للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةِ وَالْجَوَامِيسُ وَالْبَقَرُ وَالْبُخْتُ وَالْعِرَابُ

وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ

وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ عَدَدَ الزَّكَاةِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَذَلِكَ إذَا قَرُبَ الْحَوْلُ فَإِذَا كَانَ يَنْقُصُ

ــ

[الفواكه الدواني]

شَاةٌ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إلَى ثَلَثِمِائَةٍ يُوهِمُ أَنَّ الثَّلَثَمِائَةِ غَايَةُ أَخْذِ الثَّلَاثِ شِيَاهٍ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ، الْمَشْهُورُ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الثَّلَاثَ يَسْتَمِرُّ أَخْذُهَا إلَى ثَلَثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، وَلَا يُؤْخَذُ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْبَعِمِائَةِ كَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، فَالْوَقْصُ فِي هَذَا لِلْفَرْضِ الرَّابِعِ مِائَتَانِ غَيْرَ شَاتَيْنِ، وَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الضَّعِيفِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ فُرُوضَ الْغَنَمِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَمِائَةٌ، وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ وَمِائَتَانِ وَشَاةٌ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَأَرْبَعِمِائَةٍ أَوْ خَمْسِمِائَةٍ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالْوَقْصُ فِي هَذَا الْفَرْضِ الرَّابِعِ مِائَتَانِ غَيْرَ شَاتَيْنِ

[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ فُرُوضِ أَنْوَاعِ الْمَاشِيَةِ الثَّلَاثَةِ شَرَعَ فِي حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ: فَقَالَ: (وَلَا زَكَاةَ فِي الْأَوْقَاصِ) : جَمْعُ وَقَصٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَسْكِينُهَا خَطَأٌ وَهَذَا حَيْثُ لَا خُلْطَةَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تُزَكَّى عِنْدَهَا (وَهُوَ) : فِي اللُّغَةِ مِنْ وَقَصِ الْعُنُقِ الَّذِي هُوَ الْقِصَرُ لِقُصُورِهِ عَنْ النِّصَابِ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ (مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنْ كُلِّ الْأَنْعَامِ) : وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ الْأَنْعَامِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّا يُزَكَّى كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ لَا وَقَصَ فِيهَا

. وَلَمَّا كَانَتْ الْحُبُوبُ الْمُتَقَارِبَةُ فِي الِانْتِفَاعِ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ لِيَكْمُلَ النِّصَابُ بَيَّنَ أَنَّ الْمَاشِيَةَ كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَيُجْمَعُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ) : وَهُمَا مَعْرُوفَانِ (فِي الزَّكَاةِ) : إذَا نَقَصَ كُلُّ صِنْفٍ عَنْ النِّصَابِ،؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ جَمَعَهُمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» .

