للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي الْعِتْقِ يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا.

وَكُلُّ مَا أَسْقَطَتْهُ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدٌ فَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ.

وَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ إذَا أَنْكَرَ وَلَدَهَا وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَإِنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ مَا جَاءَ مِنْ وَلَدٍ.

وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ.

وَمَنْ أَعْتَقَ

ــ

[الفواكه الدواني]

(وَلَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ عَلَيْهَا (غَلَّةٌ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخِدْمَةِ وَالْغَلَّةِ أَنَّ الْخِدْمَةَ يَسْتَعْمِلُهَا بِنَفْسِهِ مِنْ الطَّحْنِ وَغَيْرِهِ، وَالْغَلَّةُ بِأَنْ يُؤَجِّرَهَا لِغَيْرِهِ فَإِنْ أَجَرَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فُسِخَتْ وَلَهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهَا، وَلِذَا قَالَ عِيَاضٌ: لِأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْحَرَائِرِ فِي سِتَّةِ أَوْجُهٍ، وَحُكْمُ الْعَبِيدِ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، فَأَمَّا السِّتَّةُ فَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا يُرْهَنَّ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُؤَجَّرْنَ وَلَا يُسَلَّمْنَ فِي جِنَايَةٍ وَلَا يُسْتَسْعَيْنَ، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَانْتِزَاعُ أَمْوَالِهِنَّ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَإِجْبَارُهُنَّ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى قَوْلٍ وَاسْتِخْدَامُهُنَّ لَكِنْ فِي خَفِيفِ الْخِدْمَةِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ وَلَهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِنَّ، وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ شَهَادَتِهِنَّ وَحْدَهُنَّ نِصْفُ حَدِّ الْحُرَّةِ وَعَدَمُ إرْثِهِنَّ وَعَدَمُ الْقَسْمِ لَهُنَّ فِي الْمَبِيتِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَوْلَادِهَا الْحَاصِلِينَ مِنْهَا بَعْدَ اسْتِيلَائِهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ خِدْمَةٍ وَغَلَّةٍ (فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ) الْحَاصِلُ لَهَا بَعْدَ حَمْلِهَا مِنْ سَيِّدِهَا. (وَهُوَ) أَيْ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا (بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي الْعِتْقِ) فَيَجِبُ أَنْ (يَعْتِقَ بِعِتْقِهَا) بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَدَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: إنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ فَهُوَ حُرٌّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ فَهُوَ رَقِيقٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَبَعْدَ اسْتِيلَادِهَا فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا فِي حَيَاتِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ أُمُّهُمْ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا لَمْ يَعْتِقْ أَوْلَادُهَا حَتَّى يَمُوتَ سَيِّدُهُمْ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَا أَسْقَطَتْهُ) الْأَمَةُ بَعْدَ اعْتِرَافِ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا وَعَدَمِ اسْتِبْرَائِهَا (مِمَّا يُعْلَمُ) بِشَهَادَةِ الْعَارِفَاتِ مِنْ النِّسَاءِ (أَنَّهُ وَلَدٌ) كَمُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ وَهِيَ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي لَا يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ (فَهِيَ بِهِ) أَيْ بِمَا أَسْقَطَتْهُ (أُمُّ وَلَدٍ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَجِبُ بِهِ الْغُرَّةُ، فَالثَّلَاثَةُ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُنَا: بَعْدَ اعْتِرَافِ سَيِّدِهَا إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا إقْرَارُ السَّيِّدِ بِوَطْئِهَا مَعَ الْإِنْزَالِ وَلَوْ قَالَ إقْرَارُهُ فِي حَالِ مَرَضِهِ، وَالثَّانِي أَنْ تَثْبُتَ وِلَادَتُهَا أَوْ سَقْطُهَا وَلَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ مَعْدُومًا، وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ وَقَالَتْ هَذَا الْوَلَدُ مِنْك مَعَ اعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا وَإِنْزَالِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ شَهَادَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُشْتَرَطُ عِنْدَ عَدَمِ حُضُورِ الْوَلَدِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْوَطْءَ وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْرَارِ بِوَطْئِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّهُ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ وَنَفَى مَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَا يُلْحَقُ بِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى لِعَانٍ، وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ أَمَدِ الْحِلِّ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ الْوَلَدِ لِاعْتِرَافِهِ بِوَطْئِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَالْحَامِلُ عِنْدَنَا تَحِيضُ.

(فَرْعٌ) مَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَافٍ بِالْوَطْءِ وَوُجِدَتْ أَمَتُهُ حَامِلًا فَإِنَّهَا لَا تَعْتِقُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) إذَا أَتَتْ أَمَةُ السَّيِّدِ بِوَلَدٍ (لَا يَنْفَعُهُ) دَعْوَى (الْعَزْلِ) عَنْهَا وَهُوَ الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ (إذَا أَنْكَرَهَا وَلَدَهَا) وَقَالَ لَيْسَ مِنِّي (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ (أَقَرَّ بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ الْمَاءَ يَسْبِقُ مِنْ غَيْرِ شُعُورِهِ بِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ أَوْ فَخْذَيْنِ إنْ اعْتَرَفَ بِالْإِنْزَالِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْإِنْزَالِ عِنْدَ وَطْئِهَا إنْزَالُهُ عِنْدَ غَيْرِهَا أَوْ مِنْ احْتِلَامٍ وَلَمْ يَبُلْ حَتَّى وَطِئَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ، بِخِلَافِ لَوْ قَالَ: كُنْت أَطَأُ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ، وَهَذَا حُكْمُ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءَهَا (فَإِنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بِحَيْضَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ وَمَضَى لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (لَمْ يَلْحَقْ بِهِ مَا جَاءَ مِنْ وَلَدٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ.

[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ شَرَعَ فِي الْعِتْقِ النَّاجِزِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَرْجَمِ لَهُ، وَحَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ الْخُلُوصُ وَالْكَرَمُ وَالْحُرِّيَّةُ لِخُلُوصِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ، وَلِذَا سُمِّيَ الْبَيْتُ بِالْعَتِيقِ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَمِنْ الْغَرَقِ وَالطُّوفَانِ، وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَلَى آدَمِيٍّ حَيٍّ حَتَّى خَرَجَ بِآدَمِيٍّ حَيَوَانٌ غَيْرُ آدَمِيٍّ، وَبِقَوْلِهِ حَيٍّ رَفَعَهُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مِلْكٍ رَفَعَ غَيْرَهُ كَرَفْعِ الْحُكْمِ بِالنَّسْخِ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ حَقِيقِيٍّ لِيَخْرُجَ بِهِ اسْتِحْقَاقُ الْعَبْدِ بِحُرِّيَّةٍ، لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ بِحُرِّيَّةٍ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا حَقِيقَةً، وَقَوْلُهُ لَا بِسَبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِغَيْرِ سِبَاءٍ لَا بِسَبَاءٍ لِيَخْرُجَ بِهِ فِدَاءُ الْمُسْلِمِ مِنْ حَرْبِيٍّ سِبَاءً، وَقَوْلُهُ عَنْ آدَمِيٍّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَفْعُ وَحُكْمُ الْعِتْقِ مَنْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>