السُّدُسُ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ كَثُرُوا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ وَيَحْجُبُهُمْ عَنْ الْمِيرَاثِ الْوَلَدُ وَبَنُوهُ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ لِلْأَبِ.
وَالْأَخُ يَرِثُ الْمَالَ إذَا انْفَرَدَ كَانَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ وَالشَّقِيقُ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ وَإِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ فَأَكْثَرُ شَقَائِقَ أَوْ لِأَبٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَخِ ذُو سَهْمٍ بُدِئَ بِأَهْلِ السِّهَامِ وَكَانَ لَهُ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ يَكُونُ مَا بَقِيَ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِ السِّهَامِ إخْوَةٌ لِأُمٍّ قَدْ وَرِثُوا الثُّلُثَ وَقَدْ بَقِيَ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ إخْوَةٌ ذُكُورٌ أَوْ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ شَقَائِقُ مَعَهُمْ فَيُشَارِكُونَ كُلُّهُمْ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَهِيَ الْفَرِيضَةُ الَّتِي تُسَمَّى الْمُشْتَرِكَةَ وَلَوْ كَانَ مَنْ بَقِيَ إخْوَةٌ لِأَبٍ لَمْ
ــ
[الفواكه الدواني]
لَا يُعَصِّبُهَا، فَعَمَّتُهُ الَّتِي هِيَ فَوْقَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِنَّمَا كَانَ ابْنُ الِابْنِ يُعَصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مُطْلَقًا وَمَنْ فَوْقَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ دُونَ ابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ، لِشُمُولِ لَفْظِ الْبُنُوَّةِ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ، بِخِلَافِ لَفْظِ ابْنِ الْأَخِ.
[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ إرْثِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِلْأَبِ شَرَعَ فِي أُخُوَّةِ الْأُمِّ بِقَوْلِهِ: (وَمِيرَاثُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ سَوَاءٌ) وَهُوَ (السُّدُسُ لِكُلِّ وَاحِدٍ) عِنْدَ انْفِرَادِهِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَإِنَاثِهِمْ (وَإِنْ كَثُرُوا) بِأَنْ زَادُوا عَلَى الْوَاحِدِ (فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ) يَقْتَسِمُونَهُ (الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يُخَالِفُونَ غَيْرَهُمْ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَنَّ إرْثَ الْأُنْثَى مُسَاوٍ لِإِرْثِ الذَّكَرِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَأَنَّهُمْ لَا يَتَفَاضَلُونَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَأَنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلَى بِأُنْثَى، وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ مَنْ يُدَلُّونَ بِهِ، وَأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَهُ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ، ثُمَّ بَيَّنَ مَنْ يَحْجُبُهُمْ بِقَوْلِهِ: (وَيَحْجُبُهُمْ) أَيْ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ (عَنْ الْمِيرَاثِ) حِرْمَانًا (الْوَلَدُ) وَلَوْ أُنْثَى (وَبَنُوهُ) أَيْ الْوَلَدِ الذَّكَرِ وَإِنْ سَفَلُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (وَالْأَبُ وَالْجَدُّ لِلْأَبِ) وَإِنْ عَلَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَسَقَطَ بِابْنٍ وَابْنِهِ وَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ وَأَبٍ وَجَدٍّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ تُحْجَبُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ سِتَّةٍ: الِابْنُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: لِلْأَبِ عَنْ الْجَدِّ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ فَضْلًا عَنْ الْحَجْبِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَاصِبِ بِقَوْلِهِ: (وَالْأَخُ يَرِثُ الْمَالَ) كُلَّهُ (إذَا انْفَرَدَ) بِإِرْثِ الْمَيِّتِ إنْ (كَانَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ إنَّمَا يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَهُوَ السُّدُسُ إذَا انْفَرَدَ، أَوْ الثُّلُثَ إذَا تَعَدَّدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ عَمٍّ (وَ) الْأَخُ (الشَّقِيقُ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ سَاوَى غَيْرَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَزَادَ عَلَيْهِ بِوِلَادَةِ الْأُمِّ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ إلَّا إخْوَةَ الْأُمِّ (وَإِنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ لِلْمَيِّتِ (أَخٌ وَأُخْتٌ فَأَكْثَرُ شَقَائِقُ أَوْ لِأَبٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ الذَّكَرُ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْأَخِ) أَيْ جِنْسِ الْأَخِ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ (ذُو سَهْمٍ) كَزَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ ابْنَتِهِ (بُدِئَ بِأَهْلِ السِّهَامِ وَكَانَ لَهُ) أَيْ لِلْأَخِ (مَا بَقِيَ) مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ إنَّمَا يَأْخُذُ مَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ.
(وَكَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ الْأَخِ الْمُنْفَرِدِ عَنْ الْأَخَوَاتِ (يَكُونُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ أَصْحَابِ الْفَرْضِ (لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِلْأَبِ يَقْتَسِمُونَهُ (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ يَسْقُطُ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ (إلَّا) فِي مَسْأَلَةٍ فَلَا تَسْقُطُ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ وَهِيَ (أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِ السِّهَامِ إخْوَةٌ لِأُمٍّ قَدْ وَرِثُوا الثُّلُثَ) كَزَوْجٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ مَعَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ.
(وَقَدْ بَقِيَ) أَيْ وُجِدَ بَعْدَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ (أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ إخْوَةٌ ذُكُورٌ أَوْ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ شَقَائِقُ مَعَهُمْ) أَيْ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ (فَ) إنَّهُمْ لَا يَسْقُطُونَ وَيَرْجِعُونَ عَلَى الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَ (يُشَارِكُونَ كُلُّهُمْ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ وَهِيَ الْفَرِيضَةُ الَّتِي تُسَمَّى الْمُشْتَرِكَةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَصُورَتُهَا: زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ وَأَخَوَانِ فَصَاعِدًا لِأُمٍّ وَشَقِيقٍ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَيُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ: لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ نِصْفُهَا وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاثْنَانِ ثُلُثُهَا لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لِلْأَشِقَّاءِ.
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَوَّلِ عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ فَأَسْقَطَ الْأَشِقَّاءَ، وَوَقَعَ لَهُ نَظِيرُهَا فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ أَوَّلًا وَيُسْقِطَ الْأَشِقَّاءَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْأَشِقَّاءِ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مَطْرُوحًا فِي الْيَمِّ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُنَا؟ وَقِيلَ: الْقَائِلُ ذَلِكَ لِعُمَرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ وَجْهُ كَلَامِهِمْ شَرِكَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَقْضِ فِي الْعَامِ الْمَاضِي هَكَذَا؟ فَقَالَ: ذَلِكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي، وَلَا يُنْقَضُ أَحَدُ الِاجْتِهَادَيْنِ بِالْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمُشْتَرِكَةِ جَدٌّ لَسَقَطَتْ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُ الْأَشِقَّاءِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَرِثُونَ فِيهَا بِوِلَادَةِ الْأُمِّ وَالْجَدِّ يَسْقُطُ كُلُّ مَنْ يَرِثُ بِهَا، وَتُلَقَّبُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِشِبْهِ الْمَالِكِيَّةِ، لِلْجَدِّ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ الزَّوْجِ، وَالْأُمِّ لِسُقُوطِ إخْوَةِ الْأُمِّ بِهِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ: