للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَاةٍ

ثُمَّ يَنْحَرُ إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ

ثُمَّ يَحْلِقُ

ثُمَّ يَأْتِي الْبَيْتَ فَيُفِيضُ وَيَطُوفُ سَبْعًا وَيَرْكَعُ

ثُمَّ يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

فَإِذَا

ــ

[الفواكه الدواني]

وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، بِخِلَافِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الْمَشْيُ، وَيَجْعَلُ الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَقِيلَ يُمْسِكُهَا بِإِبْهَامِهِ وَالْوُسْطَى. (وَيُكَبِّرُ) : نَدْبًا (مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) : كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يُنْدَبُ تَتَابُعُهَا وَلَقْطُهَا.

[شُرُوطِ الرَّمْيِ] ١

(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشُرُوطِ الرَّمْيِ وَمُحَصِّلُهَا أَنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: شَرَائِطُ صِحَّةٍ: وَشَرَائِطُ كَمَالٍ، فَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ كَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا كَرُخَامٍ أَوْ بِرَامٍ فَلَا يَصِحُّ بِطِينٍ وَلَا مَعْدِنٍ، وَكَوْنُ إيصَالِ الْحَصَاةِ إلَى الْجَمْرَةِ بِوَاسِطَةِ الرَّمْيِ وَكَوْنُ الرَّمْيِ بِالْيَدِ، فَلَا يَصِحُّ بِقَوْسٍ وَلَا بِرِجْلٍ وَلَا بِفَمٍ، وَأَنْ يَرْمِيَ كُلَّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا، فَإِنْ رَمَى بِالسَّبْعِ مَرَّةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِوَاحِدٍ، وَتُرَتَّبُ الْجَمَرَاتُ الثَّلَاثُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ، وَشَرَائِطُ الْكَمَالِ: الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ حَطِّ الرَّحْلِ وَإِثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالتَّكْبِيرُ حَالَ الرَّمْيِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ فِيمَا بَيْنَهَا وَلَقْطُ الْحَصَيَاتِ فَلَا يَكْسِرُ حَجَرًا كَبِيرًا وَيَرْمِي بِهِ، وَطَهَارَةُ الْحَصَيَاتِ فَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمُتَنَجِّسٍ، كَمَا يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمَا رَمَاهُ الْغَيْرُ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ الرَّمْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي.

الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ تَخْتَصُّ بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ: صِحَّةُ رَمْيِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ رَمْيِ غَيْرِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَا يُرْمَى فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَّا هِيَ، وَلَا يُوقَفُ عِنْدَ رَمْيِهَا لِلدُّعَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَرَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا.

١ -

الثَّالِثُ: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ، فَالْأَكْبَرُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالْأَصْغَرُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِهِ غَيْرُ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَيُكْرَهُ مَعَهُ مَسُّ الطِّيبِ، وَمِثْلُ رَمْيِهَا بِالْفِعْلِ فَوَاتُ وَقْتِ أَدَائِهَا وَهُوَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ قَضَاءٌ

. (ثُمَّ) : بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (يَنْحَرُ) : أَوْ يَذْبَحُ (إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ) : بِمِنًى وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا لَكِنْ بِشَرْطِ إنْ كَانَ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ وَلَوْ لِنَقْصٍ فِي عُمْرَةٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ كَانَ جَزَاءَ صَيْدٍ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ فِي أَيَّامِ مِنًى، فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَيَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ وَكَانَ الذَّبْحُ بِأَيَّامِهَا، وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَمِنًى كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ إلَّا مَا وَرَاءَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى، وَلَا يَنْتَظِرُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ نَحْرَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِنًى صَلَاةُ عِيدٍ، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي كَلَامِهِ وَإِنَّمَا قَدَّمْنَاهُ لِلْمُنَاسِبَةِ.

١ -

(تَنْبِيهٌ) : لَوْ خَالَفَ الشَّخْصُ بِأَنْ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا مَحَلُّهُ مَكَّةَ أَوْ عَكْسُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ نَحَرَ فِي مَكَّةَ مَا يُطْلَبُ نَحْرُهُ فِي مِنًى أَجْزَأَ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّحْرِ فِي مِنًى عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ، وَأَمَّا لَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا يُطْلَبُ فِعْلُهُ فِي مَكَّةَ فَلَا يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْوَةِ: «هَذَا النَّحْرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقُهَا مَنْحَرٌ»

. (ثُمَّ) : بَعْدَ النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ (يَحْلِقُ) : وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ بِالْمُزِيلِ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ بَعْضِ الشَّعْرِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَيُجْزِئُ التَّقْصِيرُ إلَّا أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِنَّ التَّقْصِيرُ وَلَوْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ

[طَوَافَ الْإِفَاضَةِ]

. (ثُمَّ) : بَعْدَ الْحَلْقِ فِي مِنًى (يَأْتِي الْبَيْتَ) : الشَّرِيفَ (فَيُفِيضُ وَ) : مَعْنَى يُفِيضُ أَنَّهُ (يَطُوفُ) : بِهِ (سَبْعًا) : وَيُسَمَّى ذَلِكَ الطَّوَافُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: ١٩٨] وَلَا رَمَلَ فِي هَذَا الطَّوَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الرَّمَلِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَتَقَدَّمَتْ شُرُوطُ الطَّوَافِ مُطْلَقًا.

(وَ) : يُطْلَبُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ (يَرْكَعَ) : قَبْلَ نَقْضِ طَهَارَتِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ.

١ -

(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ الْبَابِ أَنَّهُ رُكْنٌ بَلْ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِقُرْبِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَا يُشْكِلُ بِالْحَجِّ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ آخِرُ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَسَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَبِالْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ يَحِلُّ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ كَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ.

١ -

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: مَرْتَبَةً الرَّمْيَ فَالنَّحْرَ فَالْحَلْقَ فَالطَّوَافَ، لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِي مِنًى وَالرَّابِعَ فِي مَكَّةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ رَكِبَ إلَى الْبَيْتِ فَأَفَاضَ وَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا التَّرْتِيبِ مُخْتَلِفٌ، فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَعَلَى الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ، فَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْي أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ دَمٌ، بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الذَّبْحِ عَنْ الرَّمْيِ أَوْ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ فَمَنْدُوبٌ، كَتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ عَنْ الذَّبْحِ، وَمَا وَرَدَ: «مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَارُوا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَقَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» فَمَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>