للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْرَارُ إنْ جَهَرَ فِي النَّهَارِ فِي تَنَفُّلِهِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ

وَأَقَلُّ الشَّفْعِ رَكْعَتَانِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يُصَلِّي الْوِتْرَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَإِنْ زَادَ مِنْ الْإِشْفَاعِ جَعَلَ آخِرَ ذَلِكَ الْوِتْرَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ

ــ

[الفواكه الدواني]

مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَإِذَا دَخَلَ مَعَ الْوَاصِلِ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الشَّفْعَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَيْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ وَلَا جُلُوسٍ بَيْنَهُمَا، وَيَقْرَأُ فِيهِمَا بِمَا يَقْرَأُ بِهِ فِيهِمَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، وَيُلْغَزُ بِهَا وَيُقَالُ شَخْصٌ صَلَّى الشَّفْعَ بَعْدَ الْوَتْرِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ بِسَلَامِهِ بَلْ يَقُومُ لِلثَّالِثَةِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ تَبَعًا لِوَصْلِ إمَامِهِ، نَعَمْ تَرَدَّدَ الْأُجْهُورِيُّ فِيمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ هَلْ يَنْوِي بِهِ رَكْعَةَ الْقَضَاءِ أَوْ يَنْوِي بِهِ الْوِتْرَ مُحَاذَاةً لِلْإِمَامِ؟ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ.

١ -

(تَنْبِيهَاتٌ) . الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي بَيَانِ وَقْتِهِ عَنْ خَلِيلٍ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الْعِشَاءَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ لِضَرُورَةٍ كَالْجَمْعِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ لَا يُصَلِّي الْوَتْرَ إلَّا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ لَهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَضَرُورِيُّهُ مِنْهُ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ عَقْدِ رَكْعَةٍ مِنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ عَقْدِهَا فَيَنْدُبُ قَطْعُهَا لَهُ لِلْفَذِّ.

وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَقْطَعُ الصُّبْحَ لِلْوَتْرِ وَفِعْلُهُ فِي الضَّرُورِيِّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ

١ -

الثَّانِي: مَنْ أَعَادَ الْعِشَاءَ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ يُعِيدُ الْوَتْرَ، وَمِثْلُهُ مَنْ صَلَّاهَا بِنَجَاسَةٍ وَأَعَادَهَا لِأَجْلِ صَلَاتِهَا بِنَجَاسَةٍ نَاسِيًا وَأَحْرَى مَنْ أَعَادَهَا لِظُهُورِ بُطْلَانِهَا يُعِيدُ الْوَتْرَ، بِخِلَافِ مُعِيدِ الْعِشَاءِ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا لَا يُعِيدُهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ تَخُصُّهُ كَالْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْمَسْنُونَاتِ وَالرَّغَائِبَ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ نِيَّةٍ تَخُصُّهَا، بِخِلَافِ مُطْلَقِ التَّطَوُّعَاتِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ فَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْفِعْلِ.

الثَّالِثُ: عُلِمَ مِنْ أَنَّ وَقْتَهُمَا بَعْدَ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ وَالشَّفَقِ الْأَحْمَرِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ (جَهْرًا) لَكِنْ يَتَأَكَّدُ نَدْبُهُ فِي الْوِتْرِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ.

(وَكَذَلِكَ) أَيْ كَمَا يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (يُسْتَحَبُّ فِي) بَاقِي (نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْإِجْهَارُ) لَكِنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ لِمَا عَلِمْت مِنْ تَأَكُّدِهِ فِي الْوِتْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ نَوَافِلِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا تُؤَكَّدُ فِيهَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَالصِّفَةُ تَشْرُفُ بِشَرَفِ مَوْصُوفِهَا.

(وَ) أَمَّا الْقِرَاءَةُ (فِي نَوَافِلِ النَّهَارِ) فَالْمُسْتَحَبُّ فِيهَا (الْإِسْرَارُ) اتِّبَاعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ وَلَيْسَ بِحَدِيثٍ.

