ بِالِاسْتِتَارِ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْفَاكِهَانِيُّ: الْعَقْلُ لَا يُزِيلُهُ النَّوْمُ وَلَا الْإِغْمَاءُ وَلَا السُّكْرُ وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>