للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ وَلَيْسَ الِاسْتِنْجَاءُ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُوصَلَ بِهِ الْوُضُوءُ لَا فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ وَلَا فِي فَرَائِضِهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ إيجَابِ زَوَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ أَوْ بِالِاسْتِجْمَارِ لِئَلَّا يُصَلِّيَ بِهَا فِي جَسَدِهِ وَيُجْزِئُ فِعْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَكَذَلِكَ غَسْلُ الثَّوْبِ النَّجِسِ،

[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

وَصِفَةُ

ــ

[الفواكه الدواني]

[بَاب صفة الْوُضُوء وَمَسْنُونه وَمَفْرُوضه وذكر الِاسْتِنْجَاء وَالِاسْتِجْمَار]

(بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ) وَهُوَ طَهَارَةٌ مَائِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِأَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ.

(وَ) بَيَانُ (مَسْنُونِهِ) وَهُوَ مَا يَطْلُبُ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ (وَ) بَيَانُ (مَفْرُوضِهِ) وَهُوَ مَا يُطْلَبُ طَلَبًا جَازِمًا. فَإِنْ قِيلَ: الْوُضُوءُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ فَكَيْف عَطَفَهُمَا عَلَيْهِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْمُفَصَّلِ عَلَى الْمُجْمَلِ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ هَكَذَا قَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَأَقُولُ: هَذَا الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَسْنُونَهُ وَمَفْرُوضَهُ مَعْطُوفَانِ عَلَى لَفْظِ الْوُضُوءِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَمْيِيزِهِ السُّنَّةَ مِنْ الْفَرِيضَةِ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ: وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ وَبَاقِيه فَرِيضَةٌ، أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ مَعْطُوفَانِ عَلَى صِفَةِ الْوُضُوءِ لَا عَلَى الْوُضُوءِ، وَتَرْكِيبُهُ بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَفِي بَيَانِ الْمَسْنُونِ مِنْ الْمَفْرُوضِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ مَعْرِفَةُ مَا هُوَ سُنَّةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ فَنَصَّ عَلَى الْأَمْرَيْنِ رِفْقًا بِالْمُتَعَلِّمِينَ.

(وَ) فِي (ذِكْرِ) صِفَةِ (الِاسْتِنْجَاءِ) وَهُوَ عُرْفًا غَسْلُ مَوْضِعِ الْخَبَثِ بِالْمَاءِ (وَ) صِفَةِ (الِاسْتِجْمَارِ) وَهُوَ إزَالَةُ مَا عَلَى الْمَخْرَجَيْنِ مِنْ الْأَذَى بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ اسْتِعْمَالُ الْحِجَارَةِ اسْتِجْمَارًا لِأَنَّ الْجِمَارَ هِيَ الْحِجَارَةُ الصَّغِيرَةُ

(تَنْبِيهٌ) : يُؤْخَذُ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِبَيَانِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ الشَّخْصِ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَا يَعْرِفُ فِيهِ فَرْضًا مِنْ سُنَّةٍ، وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ إنْ أَخَذَ الْوَصْفَ عَنْ عَالِمٍ قَالَهُ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ.

وَلَمَّا اعْتَادَ النَّاسُ تَقْدِيمَ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ وَكَانَ ذَلِكَ مَظِنَّةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ: (وَلَيْسَ) فِعْلُ (الِاسْتِنْجَاءِ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُوصَلَ بِهِ الْوُضُوءُ) إذْ لَمْ يُعَدَّ (لَا فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ) الْمَحَلُّ لِلْإِضْمَارِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَا فِي سُنَنِهِ. (وَلَا فِي فَرَائِضِهِ) وَإِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْوُضُوءِ، عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَاسْتَنْجَى بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ صَحَّ وُضُوءُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمَسّ ذَكَرَهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَنْ يَلُفَّ خِرْقَةً عَلَى يَدَيْهِ حِينَ فِعْلِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَدَثٌ عِنْدَ فِعْلِهِ.

(وَ) إنَّمَا (هُوَ مِنْ بَابِ) أَيْ طَرِيقِ (إيجَابِ) أَيْ طَلَبِ (زَوَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ تَطْهِيرُ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ (أَوْ بِالِاسْتِجْمَارِ) وَهُوَ إزَالَةُ مَا عَلَى الْمَحَلِّ بِالْأَحْجَارِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لِئَلَّا يُصَلِّيَ بِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (فِي جَسَدِهِ) فَلَوْ صَلَّى قَبْلَ إزَالَةِ مَا عَلَى الْمَحَلِّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ عَامِدًا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ أَوْ النِّسْيَانِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِهِ أَوْ بِالِاسْتِجْمَارِ يُوهِم أَنَّ مَرْتَبَتَهُمَا وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ أَفْضَلُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِ كُلٍّ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا غَيْرِهِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَاءَ أَفْضَلُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَالْمَاءُ أَطْيَبُ.

(وَ) لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ الْوُضُوءِ (يُجْزِئُ فِعْلُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ الِاسْتِجْمَارِ (بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَكَذَلِكَ غَسْلُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ الْمَتْرُوكِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لِظُهُورِ عِلَّةِ الْحُكْمِ فِيهِ وَهِيَ هُنَا النَّظَافَةُ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ كَتَرْكِ الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ، فَإِنَّ الْمُكَلَّفَ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُثَابُ عَلَى التَّرْكِ إلَّا بِنِيَّةِ الِامْتِثَالِ، وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تَجِبُ فِي التَّعَبُّدَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ، وَلَا يُقَالُ: اشْتِرَاطُ الْمُطْلَقِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَتْرُوكِ وَأَنَّهَا عِبَادَةٌ، لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا طَلَبُ الْمُطْلَقِ لِأَجْلِ فِعْلِ الْعِبَادَةِ بِمَا أُزِيلَتْ عَنْهُ النَّجَاسَةُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان فَلَا يَرِدُ مَا قَالَهُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا تَفْتَقِرُ إزَالَتُهَا إلَى نِيَّةٍ يَدُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>