للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَالِهَا، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي مَالِ الزَّوْجِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانَتْ مَلِيَّةً فَفِي مَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً فَفِي مَالِ الزَّوْجِ. .

ــ

[الفواكه الدواني]

فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْأَصْلِ الدَّانِي وَالْفَرْعِ الْقَرِيبِ وَالرَّقِيقِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» .

تَقُولُ الْمَرْأَةُ: إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي أَوْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ الْوَلَدُ: أَطْعِمْنِي إلَى مَنْ تَدْعُنِي، فَجَعَلَ الَّذِي يَعُولُهُ الشَّخْصُ زَوْجَتَهُ وَرَقِيقَهُ وَوَلَدَهُ، وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ مَنْ قَالَ: الْأَمْرُ الْفُلَانِيُّ وَقْفٌ عَلَى عِيَالِي، أَوْ هَذِهِ الْعُلُوفَةُ عَلَى الْعِيَالِ تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ فِي الْعِيَالِ، وَقَلَّ أَنْ يَعْرِفَهَا الطَّالِبُ مِنْ غَيْرِ هَذَا فَافْهَمْ. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ، وَالْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، وَلَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا، وَقَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهَا جَرَى فِي الْكَفَنِ خِلَافٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَاخْتُلِفَ فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.

(فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) كَفَنُهَا وَسَائِرُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهَا (فِي مَالِهَا) وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ إلَى قَوْلِهِ: لَا زَوْجِيَّةَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً لِانْقِطَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِمَوْتِهَا، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ مَالِهَا أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَى سَيِّدِهَا. (وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ) كَفَنُهَا، وَمُؤَنُ تَجْهِيزِهَا (فِي مَالِ زَوْجِهَا) إنْ كَانَ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ لَهَا النَّفَقَةُ لِبُلُوغِهِ وَيُسْرِهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الزَّوْجِيَّةِ لِجَوَازِ التَّغْسِيلِ وَالنَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ وَعُزِيَ لِمَالِكٍ، وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ: وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً (وَقَالَ سَحْنُونٌ: إنْ كَانَتْ غَنِيَّةً) بِحَيْثُ يُوجَدُ عِنْدَهَا مَا تُكَفَّنُ بِهِ (فَفِي مَالِهَا) كَسَائِرِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ. (وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً فَفِي مَالِ الزَّوْجِ) وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَفَّنَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَالِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا. (فَائِدَةٌ) سَحْنُونٌ: لُقِّبَ بِهِ لِحِدَّةِ فَهْمِهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَفِي سِينِهِ وَجْهَانِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: الْكَثِيرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْفَتْحُ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَالضَّمُّ.

١ -

(تَتِمَّاتٌ) الْأُولَى: سَكَتَ عَنْ كَفَنِ مَنْ يَلْزَمُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ سِوَى الزَّوْجَةِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّفَقَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ، وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ حُرًّا، وَلِذَلِكَ لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَرَقِيقُهُ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَ السَّيِّدِ إلَّا مَا يُكَفِّنُ أَحَدَهُمَا قُدِّمَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ سَيِّدِهِ.

١ -

الثَّانِيَةُ: لَوْ مَاتَ أَبُو شَخْصٍ أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَلَدُهُ وَنَفَقَةُ كُلٍّ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَعَجَزَ عَنْ تَكْفِينِ الْجَمِيعِ فَحُكْمُهُ كَالنَّفَقَةِ، فَيُقَدَّمُ الْوَلَدُ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ بِالْأَصَالَةِ، وَيَنْظُرُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَى عَلَى تَكْفِينِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ بَعْضِ الْأَوْلَادِ، وَمُقْتَضَى الْإِجْرَاءِ عَلَى النَّفَقَةِ تَقْدِيمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَالْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، وَالصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ.

وَيَظْهَرُ الِاقْتِرَاعُ عِنْدَ تَسَاوِي الْوَلَدَيْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا مَا يُكَفِّنُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْكَفَنُ الْمَوْجُودُ لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ يَكْفِي فِي السَّتْرِ الْوَاجِبِ، وَإِلَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَحَرِّرْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا.

الثَّالِثَةُ: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَمْلُوكِ الْبَهِيمِيِّ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ عَلَفُهُ الْمُعْتَادُ، وَلَوْ بِالشِّرَاءِ أَوْ يَبْعَثُهُ لِلْمَرْعَى، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُكَلِّفَهُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُهُ، فَإِنْ لَمْ يُطْعِمْهُ أَوْ كَلَّفَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُهُ بِيعَ عَلَيْهِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَأَمَّا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ بَيْعِهِ أَوْ ذَبْحِهِ.

١ -

الرَّابِعَةُ: لَمْ يَتَكَلَّمْ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ كَرْمٌ أَوْ زَرْعٌ يَحْتَاجُ إلَى سَقْيٍ بِحَيْثُ يَتْلَفُ بِتَرْكِهِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ، إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ وَلَوْ بِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَلَمْ يَثْبُتْ نَصٌّ بِبَيْعِهِ.

[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَقَائِدِ الْإِيمَانِ وَبَقِيَّةِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَأَحْكَامِ الذَّبَائِحِ وَالْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالْجِهَادِ وَالْأَنْكِحَةِ، وَمَا يَطْرَأُ لَهَا مِنْ طَلَاقٍ وَعِدَّةٍ وَسُكْنَى وَنَفَقَةٍ، شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْمُعَامَلَاتِ بِقَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>