(وَ) كَذَلِكَ تُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ (وَالْجَوَامِيسُ وَالْبَقَرُ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ جَمَعَهُمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ» . (وَ) كَذَلِكَ (الْبُخْتُ) : وَهِيَ الْإِبِلُ ذَاتُ السَّنَامَيْنِ (وَالْعِرَابُ) وَهِيَ الْإِبِلُ ذَاتُ السَّنَمِ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا جَمَعَهُمَا لِصِدْقِ لَفْظِ الْإِبِلِ عَلَى الصِّنْفَيْنِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَخَيَّرَ السَّاعِيَ إنْ وَجَبْت وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا كَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَمِثْلِهَا مَعْزًا، وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا فَمِنْ الْأَكْثَرِ كَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَثَلَاثِينَ مَعْزًا، أَوْ بِالْعَكْسِ أَخَذَ الشَّاةَ مِنْ الْأَكْثَرِ وَإِنْ وَجَبَتْ شَاتَانِ، فَإِنْ اسْتَوَى الصِّنْفَانِ كَإِحْدَى وَسِتِّينَ ضَائِنَةً مِثْلِهَا مَعْزًا أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ شَاةً، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا حَيْثُ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَهُوَ غَيْرُ وَقَصٍ كَمِائَةِ ضَائِنَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَوْ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَلَكِنْ وَقَصًا كَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَوْ بِالْعَكْسِ أُخِذَتْ الشَّاتَانِ مِنْ الْأَكْثَرِ، وَأَوْلَى لَوْ كَانَ الْأَقَلُّ دُونَ نِصَابٍ، وَأَمَّا لَوْ وَجَبَ ثَلَاثٌ فَإِنْ تَسَاوَى الصِّنْفَانِ كَمِائَةٍ وَشَاةٍ مِنْ الضَّأْنِ وَمِثْلِهَا مِنْ الْمَعْزِ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ شَاةً، وَخَيَّرَ السَّاعِيَ فِي الثَّالِثَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا، فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَهُوَ غَيْرُ وَقَصٍ كَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ مَعْزًا وَأَرْبَعِينَ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ كَانَ وَقَصًا أَوْ غَيْرَ نِصَابٍ، فَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ أَخْذُ كُلِّ الْوَاجِبِ مِنْ الْأَكْثَرِ، وَإِنْ وَجَبَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ فَيَأْخُذْ مِنْ كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ، وَالْمِائَةُ الْمُلَفَّقَةُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ يَأْخُذُ وَاجِبَهُمَا مِنْ أَيِّهِمَا عِنْدَ التَّسَاوِي وَمِنْ أَكْثَرِهِمَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ

[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

. ثُمَّ شَرَعَ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: اجْتِمَاعُ نِصَابَيْ نَوْعِ نَعَمٍ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ فِيمَا يُوجِبُ تَزْكِيَتُهُمَا عَلَى مِلْكٍ وَاحِدٍ فَقَالَ: (وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ) : فِي مَاشِيَةِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّهُمَا كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ فِيمَا يَجِبُ، فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ مِنْ مَاشِيَةِ أَحَدِهِمَا (فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بِالسَّوِيَّةِ) : فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِخَلِيطَةٍ مِثْلُهَا فَإِنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ وَاحِدَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا، وَلَوْ انْفَرَدَ وَنَصَّ لِأَحَدِهِمَا فِي الْقِيمَةِ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ سِتٌّ فَتُقَسَّمُ الثَّلَاثُ شِيَاهٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشْرَ لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ خُمُسٌ، فَعَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى صَاحِبِ السِّتَّةِ خُمُسَاهَا، وَكَذَا إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْوَقَصِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ، كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ وَلِلْآخِرِ خَمْسٌ، فَإِنْ أَخَذَ الشَّاتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ التِّسْعَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبُعًا مِنْ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسَةِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِتِسْعَةِ أَسْبَاعٍ مِنْ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ بَعْدَ جَعْلِهِمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبُعًا، أَوْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً رَجَعَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلَى صَاحِبِهِ بِسُبُعَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ الَّتِي أَخَذَهَا السَّاعِي، وَكُلُّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَزْكِيَةِ الْأَوْقَاصِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ شَاةٌ.

[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

وَلَمَّا كَانَ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ يَمْلِكَ كُلَّ نِصَابًا قَالَ: (وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ عَدَدَ الزَّكَاةِ) : وَمِنْ شُرُوطِهَا النِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ تَغْيِيرَ الْحُكْمِ فَتَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ كَالصَّلَاةِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْخَلِيطَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا زَكَّى الْحُرُّ الْمُسْلِمُ مَاشِيَتَهُ عَلَى حُكْمِ الِانْفِرَادِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَجْتَمِعَا فِي الْأَكْثَرِ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْمَاءِ وَالْمَرَاحِ وَالْمَبِيتِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إنْ كَانَ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ بِرِفْقٍ، مِنْهَا أَنْ لَا يَقْصِدَا بِهَا الْفِرَارَ مِنْ تَكْثِيرِ الْوَاجِبِ كَمَا يَأْتِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>