للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدَاقُ الْمِثْلِ.

وَمَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِعَقْدِهِ وَفُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى وَتَقَعُ بِهِ الْحُرْمَةُ كَمَا تَقَعُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ

ــ

[الفواكه الدواني]

بِالدُّخُولِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ حَتَّى فَاتَ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا الْعَقْدُ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْمَجْلِسِ كَأَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ.

قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَلِي فِيهِ بَحْثٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْخِيَارِ: إنَّ اشْتِرَاطَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ يُفْسِدُهُ مَعَ أَنَّهُ يُشَدِّدُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مَا يُفْتَقَرُ مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا إرْثَ فِيهِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ التَّوَارُثَ يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ أَنَّ نِكَاحَ الْخِيَارِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِيهِ الْإِرْثُ وَالضَّمِيرُ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ الْإِنْكَاحُ الْمَرِيضُ وَزَادُوا عَلَيْهِ نِكَاحُ الْخِيَارِ، فَإِنَّهُ لَا إرْثَ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ فَسْخِ النِّكَاحِ (وَ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ مِنْ النِّكَاحِ مَا جَرَّ إلَى غَرَرٍ فِي (صَدَاقٍ) كَالنِّكَاحِ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ عَلَى جَنِينٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى شَرْطِ إبْقَائِهَا، أَوْ عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيهِ لَهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَصِفْهُ لَهَا (وَلَا) يَجُوزُ أَيْضًا عَقْدُ النِّكَاحِ (بِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) وَإِنْ حَلَّ تَمَلُّكُهُ كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ، وَأَوْلَى مَا لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَحْسَنَ مِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِمَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ كَخَلِيلٍ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ وَدَفْعُهُ كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَتَمْلِكُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا فِي الْبَيْتِ مَعَ غَيْرِهَا، أَوْ لَا إرْثَ لَهَا مِنْهُ، أَوْ عَلَى أَنَّ لَهَا نَفَقَةً مُسَمَّاةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ عَلَى شَرْطِ أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْعَبْدِ عَلَى الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ، أَوْ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْكَبِيرِ الْمَالِكِ لِأَمْرِ نَفْسِهِ، وَالْحُكْمُ فِي النِّكَاحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالثُّبُوتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ، وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ وَوُجُوبِ الْقَسْمِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا وَقَعَ هَلْ يُفْسَخُ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَعَلَى الْفَسْخِ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ شَيْئًا أَمْ لَا؟ وَعَلَى اسْتِحْقَاقِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِ: (وَمَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِصَدَاقِهِ) إمَّا لِمُجَرَّدِ غَرَرٍ أَوْ لِوُقُوعِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ أَوْ تَمَلُّكُهُ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (فُسِخَ) وُجُوبًا (قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ الْمَرْأَةُ رَدَّتْهُ وَيَكُونُ فَسْخُهُ طَلَاقًا.

(وَإِنْ دَخَلَ بِهَا مَضَى) أَيْ ثَبَتَ (وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ) وَهُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ دِينٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَمَالٍ وَبَلَدٍ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ، فَاعْتِبَارُ أُخْتِهَا شَقِيقَتِهَا أَوْ لِأَبِيهَا لَا أُمِّهَا وَلَا أُخْتِهَا لِأُمِّهَا، وَهَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ مَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ الْمُوجِبِ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ لَا شَيْءَ فِيهِ إنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بِالدُّخُولِ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ، (وَأَشَارَ إلَى الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ بِقَوْلِهِ: (وَمَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِعَقْدِهِ) كَوُقُوعِهِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَوْ كَانَ الْوَلِيُّ صَبِيًّا أَوْ أُنْثَى أَوْ رَقِيقًا، أَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ الْإِحْرَامِ، أَوْ وَقَعَ لِأَجَلٍ، أَوْ كَانَ صَرِيحَ شِغَارٍ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ، لَكِنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِطَلَاقٍ، فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ.

(وَ) أَمَّا إذَا (فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى) إنْ كَانَ وَهُوَ حَلَالٌ، وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ دُخُولُهُ وَبِنَاؤُهُ لَا إنْ كَانَ صَبِيًّا، فَوَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ لَا يَلْزَمُ بِهِ صَدَاقٌ، وَبِمَا قَرَّرْنَا مِنْ دَعْوَى حَذْفِ الْخَبَرِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ بَعْضٍ إنَّ وَاوَ فُسِخَ زَائِدَةٌ لِصِحَّتِهَا عَلَى مَا قَرَّرْنَا أَوْ تُجْعَلُ لِلْحَالِ، وَقَوْلُهُ: فَفِيهِ الْمُسَمَّى الْخَبَرُ وَكَذَا لَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ وَعُثِرَ عَلَيْهِ إلَخْ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ لَهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ الْبَالِغُ قَدْ تَلَذَّذَ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ وَطْءُ الصَّبِيِّ كَلَا وَطْءٍ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ لَا صَدَاقَ لَهَا، وَعِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُصُولِ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَصُدِّقَتْ فِي خَلْوَةٍ وَإِنْ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ، وَإِذَا كَانَ الْبَالِغُ تَلَذَّذَ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ سَنَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَهَا شَيْئًا بِحَيْثُ يَرَاهُ الْإِمَامُ أَوْ النَّاسُ حَيْثُ لَا إمَامَ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، قَالَ خَلِيلٌ: وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا.

الثَّانِي: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ كَوْنَ الْفَسْخِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمُحَصَّلُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَنْكِحَةَ الْمُتَعَرِّضَةَ لِلْفَسْخِ.

قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ كُلُّ نِكَاحٍ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ لِلسَّيِّدِ أَوْ لِلسُّلْطَانِ فَسْخُهُ فَالْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ، وَذَلِكَ إذَا زَوَّجَهَا الْبَعِيدُ مَعَ وُجُودِ الْقَرِيبِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَسْخِهِ، أَوْ وُجِدَ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا يُوجِبُ لِلْآخَرِ فَسْخَ النِّكَاحِ، وَكَالْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرُدَّ نِكَاحَهُ أَوْ يُجِيزَهُ، فَإِنْ فُسِخَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِطَلَاقٍ وَكَذَا إذَا فَسَخَهُ السُّلْطَانُ.

وَقِسْمٌ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَذَلِكَ كُلُّ نِكَاحٍ مُتَّفَقٍ عَلَى فَسَادِهِ كَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِنَسَبٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَكَالْمُعْتَدَّةِ وَكَالْمَنْكُوحَةِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَكَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>