وَلَكِنْ لَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَلَا يُحَصَّنُ بِهِ الزَّوْجَانِ.
وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ النِّسَاءِ سَبْعًا بِالْقَرَابَةِ وَسَبْعًا بِالرَّضَاعِ
ــ
[الفواكه الدواني]
وَقِسْمٌ فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ؟ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ، وَكَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ. أَوْ نِكَاحِ الْمَرِيضِ أَوْ الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ أَنَّ فَسْخَهُ بِطَلَاقٍ، بَلْ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ نَقْلًا عَنْ الْحَطَّابِ: إنَّ فَسْخَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ طَلَاقٌ وَلَوْ وَقَعَ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَمُحَرَّمٍ وَشِغَارٍ.
الثَّالِثُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا كَخَلِيلٍ كَوْنَ الْفَسْخِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحُكْمِ أَوْ لَا، وَبَيَّنَهُ الْأُجْهُورِيُّ بِمَا مُحَصَّلُهُ: إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَنْ نَكَحَتْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، هَكَذَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ، وَلِي فِيهِ بَحْثٌ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ مُجَرَّدَ فَسْخِهِ يَكُونُ طَلَاقًا وَلَوْ لَمْ يُلْفَظْ فِيهِ بِطَلَاقٍ، وَالطَّلَاقُ يَحُلُّ الْعِصْمَةَ فِي الصَّحِيحِ فَكَيْفَ بِالْفَاسِدِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَحُرِّرَ مُنَصَّفًا، وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى حُكْمٍ لِمَا عَرَفْت مِنْ فَسْخِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَوْ لُفِظَ فِيهِ بِالطَّلَاقِ، وَمِنْ ثَمَرَةِ ذَلِكَ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى مَنْ عُقِدَ عَلَيْهَا عَقْدًا فَاسِدًا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ بِحُكْمٍ وَلَا طَلَاقٍ، لِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ تَحْرُمُ عَلَى أُصُولِ الزَّوْجِ وَفُرُوعِهِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ بَيَّنَ مَا تَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ الْوَطْءِ بِقَوْلِهِ: (وَتَقَعُ بِهِ) أَيْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْفَسْخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ (الْحُرْمَةُ) أَيْ حُرْمَةُ الْمَنْكُوحَةِ عَلَى أُصُولِ الْعَاقِدِ وَعَلَى فُصُولِهِ، وَكَذَا حُرْمَةُ أُصُولِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَوْ فُصُولِهَا عَلَى الْعَاقِدِ الْمَذْكُورِ.
(كَمَا تَقَعُ) تِلْكَ الْحُرْمَةُ (بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ) وَالتَّشْبِيهُ فِي تَرْتِيبِ الْحُرْمَةِ عَلَى كُلٍّ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّحْرِيمُ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّلَذُّذِ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَيَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَمِثْلُ الصَّحِيحِ الْفَاسِدُ الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ فِي الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ: وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَفِيهِ الْإِرْثُ إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ، ثُمَّ قَالَ: لَا أُنْفِقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا طَلَاقَ وَلَا إرْثَ كَخَامِسَةٍ وَحَرُمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ أَيْ لَا الْعَقْدُ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُقَدِّمَاتِ يَحْصُلُ بِهَا التَّحْرِيمُ كَمَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ فِي حُصُولِ التَّحْرِيمِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فِيمَا يَحْرُمُ بِالْعَقْدِ وَفِي التَّوَارُثِ بِهِ وَفِي تَوَقُّفِ فَسْخِهِ عَلَى طَلَاقٍ عَلَى مَا فِيهِ، بِخِلَافِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ لَا تَوَارُثَ بِعَقْدِهِ، وَلَا طَلَاقَ فِي فَسْخِهِ، وَلَا تَحْرِيمَ بِعَقْدِهِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ التَّحْرِيمُ بِالتَّلَذُّذِ الْمُسْتَنَدِ إلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) كُلُّ مَا يَحْصُلُ التَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ صَاحِبِ الْعَقْدِ بُلُوغُهُ بِخِلَافِ مَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ التَّحْرِيمُ عَلَى التَّلَذُّذِ فَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَكَوْنُ وَطْئِهِ يَدْرَأُ الْحَدَّ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مُعْتَدَّةً أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الزَّوْجِ بِحُرْمَتِهَا، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ لَمْ يُنْشَرْ كَالتَّزْوِيجِ بِوَاحِدَةٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهَا، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ تَشْبِيهِ الْمَفْسُوخِ لِفَسَادِهِ بِالصَّحِيحِ فِي حُصُولِ التَّحْرِيمِ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي حِلِّ الْمَبْتُوتَةِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَكِنْ لَا تَحِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ الْمُسْتَنِدِ لِلْعَقْدِ الَّذِي فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ (الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا) أَوْ اثْنَتَيْنِ إنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، وَأَمَّا لَوْ نُكِحَتْ الْمَبْتُوتَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَطَلُقَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ، فَإِنْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ بِحَيْثُ ثَبَتَ النِّكَاحُ حَلَّتْ، وَأَمَّا لَوْ طَلُقَتْ بَعْدَ أَوَّلِ وَطْئِهِ فَفِي حِلِّهَا تَرَدُّدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّزْعَ هَلْ هُوَ وَطْءٌ أَوْ غَيْرُ وَطْءٍ، وَإِنَّمَا حَصَلَ التَّحْرِيمُ بِالْوَطْءِ دُونَ التَّحْلِيلِ احْتِيَاطًا فِي الْجَانِبَيْنِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ بِلَا مَنْعٍ وَلَا نُكْرَةَ فِيهِ بِانْتِشَارٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ إلَى أَنْ قَالَ: لَا بِفَاسِدٍ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ، وَفِي الْأَوَّلِ تَرَدُّدٌ (وَ) كَمَا لَا تَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ بِالْفَاسِدِ (لَا يُحَصَّنُ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ (الزَّوْجَانِ) لِأَنَّ التَّحْصِينَ كَالتَّحْلِيلِ فِي التَّوَقُّفِ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ الَّذِي حَلَّ وَطْؤُهُ مِنْ الْبَالِغِ وَبِانْتِشَارٍ مَعَ إبَاحَةِ الْوَطْءِ.
(تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا يَفْسُدُ مِنْ الْأَنْكِحَةِ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ، وَسَكَتَ عَمَّا يَفْسُدُ لِذِكْرِ بَعْضِ شُرُوطِهِ، قَالَ سَيِّدِي يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: إنَّمَا سَكَتَ عَمَّا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ لِمَا فِي الشُّرُوطِ مِنْ التَّفْصِيلِ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: الشُّرُوطُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ كَشَرْطِ الْإِنْفَاقِ أَوْ الْمَبِيتِ فَهَذَا اشْتِرَاطُهُ وَعَدَمُهُ سِيَّانِ، أَيْ لَا يُوقِعُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا وَلَا يُكْرَهُ اشْتِرَاطُهُ وَيُحْكَمُ بِهِ ذُكِرَ أَوْ تُرِكَ.
النَّوْعُ الثَّانِي: عَكْسُ هَذَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، كَشَرْطِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُنْفِقَ، وَهَذَا النَّوْعُ يُمْنَعُ اشْتِرَاطُهُ وَيُؤَدِّي إلَى الْخَلَلِ فِي الْعَقْدِ، فَيُفْسَخُ لِأَجْلِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيُلْغَى.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: مَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ وَلَا يَنْفِيهِ وَلَا يَقْتَضِيه، كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا، وَهَذَا يُكْرَهُ اشْتِرَاطُهُ، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِاشْتِرَاطِهِ وَلَا يُفْسَخُ لِأَجْلِهِ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، رَاجِعْ التَّحْقِيقَ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ
[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُكَلَّفِ نِكَاحُهُ سِوَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَنْكُوحَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُتْعَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ بِقَوْلِهِ: (وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى عَلَى مُرِيدِ النِّكَاحِ مِنْ الرِّجَالِ لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: (سَبْعًا مِنْ النِّسَاءِ بِالْقَرَابَةِ) حَرَّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا (سَبْعًا) بَعْضُهُنَّ