للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسٍ إلَّا مَعَ الْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ وَقَدْ قِيلَ يُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْجِرَاحِ

وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ كَامْرَأَتَيْنِ وَذَلِكَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ يُقْضَى بِذَلِكَ مَعَ رَجُلٍ أَوْ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فَقَطْ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَشِبْهِهِ جَائِزَةٌ

وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ

وَلَا ظَنِينٍ

وَلَا يُقْبَلُ إلَّا

ــ

[الفواكه الدواني]

عِتْقٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ يَحْلِفُ كُلٌّ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ أُطْلِقَ وَدِينَ.

وَقَيَّدْنَا دَعْوَى نِكَاحِ الْمَرْأَةِ بِحَالِ حَيَاتِهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمَوْتِ تَرْجِعُ إلَى مَالٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.

قَالَ خَلِيلٌ فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ: فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا حَلَفَ مَعَهُ وَوَرِثَ (وَلَا) يُقْضَى أَيْضًا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

(فِي دَمِ عَمْدٍ) فِيهِ قِصَاصٌ كَأَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ عَمْدًا وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهُ، وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْجَانِي، فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ، وَإِنْ نَكَلَ قِيلَ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ وَقِيلَ يُسْجَنُ فَإِنْ طَالَ سَجْنُهُ دِينَ وَأُخْرِجَ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا دَمَ الْعَمْدِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْجَرْحِ الْعَمْدِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَلَا نَفْسٍ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ عَمْدٍ عَنْ الْخَطَابَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمَالِ، وَمِثْلُهُ الْجُرْحُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالدَّامِغَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَتَالِفِ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. (وَلَا) يُقْضَى أَيْضًا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي قَتْلِ (نَفْسٍ إلَّا مَعَ الْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ) فَإِنَّهُ بِالشَّاهِدِ مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ زَائِدَةٍ عَلَى أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَمْثِلَةِ اللَّوَثِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَإِ تُقْسِمُ الْوُلَاةُ مَعَ شَهَادَتِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا تَقُولُ فِي كُلِّ يَمِينٍ: لَقَدْ قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْعَدْلِ عَلَى الْجُرْحِ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ الْوَلِيُّ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَمِنْ جُرْحِهِ مَاتَ فَيَزِيدُ لَقَدْ جَرَحَهُ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ لِيَكْمُلَ النِّصَابُ، وَتَكُونُ تِلْكَ الصِّفَةُ اجْتَمَعَ فِيهَا الْيَمِينُ الْمُكَمِّلَةُ لِلنِّصَابِ وَأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَأَمَّا مَعَ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ فَإِنَّمَا يَحْلِفُونَ لَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ، وَمِثْلُ الْعَدْلِ شَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ فِيهِ لَوَثًا.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ ظَهَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ عَلَى الْقَتْلِ يُكْتَفَى بِهَا مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَلَا تَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ سِوَى أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، فَقَوْلُهُ: إلَّا مَعَ الْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ مَعْنَاهُ فَيُقْضَى بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يُقْضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَلَا فِي دَمِ عَمْدٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ ذَكَرَ مُقَابِلَهُ بِقَوْلِهِ: (وَقَدْ قِيلَ يُقْضَى بِذَلِكَ) أَيْ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَالْيَمِينِ فِي الْجِرَاحِ الْعَمْدِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ،؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ مَالِكٍ كَالْأَمْوَالِ تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْقَتْلِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمَ مَحَلَّ اللَّوَثِ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ الْقَتْلِ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ أَيْ فِيهِ قِصَاصٌ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ أَيْ أَرْشَ ذَلِكَ الْجُرْحِ، فَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ بِقِيلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ الْمُبَيَّنُ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَهَادَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْأَرْبَعِ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَوْ يُقَدِّمُهُ عَلَى الضَّعِيفِ وَلَا يَحْكِيهِ بِقِيلِ الْمُشْعِرِ بِالضَّعْفِ.

وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْجِرَاحَ بِالْعَمْدِ أَخْذًا مِنْ الْمُقَابِلِ السَّابِقِ، وَأَمَّا الْخَطَأُ فَيُقْضَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَمِثْلُهُ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَا.

[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَجُوزُ) وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا (شَهَادَةُ النِّسَاءِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ) وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُنَّ فِيهَا إلَّا مَعَ الرِّجَالِ أَوْ مُنْفَرِدَاتٍ، فَيَثْبُتُ الْحَقُّ الْمَالِيُّ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِالرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ وَلِذَلِكَ قَالَ: (وَمِائَةُ امْرَأَةٍ كَامْرَأَتَيْنِ وَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْمِائَةِ (كَرَجُلٍ وَاحِدٍ) وَحِينَئِذٍ (يُقْضَى بِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْمِائَةِ (مَعَ رَجُلٍ) فِي الْحَقِّ الْمَالِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ إلَى يَمِينِ الطَّالِبِ لِتَمَامِ النِّصَابِ (أَوْ) أَيْ وَيُقْضَى بِالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْأَكْثَرِ (مَعَ يَمِينِ) الطَّالِبِ (فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) وَهُوَ الْأَمْوَالُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا.

وَأَشَارَ إلَى رَابِعِ الْأَقْسَامِ وَهُوَ مَا لَا يَشْهَدُ فِيهِ إلَّا النِّسَاءُ بِقَوْلِهِ: (وَشَهَادَةُ) مَبْدَأِ (امْرَأَتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ لَا أَقَلَّ (فِيمَا لَا) يَجُوزُ أَوْ يَقْدِرُ أَنْ (يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَشِبْهِهِ) كَعَيْبِ الْفَرْجِ أَوْ الْحَيْضِ وَخَبَرُ شَهَادَةٍ (جَائِزَةٌ) مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ مِنْ الْيَمِينِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ عَامٌّ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ نَزَلَ مُسْتَهِلًّا صَارِخًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ عَامٌّ فِي الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ، وَإِنَّمَا عُمِلَ بِشَهَادَتَيْنِ فِيهِ لِنُدُورِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ رُؤْيَةُ الرِّجَالِ لِذَلِكَ، وَاخْتِصَاصُ النِّسَاءِ بِذَلِكَ لِجَهْلِ الرِّجَالِ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ عَادَةً، وَكَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ تُقْبَلُ فِي أَنَّ الْمَوْلُودَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى.

وَفَائِدَةُ ثُبُوتِ الِاسْتِهْلَالِ أَوْ عَدَمِهِ تَظْهَرُ فِي الْإِرْثِ لَهُ أَوْ مِنْهُ، وَأَمَّا عَيْبُ الْفَرْجِ وَالْحَيْضِ فَهُوَ فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ تُصَدَّقُ فِي نَفْيِ دَاءِ فَرْجِهَا وَفِي حَيْضِهَا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ شَرَفُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ، فَإِذَا تَنَازَعَ بَائِعُ أَمَةٍ مَعَ مُشْتَرِيهَا فِي عَيْبٍ بِفَرْجِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>