يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ.
وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ.
وَيُحَدُّ قَاذِفُ الصَّبِيَّةِ بِالزِّنَا إنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ.
وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُ الصَّبِيِّ.
وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي قَذْفٍ وَلَا وَطْءٍ.
وَمَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ نَسَبِهِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَفِي التَّعْرِيضِ الْحَدُّ.
وَمَنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
الْأَشَدِّيَّةِ؟ .
[بَاب القذف]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى اللِّوَاطِ شَرَعَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةً لِأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَهُوَ الْكَذِبُ وَالْقَذْفُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالْمُوبِقَاتِ وَلِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ الْحَدَّ، وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَذْفُ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًى، أَوْ قَطْعُ نَسَبٍ، أَوْ نِسْبَتُهُ لِزِنًى، وَشَرْطُ الْمَقْذُوفِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ إنْ كَانَ الْقَذْفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْقَذْفُ بِرَمْيِهِ بِالزِّنَا فَشَرْطُهُ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْعِفَّةُ وَالْآلَةُ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَقَالَ: (وَ) يَتَرَتَّبُ (عَلَى الْقَاذِفِ) الْعَاقِلِ الْبَالِغِ (الْحُرِّ) وَإِنْ سَكْرَانَ (ثَمَانُونَ) جَلْدَةً وَإِنْ كَرَّرَ الْقَذْفَ لِوَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ: يَا زُنَاةُ، لَا إنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ قَالَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] فَأَغْنَى ذِكْرُ النِّسَاءِ عَنْ ذِكْرِ الرِّجَالِ، وَقَوْلُنَا: وَلَوْ سَكْرَانَ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ السَّكْرَانَ سُكْرًا حَرَامًا تَلْزَمُهُ جِنَايَاتُهُ.
(وَعَلَى الْعَبْدِ) وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ (أَرْبَعُونَ) جَلْدَةً (فِي الْقَذْفِ وَ) يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْأَوْلَى وَعَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لِلضَّمِيرِ (خَمْسُونَ فِي الزِّنَا) وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيَجْمَعَهُ مَعَ نَظِيرِهِ فِي التَّشْطِيرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَالْعَبْدُ مَقِيسٌ عَلَى الْأَمَةِ،
وَلَمَّا كَانَتْ الْمَعَرَّةُ اللَّاحِقَةُ بِالْقَذْفِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا إسْلَامُ الْقَاذِفِ قَالَ: (وَالْكَافِرُ) الْحُرُّ كَالْمُسْلِمِ (يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ) وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ الْقَذْفُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، هَكَذَا عُزِّيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْحَرْبِيِّ، وَإِنْ قَذَفَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يُلْغِي الْجَلْدَ السَّابِقَ وَيُبْتَدَأُ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسِيرًا فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ وَيُبْتَدَأُ لِلْقَذْفِ الثَّانِي.
قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ قَذَفَ فِي الْحَدِّ اُبْتُدِئَ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْذُوفُ ثَانِيًا هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ.
ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى بَعْضِ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا كَمَا هُوَ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ فَقَالَ: (وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ) حَيْثُ قَذَفَهُمَا بِنَفْيِ نَسَبِهِمَا عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ، لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ شَرْطَ حَدِّ الْقَاذِفِ بِهِ حُرِّيَّةُ الْمَقْذُوفِ وَإِسْلَامُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحَدِّ نَفْيِ الْأَدَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَوَا الرَّقِيقِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَإِلَّا حُدَّ، وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي ذَلِكَ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ: لَسْت لِأَبِيك ضُرِبَ سَيِّدُهُ الْحَدَّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِي أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ، فَلَوْ كَانَ أَبَوَاهُ قَدْ مَاتَا وَلَا وَارِثَ لَهُمَا أَوْ لَهُمَا وَارِثٌ فَإِنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحِدَّ سَيِّدَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ قَذَفَهُمَا بِالزِّنَا فَالْحَدُّ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(وَيُحَدُّ قَاذِفُ الصَّبِيَّةِ بِالزِّنَا) كَأَنْ يَقُولَ لَهَا: فُلَانٌ زَنَى بِك أَوْ يَا زَانِيَةُ.
(إنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ) لِلُّحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُطِيقَةِ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهَا لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ.
(وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُ الصَّبِيِّ) بِأَنَّهُ زَانٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُرَاهِقًا بِخِلَافِ لَوْ قَذَفَهُ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ كَانَ مُطِيقًا بِالْأَوْلَى مِنْ حَدِّهِ بِرَمْيِهِ الْأُنْثَى لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ،
[شُرُوط حَدّ القذف]
وَأَشَارَ إلَى بَعْضِ شُرُوطِ حَدِّ الْقَاذِفِ بِذِكْرِ الضِّدِّ بِقَوْلِهِ: (وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي قَذْفٍ) لِغَيْرِهِ بِزِنًى أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ.
(وَلَا) فِي شُرْبِ خَمْرٍ وَلَا (وَطْءٍ) لِأَنَّ وَطْأَهُ لَا يُسَمَّى زِنًا، وَكَمَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ لَا حَدَّ عَلَى مَوْطُوئِهِ وَلَوْ بَالِغًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْأَدَبُ، كَمَا يَلْزَمُ وَلِيَّ الصَّبِيِّ تَأْدِيبُهُ اسْتِصْلَاحًا لِحَالِهِ لَا لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الصَّبِيِّ.
وَلَمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ شَرْطَ الْمَقْذُوفِ بِهِ إمَّا نَفْيُ النَّسَبِ أَوْ النِّسْبَةُ لِلزِّنَى قَالَ: (وَمَنْ نَفَى) مِنْ كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا (رَجُلًا) حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ امْرَأَةً كَذَلِكَ وَلَوْ صَغِيرَيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ (مِنْ نَسَبِهِ) أَيْ قَطَعَ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ لَا عَنْ عَمِّهِ.
(فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) إذَا كَانَ نَسَبُهُ مَعْلُومًا وَكَانَ حُرًّا مُسْلِمًا وَلَوْ كَانَ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ.
قَالَ الشَّاذِلِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَوَجُّهِ الْحَدِّ عَلَى النَّافِي أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ عَنْ أَبَوَيْهِ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهُمَا، بَلْ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ لَوَجَبَ الْحَدُّ لِلْمَنْفِيِّ لَا لَهُمَا.
نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْفِيُّ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَأَمَّا لَوْ نَفَاهُ عَنْ أُمِّهِ أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفِ النَّسَبِ الْمَنْبُوذِ يَرْمِيهِ بِنَفْيِ النَّسَبِ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِلْمَنْبُوذِ: يَا ابْنَ الزِّنَا أَوْ يَا مَنْفِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ مِمَّا يَقْتَضِي، نَفْيَ نَسَبِهِ عَنْ مُطْلَقِ أَبٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَبْذِهِ كَوْنُهُ ابْنَ زِنًا، هَذَا مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنَّ مَنْ قَالَ لِلْمَنْبُوذِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فَإِنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ ضَعَّفَهُ،
وَلَمَّا كَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَذْفِ صَرِيحُ اللَّفْظِ قَالَ: (وَفِي التَّعْرِيضِ) وَهُوَ التَّعْبِيرُ عَنْ الشَّيْءِ بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