وُحْدَانًا مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا مَاشِينَ أَوْ سَاعِينَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.
ــ
[الفواكه الدواني]
الْأَرْجَحِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْقَائِلُ بِبُطْلَانِ الْأُولَى وَلَوْ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَتَصِحُّ لِلثَّانِيَةِ وَلَوْ فِي الثُّلَاثِيَّةِ، كَمَا تَصِحُّ الرَّابِعَةُ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، وَلِلثَّالِثَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ الرَّابِعُ: لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ سَهْوٍ، فَإِنْ حَصَلَ مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَإِنَّهَا تَسْجُدُ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاتِهَا الْقَبْلِيِّ قَبْلَ سَلَامِهَا وَالْبَعْدِيِّ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّهَا تُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ لِسَهْوِ الْإِمَامِ وَلَوْ سَهَا قَبْلَ دُخُولِهَا مَعَهُ، لَكِنْ تَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ.
[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ الصَّلَاةِ مَعَ قَسْمِ الْمَأْمُومِينَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْقَسْمِ بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا اشْتَدَّ) أَيْ زَادَ (الْخَوْفُ عَنْ ذَلِكَ) الْخَوْفُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُمْكِنُ مَعَهُ الْقَسْمُ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ نَدْبًا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَ (صَلَّوْا وُحْدَانًا بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ) وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ حَالَ كَوْنِهِمْ (مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا مَاشِينَ) عَلَى الْهِينَةِ (أَوْ سَاعِينَ) هَرْوَلَةً أَوْ جَرْيًا.
قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] حَالَةَ كَوْنِهِمْ (مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا) لِلضَّرُورَةِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ مَشْيٌ وَرَكْضٌ وَطَعْنٌ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ وَكَلَامٌ وَإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ، فَتَكُونُ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْبُطْلَانِ بِالْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَلَوْ سَهْوًا، وَتُسَمَّى صَلَاةَ الْمُسَايَفَةِ لِجَوَازِ الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ حَالَ فِعْلِهَا، وَفِي إيقَاعِ الصَّلَاةِ مَعَ تِلْكَ الْمُنَافَيَاتِ الْحَثُّ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا عَلَى أَيِّ حَالَةٍ يَقْدِرُ عَلَيْهَا الْمُصَلِّي، وَلَا يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا وَلَوْ كَانَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ.
(تَتِمَّةٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا انْجَلَى عَنْهُمْ الْعَدُوُّ فِي أَثْنَائِهَا بَعْدَ افْتِتَاحِهَا صَلَاةَ مُسَايَفَةٍ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَهَا صَلَاةَ أَمْنٍ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَكِنْ فُرَادَى؛ لِأَنَّهُمْ افْتَتَحُوهَا هَكَذَا، وَإِنْ افْتَتَحُوهَا صَلَاةَ قَسْمٍ فَكَيْفِيَّةُ إتْمَامِهَا: إنْ حَصَلَ الْأَمْنُ مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى قَبْلَ مُفَارَقَتِهَا لِلْإِمَامِ أَنْ تَدْخُلَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُتِمُّ بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ حَصَلَ مَعَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ يَصْبِرُ حَتَّى يَفْعَلَ الْإِمَامُ مَا فَعَلَهُ، هَذَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ فَعَلَ شَيْئًا، وَأَمَّا مَنْ كَمَّلَ صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ قَبْلَ حُصُولِ الْأَمْنِ فَلَا يُطَالَبُ بِرُجُوعٍ لِتَمَامِ صَلَاتِهِ، هَذَا حُكْمُ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْأَمْنُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسَايَفَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ الْخَوْفُ عَلَى صَلَاةِ الْأَمْنِ فَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُكْمِلُونَهَا عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِمْ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ مَعَ التَّفَرُّقِ وَلَا يَقْطَعُونَهَا، وَإِذَا تَمَكَّنَ الْإِمَامُ مِنْ قَسْمِهِمْ عَلَى تَفْصِيلِ بَيَانِهِ إنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ قَبْلَ فِعْلِ شَطْرِ الصَّلَاةِ أَشَارَ إلَى طَائِفَةٍ بِالْقَطْعِ تَذْهَبُ قُبَالَةَ الْعَدُوِّ وَيُكْمِلُ شَطْرَ الصَّلَاةِ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ أَشَارَ إلَيْهَا فَتَتِمُّ صَلَاتَهَا وَتَذْهَبُ قُبَالَةَ الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الَّتِي قَطَعَتْ تُصَلِّي مَعَهُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَإِنْ فَجَأَهُمْ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا وَعُقِدَ رُكُوعٌ مِنْ الشَّطْرِ الثَّانِي قَطَعَتْ طَائِفَةٌ وَأَتَمَّ بِالْبَاقِيَةِ فَإِذَا سَلَّمَ وَسَلَّمَتْ مَعَهُ تَذْهَبُ مَكَانَ الَّتِي قَطَعَتْ وَتُصَلِّي الَّتِي قُبَالَةَ الْعَدُوِّ فُرَادَى أَوْ بِإِمَامٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ أَمِنُوا بِهَا أُتِمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْأَمَانُ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَا تُعَادُ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا غَيْرِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ أَمِنُوا بِهَا أُتِمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ وَبَعْدَهَا لَا إعَادَةَ كَسَوَادٍ ظُنَّ عَدُوًّا فَظَهَرَ نَفْيُهُ.
[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]
وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مُشْبِهَةً بِصَلَاةِ الْخَوْفِ فِي السُّنِّيَّةِ نَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِبَهَا فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute