للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأُمِّ وَلَدِهِ.

وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا أَوْ يُدْعَى إلَى الدُّخُولِ وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا.

[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ وَهُوَ أَنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

وَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَلَهُ ضَرْبُهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ بِأَنْ لَا يَكْسِرَ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ لَحْمًا، وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي أَنَّهُ ضَرَبَهَا لِوَجْهٍ، كَمَا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي ضَرْبِ الْعَبْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ائْتَمَنَ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ وَالسَّادَاتِ عَلَى الْعَبِيدِ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ وَحِرْصًا عَلَى الْإِفَادَةِ.

وَلَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَاتِ مُشَارِكًا لِلْقَسْمِ فِي الْوُجُوبِ قَالَ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْمُوسِرِ وَلَوْ عَبْدًا (النَّفَقَةُ) وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: يَجِبُ لِمُمَكَّنَةِ مُطِيقَةِ الْوَطْءِ عَلَى الْبَالِغِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا (السُّكْنَى) وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى (بِقَدْرِ وُجْدِهِ) أَيْ وُسْعِهِ أَيْ الزَّوْجِ وَحَالِ الْمَرْأَةِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا وَالسِّعْرِ وَإِنْ أَكُولَةً، وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَتَقَوَّى بِهِ إلَّا الْمَرِيضَةُ وَقَلِيلَةُ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا مَا تَأْكُلُ، وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِشُرْبِهَا وَطَهَارَتِهَا، وَالزَّيْتُ وَالْحَطَبُ وَالْمِلْحُ وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ، وَالْحَصِيرُ وَالسَّرِيرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ وَالزِّينَةُ الَّتِي تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهَا كَالْكُحْلِ وَالدُّهْنِ الْمُعْتَادَيْنِ، وَالْإِخْدَامُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مَلِيًّا وَهِيَ أَهْلٌ لِلْإِخْدَامِ أَوْ كَانَ مَلِيًّا، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْدِمَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا الدَّوَاءُ لِمَرَضِهَا وَلَا أُجْرَةُ نَحْوِ الْحِجَامَةِ وَلَا الْمُعَالَجَةُ فِي الْمَرَضِ وَلَا كِسْوَتُهَا الْحَرِيرَ وَلَا ثِيَابُ الْمَخْرَجِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مُطْلَقًا عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْمُوسِرِ، سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، صَحِيحَةً أَوْ مَرِيضَةً، وَلَوْ ذَاتَ مَانِعٍ مِنْ الْوَطْءِ كَرَتَقٍ أَوْ جُذَامٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُهَا.

الثَّانِي: الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ قَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، الزَّوْجَةُ تَقُولُ: إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي» وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِهَا، فَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي الْوَاجِبِ فَقِيلَ الْأَعْيَانُ لَا الْأَثْمَانُ، وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُ خَلِيلٍ: يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ قُوتٌ وَإِدَامٌ وَهُوَ وَجِيهٌ فِي النَّظَرِ، إذْ قَدْ تَتَعَذَّرُ الْأَثْمَانُ عَلَى الزَّوْجِ وَذَلِكَ كَأَهْلِ الْبَوَادِي وَالْقُرَى، وَأَيْضًا الْقَصْدُ تَحْصِيلُ مَا بِهِ قِوَامُ الْآدَمِيِّ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْقَسْمَ إنَّمَا يَجِبُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالسَّرَارِي الْمَوْطُوآتِ بِالْمِلْكِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا قَسْمَ) وَاجِبٌ عَلَى السَّيِّدِ (فِي الْمَبِيتِ لِأَمَتِهِ) الْقِنِّ (وَلَا لِأُمِّ وَلَدِهِ) لِأَنَّ الرَّقِيقَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا لِلْمَمْلُوكِ عَلَى السَّيِّدِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ الْخِدْمَةُ الَّتِي يُطِيقُهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَلَوْ تَضَرَّرَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَاحْتَاجَتْ لِلزَّوَاجِ لَا يُجْبَرُ سَيِّدُهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَجِبُ لِلشَّخْصِ وَمِنْ حَقِّهِ، وَالْوَطْءُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِهِ فَافْهَمْ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شُرَّاحُ خَلِيلٍ.

ثُمَّ بَيَّنَ شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا) وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ بِهَا مَانِعٌ مِنْ رَتَقٍ وَنَحْوِهِ: (أَوْ يُدْعَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ لِيُدْعَى وَفَاعِلُ يَدْخُلَ (الزَّوْجُ) عَلَى طَرِيقِ التَّنَازُعِ وَصِلَةُ يُدْعَى (إلَى الدُّخُولِ وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا) وَالزَّوْجُ بَالِغٌ وَمُوسِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَهَا النَّفَقَةُ بِشَرْطِ بُلُوغِ الزَّوْجِ وَيُسْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ لِصِغَرِهَا أَوْ مَرَضِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ إذَا دُعِيَتْ إلَى الدُّخُولِ مَعَ إطَاقَتِهَا وَبُلُوغِ الزَّوْجِ، لَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ لِصِغَرِهَا أَوْ مَرَضِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا مَانِعٌ مِنْ رَتَقٍ وَنَحْوِهِ أَوْ اشْتَدَّ مَرَضُهَا بِحَيْثُ أَخَذَتْ فِي السِّيَاقِ وَالدَّعْوَى إلَى الدُّخُولِ إمَّا مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا فَيَكْفِي فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ طُلِبَتْ لِلدُّخُولِ لَمُكِّنَتْ، وَلَا يُشْتَرَطُ طَلَبُهَا بِالْفِعْلِ لِتَعَذُّرِهِ عَلَيْهَا فِي غَيْبَةِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَلِيِّهِ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا لِأَنَّهَا الْمُسَلِّطَةُ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ وَلِيُّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ نَفَقَةَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَجِبُ بِشَرْطَيْنِ: بُلُوغُ الزَّوْجِ، وَيُسْرُهُ، وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَرْبَعِ شُرُوطٍ: بُلُوغُ الزَّوْجِ، وَإِطَاقَتُهَا، وَالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ، وَيُسْرُ الزَّوْجِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِطَاقَةِ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ الْوَطْءِ، وَالدَّعْوَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا بَيَّنَّا.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنَّفُ عَنْ الْوَاجِبِ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْوَاجِبَ لَهَا، وَبَيَّنَ خَلِيلٌ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا لِلرَّجُلِ بِقَوْلِهِ: وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ الصَّحْرَاءِ إنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>