للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَهُ

وَمَنْ اسْتَحَقَّ أَمَةً قَدْ وَلَدَتْ فَلَهُ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَقِيلَ يَأْخُذُهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ

ــ

[الفواكه الدواني]

خَاتِمَةٌ) إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ كَانَ لَازِمًا وَلَا يَجُوزُ تَعَقُّبُهُ وَلَوْ ظَهَرَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَيَمْلِكُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا بِسَرِقَتِهِ وَيُوجَدُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ وَيُنْقَضُ الصُّلْحُ، كَمَا يُنْقَضُ إذَا أَقَرَّ الظَّالِمُ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بَعْدَ وُقُوعِ الصُّلْحِ، فَإِنَّ لِلْمَظْلُومِ نَقْضُهُ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِلْمَظْلُومِ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِهَا، أَوْ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا، أَوْ وَجَدَ وَثِيقَةً بَعْدَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ أَوْ يُقِرَّ سِرًّا فَقَطْ عَلَى الْأَحْسَنِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ خَلِيلٌ، وَالشَّيْءُ الْمُصَالَحُ بِهِ يَحِلُّ لِمَنْ أَخَذَهُ إنْ كَانَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ إنْ كَانَ ظَالِمًا.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصُّلْحِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَةِ الْغَارَّةِ لِزَوْجِهَا بِقَوْلِهِ: (وَالْأَمَةُ الْغَارَّةُ) تَدْعُو رَجُلًا (تَتَزَوَّجُ) هـ (عَلَى) شَرْطِ (أَنَّهَا حُرَّةٌ) فَتَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةٌ لِشَخْصٍ لَا يُعْتَقُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ (فَلِسَيِّدِهَا أَخْذُهَا) وَلَهُ إبْقَاؤُهَا زَوْجَةً إنْ كَانَ أَذِنَ لَهَا فِي النِّكَاحِ وَفِي اسْتِخْلَافِ رَجُلٍ يَعْقِدُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إذْنٌ بِالنِّكَاحِ أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَأْذَنْ فِي اسْتِخْلَافِهَا مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا لَتَحَتَّمَ فَسْخُ نِكَاحِهَا. (وَ) يَجِبُ لَهُ (أَخْذُ قِيمَةِ الْوَلَدِ) مِنْ أَبِيهِ دُونَ مَالِهِ لِتَخَلُّقِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ.

وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ. (يَوْمَ الْحُكْمِ لَهُ) بِهَا قَالَ خَلِيلٌ: وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ فَقَطْ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ دُونَ مَالِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ إلَّا لِكَجَدِّهِ وَلَا وَلَاءَ لَهُ، وَالْأَمَةُ الْغَارَّةُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْقِنَّةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، لَكِنْ قِيمَةُ الْوَلَدِ تَخْتَلِفُ، فَوَلَدُ الْقِنَّةِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ، وَكَذَا وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ، بِخِلَافِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ فَتُقَوَّمُ عَلَى الْغَرَرِ، وَلِذَا قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَى الْغَرَرِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ وَالْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتُهُ إنْ قُتِلَ أَوْ غَرَّتْهُ أَوْ مَا نَقَصَهَا أَنَّ الْقِنَّةَ كَجُرْحِهِ، وَلِعَدَمِهِ تُؤْخَذُ مِنْ الِابْنِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَلَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ إلَّا قِسْطُهُ، وَوُقِفَتْ قِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنْ أَدَّتْ رَجَعَتْ إلَى الْأَبِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: اعْلَمْ أَنَّ لُزُومَ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَامٌّ فِي غُرُورِهَا أَوْ غُرُورِ سَيِّدِهَا أَوْ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي تَوَلَّى نِكَاحَهَا، وَفِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.

الثَّانِي: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَا يَجِبُ لِلْأَمَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْمَغْرُورِ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ خَلِيلٍ أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا وَاخْتَارَ الزَّوْجُ فِرَاقَهَا، وَأَمَّا إنْ اخْتَارَ الْبَقَاءَ عَلَى نِكَاحِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى، وَلَوْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأُمِّ قَالَ الْعَوْفِيُّ: وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ رَدِّهَا فَلَيْسَ لَهُ التَّمَاسُكُ بِهَا إلَّا بِجَمِيعِ الْمُسَمَّى، كَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِإِحْدَاهُمَا وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَقَدْ فَاتَتْ الْأُخْرَى وَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّهُ وَيَرُدُّ قِيمَةَ التَّالِفِ اُنْظُرْ الطِّخِّيخِيَّ، زَادَ الْأُجْهُورِيُّ عَقِبَهُ: وَإِنْ اخْتَارَ إمْسَاكَهَا فَلِيَسْتَبْرِئهَا؛ لِأَنَّهُ الْمَاءُ السَّابِقُ عَلَى الْإِجَارَةِ الْوَلَدُ فِيهِ حُرٌّ وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْهَا رَقِيقٌ، وَجَوَازُ إمْسَاكِهَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: خَوْفُ الْعَنَتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ، وَعَدَمُ الطَّوْلِ، وَوُقُوعُ النِّكَاحِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فَاسِدًا بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا وَيَجِبُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ لَهَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ وَلَوْ قَبَضَهُ سَيِّدُهَا لَرَدَّهُ قَهْرًا عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ.

الثَّالِثُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ هَلْ لِلزَّوْجِ رُجُوعٌ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ لَهَا أَمْ لَا؟ وَمُحَصِّلُهُ: إنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهَا وَكِيلَ سَيِّدِهَا وَتَعَدَّى بِغُرُورِ الزَّوْجِ وَلَكِنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ خَاصٍّ أَوْ صَدَرَ الْغُرُورُ مِنْهَا بِأَنْ قَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ لَهَا عَلَى أَحَدٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِلْعَقْدِ هُوَ الْغَارُّ وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا غَرِمَهُ لَهَا، وَقِيلَ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ.

الرَّابِعُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: فَلِسَيِّدِهَا أَخْذُهَا مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ الزَّوْجُ،؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْمَغْرُورِ حَيْثُ وَقَعَ عَقْدُهُ صَحِيحًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً دَلَّسَ عَلَيْهِ بَائِعُهَا يَعِيبُهَا، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِيهَا لِدَاعِي الْحَاجَةِ.

[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ لُغَةً إضَافَةُ الشَّيْءِ لِمَنْ يَصْلُحُ بِهِ وَلَدٌ فِيهِ حَقٌّ كَاسْتِحْقَاقِ هَذَا مِنْ الْوَقْفِ مَثَلًا بِوَصْفِ الْفَقْرِ أَوْ الْعِلْمِ، وَأَمَّا شَرْعًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَرَفْعُ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ، وَغَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى اسْتِحْقَاقًا؛ لِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكٍ لَا بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ كَمَا خَرَجَ الرَّفْعُ بِالْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ حُرِّيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ لِتَدْخُلَ صُورَةُ الِاسْتِحْقَاقِ بِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ فَقَالَ: (وَمَنْ اسْتَحَقَّ أَمَةً) مِنْ يَدِ حُرٍّ صَاحِبِ شُبْهَةٍ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ غَاصِبًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَوْ مَوْهُوبًا وَالْحَالُ أَنَّهَا (قَدْ وَلَدَتْ) عِنْدَهُ وَاسْتَمَرَّ وَلَدُهَا حَيًّا (فَلَهُ) أَيْ فَيَجِبُ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ (قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَتُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِيمَةُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَضَمِنَ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقَّةِ وَلَدُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، فَمَا صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا رَجَعَ إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>