(وَإِنْ) خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ بِأَنْ (جَهَرَ فِي النَّهَارِ فِي تَنَفُّلِهِ) أَوْ أَسَرَّ فِي اللَّيْلِ فِي تَنَفُّلِهِ (فَذَلِكَ وَاسِعٌ) أَيْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْحِكْمَةُ فِي طَلَبِ الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْإِسْرَارِ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ تَقَعُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُظْلِمَةِ فَيُنَبِّهُ الْقَارِئُ بِجَهْرِهِ الْمَارَّةَ، وَلِلْأَمْنِ مِنْ لَغْوِ الْكَافِرِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ لِاشْتِغَالِهِ غَالِبًا فِي اللَّيْلِ بِالنَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّهَارِ، وَإِنَّمَا طَلَبَ الْجَهْرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِحُضُورِ أَهْلِ الْبَوَادِي وَالْقُرَى فَأَمَرَ الْقَارِئَ بِالْجَهْرِ لِيَسْمَعُوهُ فَيَحْصُلُ لَهُمْ الِاتِّعَاظُ بِسَمَاعِهِ.

[وَأَقَلُّ الشَّفْعِ]

(وَأَقَلُّ الشَّفْعِ رَكْعَتَانِ) وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مِنْهُ (بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَ) يَقْرَأُ (فِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ) سُورَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَإِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهَا يَجْلِسُ (وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فَصْلُهُ عَنْ الْوِتْرِ، وَيُكْرَهُ وَصْلُهُ كَمَا قَدَّمْنَا.

(ثُمَّ يُصَلِّي الْوِتْرَ رَكْعَةً) وَاحِدَةً وَيُسْتَحَبُّ أَنْ (يَقْرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحُهَا خَطَأٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ: «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سُئِلَتْ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَتْ: يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ: بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.

وَفِي الثَّالِثَةِ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ» . وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِحْبَابُ الْقِرَاءَةِ بِهَذِهِ السُّوَرِ كَانَ لَهُ حِزْبٌ أَمْ لَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَخَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ حَيْثُ قَالَ: إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ، وَبَحَثَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ غَازِيٍّ قَائِلًا: تَبِعَ خَلِيلٌ فِي تَقْيِيدِهِ بَحْثَ الْمَازِرِيِّ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَقْلِ الْأَئِمَّةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَلَوْ لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ، وَأَيْضًا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ فَإِنَّهُ عَامٌّ فِيمَنْ لَهُ حِزْبٌ وَغَيْرُهُ، فَلِلَّهِ دُرُّ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ تَرَكَ التَّقْيِيدَ.

(فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) أَحَدُهَا: إنْ لَمْ يَدْرِ أَهُوَ فِي الْوَتْرِ أَوْ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَنْ شَكَّ أَصَلَّى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ. ثَانِيهَا: إنْ شَكَّ أَهُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ أَوْ أُولَاهُ أَوْ فِي الْوَتْرِ؟ جَعَلَهَا أُولَى الشَّفْعِ وَأَتَى بِوَاحِدَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ يُصَلِّي الْوَتْرَ بَعْدَ ذَلِكَ. ثَالِثُهَا: مَنْ زَادَ رَكْعَةً فِي الْوِتْرِ سَهْوًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ. رَابِعُهَا: مَنْ ذَكَرَ فِي تَشَهُّدِ وِتْرِهِ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ شَفْعِهِ فَإِنَّهُ يُشَفِّعُ وِتْرَهُ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ، وَلَا يَضُرُّ إحْدَاثُ هَذِهِ النِّيَّةِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِزِيَادَةِ الْجُلُوسِ الَّذِي كَانَ يُسَلِّمُ بَعْدَهُ ثُمَّ يُوتِرُ. خَامِسُهَا: إذَا شَكَّ هَلْ شَفَّعَ وِتْرَهُ؟ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: قِيلَ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَيُجْزَ بِهِ، وَقِيلَ يَسْجُدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>