للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْفَ الْإِمَامِ فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الَّتِي فَاتَتْهُمْ وَيَنْصَرِفُونَ هَكَذَا يَفْعَلُ فِي صَلَاةِ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا إلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً

وَإِنْ صَلَّى بِهِمْ فِي الْحَضَرِ لِشِدَّةِ خَوْفٍ صَلَّى فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ

وَلِكُلِّ صَلَاةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ

وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ عَنْ ذَلِكَ صَلُّوا

ــ

[الفواكه الدواني]

رَكْعَةً)

وَهِيَ بَقِيَّةُ صَلَاتِهِمْ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ الْمَأْمُومِيَّةِ فَلَا يُحْمَلُ سَهْوُهُمْ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بَعْدَ تَمَامِ قِيَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَصَلَ مِنْهُ مُبْطِلٌ قَبْلَ تَمَامِ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ صَلَاتَهُمْ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْطِلُ حَدَثًا غَالِبًا أَوْ حَصَلَ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النِّسْيَانِ، فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ أَوْ يَسْتَخْلِفُونَ مَنْ يُتِمَّ بِهِمْ الْقِيَامَ، فَإِذَا قَامَ هَذَا الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ يَثْبُتُ عَلَى حَالِهِ كَالْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ حَتَّى تُتِمَّ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَتَأْتِي الثَّانِيَةُ فَتَدْخُلُ مَعَهُ وَيُصَلِّي بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ فُرَادَى، فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ.

قَالَهُ سَنَدٌ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لِقَوْلِ التَّتَّائِيِّ: أَوْ بِإِمَامٍ. (ثُمَّ) بَعْدَ صَلَاتِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ (يُسَلِّمُونَ) عَلَى الْيَمِينِ تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ وَعَلَى الْيَسَارِ إنْ كَانَ عَلَى يَسَارِ الْمُسَلِّمِ أَحَدٌ، وَلَا يُسَلِّمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، وَبَعْدَ سَلَامِهِمْ يَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ (فَيَقِفُونَ مَكَانَ أَصْحَابِهِمْ) قُبَالَةَ الْعَدُوِّ (ثُمَّ يَأْتِي أَصْحَابُهُمْ) الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا (فَيُحْرِمُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ) الْبَاقِيَةَ مِنْ صَلَاتِهِ.

(ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) أَيْ الْإِمَامُ (وَيُسَلِّمُ) وَلَا يَنْتَظِرُهُمْ خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمَنْ وَافَقَهُ فِي انْتِظَارِهِمْ حَتَّى يُسَلِّمُوا مَعَهُ، وَفِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَا يَدُلُّ لِلْمَذْهَبَيْنِ، وَلِذَلِكَ لَوْ انْتَظَرَهُمْ حَتَّى كَمَّلُوا صَلَاتَهُمْ وَسَلَّمَ بِهِمْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ مُرَاعَاةً لِلْقَائِلِ بِالِانْتِظَارِ. (ثُمَّ) بَعْدَ سَلَامِهِ تَقُومُ أَهْلُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ (يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الَّتِي فَاتَتْهُمْ) لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: يَقْضُونَ أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ فِيهَا بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ. (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِمْ وَسَلَامِهِمْ (يَنْصَرِفُونَ) جِهَةَ الْعَدُوِّ مَعَ أَصْحَابِهِمْ. (هَكَذَا يَفْعَلُ) الْإِمَامُ (فِي صَلَاةِ الْفَرَائِضِ) كُلِّهَا فِي حَالِ السَّفَرِ (إلَّا) صَلَاةَ (الْمَغْرِبِ) (فَإِنَّهُ) أَيْ الْإِمَامَ (يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى) مِنْهَا (رَكْعَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَرُ وَتَذْهَبُ قُبَالَةَ الْعَدُوِّ (وَ) يُصَلِّي (بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً) ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فُرَادَى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى يَقْرَءُونَ فِيهَا بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ قَائِمًا أَوْ جَالِسًا عَلَى قَوْلَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا تَرَدُّدٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْتَظِرُهَا قَائِمًا سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا، وَعَلَى الثَّانِي يَجْلِسُ دَاعِيًا وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ فِي غَيْرِ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ.

[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ شَرَعَ فِي صِفَةِ صَلَاتِهَا فِي الْحَضَرِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ صَلَّى) أَيْ أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلِّيَ (بِهِمْ فِي الْحَضَرِ) صَلَاةَ قَسْمٍ (لِشِدَّةِ خَوْفٍ) مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مُحَارِبٍ أَوْ لِصٍّ كَمَا مَرَّ (صَلَّى) بِهِمْ (فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ) عِنْدَ إمْكَانِ قَسْمِهِمْ (بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ) سَوَاءٌ كَانُوا طَالِبِينَ أَوْ مَطْلُوبِينَ، فَإِذَا صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ يُشِيرُ إلَيْهَا لِتَقُومَ تُكْمِلُ صَلَاتَهَا أَفْذَاذًا، وَيَسْتَمِرُّ جَالِسًا سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا، وَقِيلَ قَائِمًا عَلَى قَوْلَيْنِ قَدَّمْنَاهُمَا، فَإِذَا جَاءَتْ الثَّانِيَةُ صَلَّى بِهَا مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ إذَا سَلَّمَ قَامُوا لِقَضَاءِ مَا صَلَّاهُ مَعَ الْأُولَى عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ، وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: وَإِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ الْجَمَاعَةَ أَيْضًا، وَتُوُقِّفَ فِي صَلَاةِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ هَلْ بِإِمَامٍ أَوْ أَفْذَاذًا؟ وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِي، وَتُوُقِّفَ أَيْضًا فِي عَدَدِ الطَّائِفَتَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ وَأَنْ يَحْضُرَ كُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْخُطْبَةَ، هَذَا مُلَخَّصُ بَحْثِ الْأُجْهُورِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِأَحَدٍ سِوَاهُ،

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ طَلَبِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِشِدَّةِ الْخَوْفِ دَفَعَ هَذَا الْإِيهَامَ بِقَوْلِهِ: (وَلِكُلِّ صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ أُرِيدَ فِعْلُهَا وَلَوْ فِي زَمَانِ الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ (أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ وَهُوَ طَلَبُ مَنْ يَحْضُرُ الصَّلَاةَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: مِنْ الْأَذَانِ لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ صِحَّةَ الْقَسْمِ مَشْرُوطَةٌ بِالْإِمْكَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ إلَخْ، وَعِنْدَ إمْكَانِ الْقَسْمِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ يُصَلُّونَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ الْإِيمَاءِ وَلَوْ عَلَى خُيُولِهِمْ حَيْثُ احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ، وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْمُومِي بِالْمُومِي، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.

الثَّانِي: مَحَلُّ جَوَازِ الْقَسْمِ إذَا لَمْ يُرْجَ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَإِلَّا انْتَظَرُوا مَا لَمْ يَخَافُوا خُرُوجَ الْوَقْتِ.

الثَّالِثُ: فُهِمَ مِمَّا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْقَسْمَ رُخْصَةٌ عِنْدَ التَّمَكُّنِ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهُ وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامَيْنِ لَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنَّمَا فَاتَهُمْ ثَوَابُ السُّنَّةِ، وَفُهِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ قِسْمَيْنِ، فَإِنْ قَسَّمَهُمْ الْإِمَامُ أَكْثَرَ مِنْ قِسْمَيْنِ فَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ حَتَّى الْإِمَامِ، وَقِيلَ: إنَّمَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ فَارَقَ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُفَارَقَةٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ صَلَّى فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلِّ رَكْعَةٍ بَطَلَتْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ كَغَيْرِهِمَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>