للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ تُرَجِّعُ بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِك أَوَّلَ مَرَّةٍ فَتُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَتَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِنْ كُنْت فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ زِدْت هَهُنَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ نِدَاءِ الصُّبْحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً

[صفة الْأَذَان]

وَالْإِقَامَةُ وِتْرٌ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْأُجْهُورِيُّ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَالْمَفْعُولِ عِنْدَ الْوَقْتِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَأَذَانَيْ الْجُمُعَةِ لَا إنَّ مَجْمُوعَهُمَا سُنَّةٌ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الصِّفَةِ بِقَوْلِهِ: (وَالْأَذَانُ) صِفَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ أَنْ تَقُولَ: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مَرَّتَيْنِ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَكْبَرَ وَمَدِّ الْجَلَالَةِ مَدًّا طَبِيعِيًّا حَتَّى يَحْصُلَ الْإِسْمَاعُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ بِإِبْدَالِ هَمْزَةِ أَكْبَرَ وَاوًا، كَمَا لَا يَبْطُلُ جَمْعَهُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ بِالْأُولَى مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِذَلِكَ، وَأَكْبَرُ بِمَعْنَى كَبِيرٌ عَلَى حَدِّ: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ بِمَعْنَى عَالِمٌ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ كَبِيرٍ بِحَسَبِ زَعْمِ الزَّاعِمِ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) أَيْ أَتَحَقَّقُ وَأُذْعِنُ أَنْ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَيُكَرِّرُهَا فَيَقُولُ أَيْضًا: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) ثُمَّ يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالرِّسَالَةِ مَرَّتَيْنِ أَيْضًا فَيَقُولُ: (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ رَسُولُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ فَنَصْبُهُ يُصَيِّرُهُ بَدَلًا وَيَكُونُ سَاكِنَ الْكَلِمَاتِ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَّةَ جَزَمَ الْأَذَانِ وَشُيُوخُ الْقَيْرَوَانِ إعْرَابَهُ وَالْجَمْعُ جَائِزٌ فَيَتَخَلَّصُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِقْهًا أَنَّ عَدَمَ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِنَصَبِ الْمَرْفُوعِ وَلَا بِرَفْعِ الْمَنْصُوبِ، لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِاللَّحْنِ فِي الْفَاتِحَةِ فَكَيْفَ بِالْأَذَانِ؟ (ثُمَّ) بَعْدَ تَكْرِيرِ الشَّهَادَتَيْنِ يُسَنُّ أَنْ تَرْجِعَ مِنْ التَّرْجِيعِ بِأَنْ تُعِيدَ لَفْظَهُمَا فَتَقُولَ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) مَرَّتَيْنِ كَمَا فَعَلْت أَوَّلًا (أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) مَرَّتَيْنِ أَيْضًا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَكْرِيرِ التَّشَهُّدِ أَرْبَعًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَلَا يُرَجِّعُ الْأُولَى قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا سُنَّ التَّرْجِيعُ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ أَبَا مَحْذُورَةَ، وَحِكْمَةُ طَلَبِهِ إمَّا لِتَدَبُّرِ مَعْنَى كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخِلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِمَّا إغَاظَةِ الْكُفَّارِ، أَوْ لِمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ أَخْفَى صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَوْفِيقِهِ لِلْإِسْلَامِ مِنْ شِدَّةِ بُغْضِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَاهُ وَعَرَكَ أُذُنَهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ، وَإِذَا رَجَّعْت تَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ (بِأَرْفَعِ مِنْ صَوْتِك) بِهِمَا (أَوَّلَ مَرَّةٍ) قَالَ الْإِمَامُ أَشْهَبُ: يَرْفَعُ غَايَةَ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ يَتْرُكُ مِنْ غَايَتِهِ شَيْئًا فِي الشَّهَادَتَيْنِ، ثُمَّ إذَا رَجَّعَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ التَّرْجِيعِ حَتَّى يُسَاوِيَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَدَّ الْإِمْكَانِ وَيُخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُ إسْمَاعَ النَّاسِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهَا عِنْدَ التَّرْجِيعِ بِحَيْثُ يُسَاوِي صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ خَلِيلٌ: عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِسْمَاعِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْأَذَانُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ التَّرْجِيعَ سُنَّةٌ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهِ سُنَّةً عَدَمُ بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِتَرْكِهِ، ثُمَّ بَعْدَ التَّرْجِيعِ تَقُولُ بِصَوْتِك الَّذِي ابْتَدَأَتْ بِهِ: (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) تُكَرِّرُهَا مَرَّتَيْنِ، وَحَيَّ اسْمُ فِعْلِ أَمْرٍ مَعْنَاهُ هَلُمُّوا وَأَقْبِلُوا عَلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَقُولُ: (حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) مَرَّتَيْنِ أَيْضًا بِمَعْنَى هَلُمُّوا عَلَى الْفَلَاحِ أَيْ عَلَى مَا فِيهِ فَلَاحُكُمْ وَهُوَ الْفَوْزُ بِالنَّعِيمِ (فَإِنْ كُنْت فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ زِدْت هَا هُنَا) أَيْ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) مَرَّتَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهُوَ مُثَنًّى وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الْمَشْرُوعَةُ فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ خَاصَّةً، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِأَنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ؟ وَمَشْرُوعِيَّتُهَا فِي الصُّبْحِ صَادِرٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِمَنْ جَاءَ يُؤَذِّنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ لَهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ حَيْثُ اسْتَعْمَلَ أَلْفَاظَ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا، كَمَا كَرِهَ مَالِكٌ التَّلْبِيَةَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ، وَمَعْنَى: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ أَنَّ التَّيَقُّظَ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الْحَاصِلَةِ بِالنَّوْمِ، وَالصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِزِدْت لَتَأَوُّلِهَا بِمُفْرَدٍ وَهُوَ هَذَا اللَّفْظُ، وَقَوْلُهُ: (تَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ نِدَاءِ الصُّبْحِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ: فَإِنْ كُنْت فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ، ثُمَّ تَخْتِمُ الْأَذَانَ بِقَوْلِك: (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مَرَّتَيْنِ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) تَقُولُهَا (مَرَّةً وَاحِدَةً) وَهَذِهِ الصِّفَةُ هِيَ الَّتِي عَلَّمَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي مَحْذُورَةَ وَعَلَيْهَا السَّلَفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>