. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الفواكه الدواني]
وَالسُّرُورِ» فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ يَوْمَ الْعِيدِ تَقَشُّفًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ رَغْبَةً عَنْهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.
١ -
(وَيُسْتَحَبُّ) أَيْضًا (الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ) أَيْ الذَّهَابِ إلَى الْمُصَلَّى (يَوْمَ) عِيدِ (الْفِطْرِ) وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَلَى تَمَرَاتٍ وِتْرًا إنْ أَمْكَنَ لِيُقَارِنَ أَكْلُهُ إخْرَاجَ زَكَاةِ فِطْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلِيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَائِمًا، وَأَمَّا يَوْمُ النَّحْرِ فَالْأَفْضَلُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ لِيُفْطِرَ عَلَى كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفَطَرَ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ خَلِيلٌ مُشِيرًا إلَى جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ بِقَوْلِهِ: وَنُدِبَ إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ وَغُسْلٌ بَعْدَ الصُّبْحِ وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ وَفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إحْيَاءُ لَيْلَةِ الْعِيدِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَفِي حَدِيثٍ: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِي الْأَرْبَعَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» وَهِيَ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةُ عَرَفَةَ وَلَيْلَةُ الْفِطْرِ وَلَيْلَةُ النَّحْرِ، وَمَعْنَى لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ لَمْ يَتَحَيَّرْ عِنْدَ النَّزْعِ وَلَا عَلَى الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ لَمْ يَمُتْ فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَالْإِحْيَاءُ يَحْصُلُ بِالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ وَلَوْ فِي مُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ السُّؤَالُ عَنْ الْإِحْيَاءِ هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لِمُجَرَّدِ ابْتِغَاءِ الثَّوَابِ الْأُخْرَوِيِّ أَوْ وَلَوْ خَالَطَهُ قَصْدُ الدُّنْيَا كَقِرَاءَةِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْأَنْسَبُ بِمَقَامِ الْكَرِيمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ثَوَابُ الْأَوَّلِ أَعْظَمَ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ.
(خَاتِمَةٌ) تَشْتَمِلُ عَلَى مَسَائِلَ حِسَانٍ مِنْهَا: مَا سُئِلَ عَنْهُ الْإِمَامُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ يَوْمَ الْعِيدِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك، يُرِيدُ الصَّوْمَ وَفِعْلَ الْخَيْرِ الصَّادِرِ فِي رَمَضَانَ، غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَك فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ وَلَا أُنْكِرُهُ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَعْنَاهُ لَا يَعْرِفُهُ سُنَّةً وَلَا يُنْكِرُهُ عَلَى مَنْ يَقُولُهُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ، حَتَّى قَالَ الشَّيْخُ الشَّبِيبِيُّ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ الْفِتَنِ وَالْمُقَاطَعَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي الْقِيَامِ لِمَنْ يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّاسِ لِبَعْضِهِمْ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ: عِيدٌ مُبَارَكٌ، وَأَحْيَاكُمْ اللَّهُ لِأَمْثَالِهِ، وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ كُلِّ ذَلِكَ، بَلْ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمَا بَعُدَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِإِظْهَارِ الْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ لِبَعْضِهِمْ،
وَمِنْهَا: مَا سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ سَحْنُونٍ مِنْ اجْتِمَاعِ النَّاسِ بِأَطْعِمَتِهِمْ عِنْدَ كَبِيرِهِمْ وَيَفْعَلُونَهُ كَثِيرًا فِي الْأَرْيَافِ عِنْدَ الْفِطْرِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَيَوْمَ الْعِيدِ فَقَالَ: مَكْرُوهٌ وَعَلَّلَ الْكَرَاهَةَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ غَالِبًا مِنْ الْغِيبَةِ وَبِالرِّيَاءِ لِإِمْكَانِ أَكْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ، وَأَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِهِ جَوَازُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْمَحَبَّةِ وَجَلْبِ الْمَوَدَّةِ الْمَطْلُوبَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا دَعْوَى الرِّيَاءِ فَلَا تَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَحَدٌ الْمُبَايَعَةَ وَالْمُعَارَضَةَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ، وَمَا أَحْسَنُ قَوْلِ الْجُزُولِيِّ: وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ، وَأَمَّا الْغِيبَةُ فَلَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَلَا مَظْنُونَةٍ وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ مِنْهَا.
[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]
ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يُشْبِهُ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute