للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا يُخْتَمَرُ فِي رَأْسِهَا وَعَلَى الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ الْإِحْدَادُ.

وَاخْتُلِفَ فِي الْكِتَابِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ إحْدَادٌ وَتُجْبَرُ الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ الْمُسْلِمِ فِي الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ.

وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا حَيْضَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَهَا فَإِنْ قَعَدَتْ عَنْ الْحَيْضِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.

وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ حَيْضَةٌ انْتَقَلَ الْمِلْكُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبْيٍ

ــ

[الفواكه الدواني]

دُهْنًا مُطَيِّبًا وَلَا تَمْتَشِطُ بِمَا تُخْتَمَرُ) أَيْ تَبْقَى رَائِحَتُهُ (فِي رَأْسِهَا) بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ وَالسِّدْرِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا تَبْقَى لَهُ رَائِحَةٌ فَيَجُوزُ لَهَا اسْتِعْمَالُهُ، وَلَمَّا كَانَ الْإِحْدَادُ مُتَحَتِّمًا عَلَى كُلِّ مُتَوَفًّى عَنْهَا قَالَ: (وَ) يَجِبُ (عَلَى الْأَمَةِ) الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا (وَالْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ الْإِحْدَادُ) لَكِنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ الْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَنِّبَهَا كُلَّ مَا يُزَيِّنُ زَمَنَ عِدَّتِهَا.

(وَاخْتُلِفَ فِي) الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (الْكِتَابِيَّةِ) فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَيْهَا وَعَدَمِهِ، وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَتُرِكَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَطْ، وَإِنْ صَغُرَتْ وَلَوْ كِتَابِيَّةً، وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا التَّزَيُّنَ، وَعُمُومُ الْحَدِيثِ لَا تَلْبَسُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْمُعَصْفَرَ، وَلَمَّا كَانَ الْإِحْدَادُ مَشْرُوعًا خَوْفَ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ، خُصَّ بِالْمُتَوَفَّى عَنْهَا دُونَ الْمُطَلَّقَةِ وَلِذَا قَالَ: (وَلَيْسَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ) زَمَنَ عِدَّتِهَا (حَدَّادٌ) وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَأَمْكَنَ الزَّوْجُ أَنْ يَنْفِيَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا. (وَتُجْبَرُ) الزَّوْجَةُ (الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ) زَوْجِهَا (الْمُسْلِمِ فِي الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ) فَتَتَرَبَّصُ فِي الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَفِي الطَّلَاقِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحِيضُ، وَمَفْهُومُ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا لَا يَكُونُ حُكْمُهَا كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهَا إنْ أَرَادَ مُسْلِمٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَلَوْ فِي الْوَفَاةِ حَيْثُ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَمَّا كَانَتْ الْعِدَّةُ مُخْتَصَّةً بِالزَّوْجَةِ.

[عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا]

شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِالْمِلْكِ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ يُعْتِقُهَا بِبَيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ) وَهِيَ الْحُرَّةُ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا (مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا حَيْضَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْحَمْلِ يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَوْ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَلَوْ مِنْ وَفَاةٍ. (كَذَلِكَ) تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ (إنْ أَعْتَقَهَا) قَبْلَ مَوْتِهِ، وَأَرَادَ الْغَيْرُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَلَا مَفْهُومَ لِأُمِّ الْوَلَدِ بَلْ كُلُّ أَمَةٍ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا لَا تَتَزَوَّجُ إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ أُمَّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ فِيهَا شَائِبَةَ حُرِّيَّةٍ، فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْحَيْضَةَ غَيْرُ كَافِيَةٍ فِيهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ فِي الْمَوْتِ أَوْ عِنْدَ عِتْقِهَا خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِالْغَيْرِ عِنْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ الْحَيْضَةِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَلَوْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا اسْتَأْنَفَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا كَالْحُرَّةِ تَطْهُرُ مِنْ الْحَيْضِ ثُمَّ يَمُوتُ الزَّوْجُ قَبْلَ وَطْئِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ، وَأَمَّا غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ يَسْتَبْرِئُهَا سَيِّدُهَا بِحَيْضَةٍ أَوْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ مُطَلِّقِهَا فَفِيهَا تَفْصِيلٌ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَا تَحْتَاجُ إلَى حَيْضَةٍ بَلْ تَحِلُّ مَكَانَهَا، وَأَمَّا غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ يَسْتَبْرِئُهَا سَيِّدُهَا الْوَارِثُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَبِمَوْتِ سَيِّدٍ، وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمَةَ تَسْتَأْنِفُ حَيْضَةً بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَلَوْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرَهَا، وَأَمَّا لَوْ أُعْتِقَتْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَسْتَأْنِفُ إنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَا إنْ كَانَتْ غَيْرَهَا، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ خَلِيلٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا شَبَّهَ أُمَّ الْوَلَدِ بِالْحُرَّةِ، وَالْحُرَّةُ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بِمَوْتِ الزَّوْجِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا. (فَإِنْ قَعَدَتْ) أُمُّ الْوَلَدِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوْ صَغُرَتْ (عَنْ الْحَيْضِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) عِدَّتُهَا مِنْ سَيِّدِهَا.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إطْلَاقِ الْعِدَّةِ عَلَى الْحَيْضَةِ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ سَيِّدِهَا فِيهِ تَجَوُّزٌ، إذْ هُوَ اسْتِبْرَاءٌ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا مُدَّةُ مَنْعِ النِّكَاحِ لِفَسْخِهِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ، فَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالزَّوْجَةِ وَلَوْ أَمَةً، وَأَيْضًا الْعِدَّةُ عِنْدَ مَالِكٍ هِيَ الْأَطْهَارُ لَا الْحَيْضُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَجُوزُ بِإِطْلَاقِ الْعِدَّةِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا: وَعِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا أَوْ عِتْقِهِ إيَّاهَا حَيْضَةٌ.

الثَّانِي: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّتِي مَاتَ سَيِّدُهَا وَزَوْجُهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: إنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ أَوْ جُهِلَ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ، وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ وَفِي الْأَقَلِّ عِدَّةُ حُرَّةٍ، وَهَلْ قَدْرُهَا كَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَوْلَانِ.

[وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ]

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَبْوَابِ الَّتِي تَرْجَمَ لَهَا وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ وَالْكَشْفُ عَلَى الْأَمْرِ الْغَامِضِ، وَشَرْعًا الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الْأَرْحَامِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ مُرَاعَاةً لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَهُوَ وَاجِبٌ كَوُجُوبِ الْعِدَّةِ فِي الزَّوْجَاتِ لِخَبَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>