وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ
وَلَا ابْنُ أَخٍ لِأُمٍّ وَلَا جَدٌّ لِأُمٍّ وَلَا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ، وَلَا تَرِثُ أُمُّ أَبِي الْأَبِ مَعَ وَلَدِهَا أَبِي الْمَيِّتِ
وَلَا تَرِثُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ مَعَ الْجَدِّ لِلْأَبِ وَلَا مَعَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى وَلَا مِيرَاثَ لِلْإِخْوَةِ مَعَ الْأَبِ مَا كَانُوا وَلَا يَرِثُ عَمٌّ مَعَ الْجَدِّ وَلَا ابْنُ أَخٍ مَعَ الْجَدِّ
وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَإِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ وَكُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ بِحَالٍ فَلَا يَحْجُبُ وَارِثًا
وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا فِي الْمَرَضِ تَرِثُ
ــ
[الفواكه الدواني]
أَسْبَابُ مِيرَاثِ الْوَرَى ثَلَاثَهْ ... كُلٌّ يُفِيدُ رَبَّهُ الْوِرَاثَهْ
وَهِيَ نِكَاحٌ وَوَلَاءٌ وَنَسَبُ ... مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيثِ سَبَبُ
مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يُوَرِّثُ بَيْتَ الْمَالِ
[مَوَانِعِ الْإِرْث]
وَشَرَعَ الْآنَ فِي مَوَانِعِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ أَشَارَ لَهَا فِي التِّلْمِسَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ:
وَيَمْنَعُ الْمِيرَاثَ فَاعْلَمْ سِتَّهْ ... فَخَمْسَةٌ تَمْنَعُ مِنْهُ أَلْبَتَّةَ
الْكُفْرُ وَالرِّقُّ وَقَتْلُ الْعَمْدِ ... وَالشَّكُّ وَاللِّعَانُ فَافْهَمْ قَصْدِي
وَوَاحِدٌ يَمْنَعُهُ فِي الْحَالِ ... وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُعْرَ عَنْ أَشْكَالِ
وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فِي الْمَوْتِ، أَوْ فِي الْجِهَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ، أَوْ الْوُجُودِ وَعَدَمِهِ، أَوْ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةً بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَرِثُ عَبْدٌ) لَا شَائِبَةَ فِيهِ وَلَا يُورَثُ (وَلَا مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ) كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا رَقِيقَ وَلِسَيِّدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ جَمِيعُ إرْثِهِ، وَلَا يُورَثُ إلَّا الْمُكَاتَبُ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ زَائِدٍ عَنْ كِتَابَتِهِ وَمَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ أَيْ إرْثًا لُغَوِيًّا، أَيْ يَأْخُذُ الْمَالَ الْبَاقِيَ بَعْدَ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ لُغَةً الْبَقَاءُ لَا الْإِرْثَ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
وَأَشَارَ إلَى ثَانِي الْمَوَانِعِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) لِمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَا الْإِسْلَامَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ هَلْ يُحْكَمُ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ كَالْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ مِلَلٍ وَأَدْيَانٍ؟ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ مِلَّةٌ وَالْيَهُودِيَّةَ مِلَّةٌ، وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَا يَرِثُ يَهُودِيٌّ نَصْرَانِيًّا وَلَا عَكْسُهُ، وَكَذَا الْمَجُوسِيُّ، وَيَقَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مَنْ عَدَاهُمَا مِنْ الْمَجُوسِ وَعُبَّادِ الشَّمْسِ أَوْ الْحَجَرِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا مُخَالِفَ فِي دِينٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ نَصْرَانِيٍّ وَسِوَاهُمَا مِلَّةٌ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ: إنَّ كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ غَيْرَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة مِلَلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمَّهَاتِ، وَأَنَّ خَلِيلًا اعْتَمَدَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ مَالِكٍ وَفِيهِ مَقَالٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَا يُعْلَمُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَرَّضَ لِعَدَمِ إرْثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ وَعَكْسِهِ، وَسَكَتَ عَنْ تَوَارُثِ الْكُفَّارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
(تَنْبِيهٌ) لَا يَدْخُلُ الْكَافِرُ الزِّنْدِيقُ أَوْ السَّاحِرُ أَوْ السَّابُّ إذَا قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَالَهُمْ لِوَارِثِهِمْ إنْ أَنْكَرُوا مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ تَابُوا؛ لِأَنَّهُمْ يَقِلُّونَ حَدًّا لَا كُفْرًا، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ وَأَصَرُّوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ كُفْرًا وَيَكُونُ مَالُهُمْ لِبَيْتِ الْمَالِ.
(وَلَا) يَرِثُ (ابْنُ الْأَخِ لِأُمٍّ وَلَا جَدٌّ لِأُمٍّ وَلَا أُمُّ أَبُو الْأُمِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (وَلَا تَرِثُ أُمُّ أَبُو الْأَبِ مَعَ وَلَدِهَا أَبُو الْمَيِّتِ) وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ الْجَدَّةَ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ عَلَتْ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ تَحْجُبُهُ تِلْكَ الْوَاسِطَةُ، فَقَوْلُهُ: أُمُّ أَبِي الْمَيِّتِ بَدَلٌ مِنْ وَلَدِهَا، وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ لَوْ قَالَ: وَلَا تَرِثُ الْجَدَّةُ مِنْ وَلَدِهَا لِيَسْلَمَ مِنْ الْإِشْكَالِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أُمُّ الْجَدِّ، وَآخِرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أُمُّ الْأَبِ، وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْجَدَّ وَإِنْ عَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَبٌ، فَالثَّانِي زِيَادَةُ بَيَانٍ.
(وَلَا تَرِثُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ مَعَ الْجَدِّ لِلْأَبِ وَلَا مَعَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يُحْجَبُ بِوَاحِدٍ مِنْ عَمُودَيْ النَّسَبِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا وَالْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يُحْجَبُ بِوَاحِدٍ مِنْ سِتَّةٍ أَشَارَ لَهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَسَقَطَ بِابْنٍ وَابْنِهِ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَتْ وَأَبٍ وَجَدٍّ (وَ) كَذَا (لَا مِيرَاثَ لِلْإِخْوَةِ مَعَ الْأَبِ مَا كَانُوا) أَيْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ لَا يَرِثُ مَعَهَا (وَ) كَذَا (لَا يَرِثُ عَمٌّ مَعَ الْجَدِّ وَلَا ابْنُ أَخٍ مَعَ الْجَدِّ) ؛ لِأَنَّ رُتْبَةَ الْأَخِ فِي رُتْبَةِ الْجَدِّ وَالْأَخُ يَحْجُبُ ابْنَهُ فَكَذَا مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ.
وَأَشَارَ إلَى ثَالِثِ الْمَوَانِعِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْعُدْوَانِ (مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ) لِاتِّهَامِهِ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ بِمَوْتِ الْمُوَرَّثِ (وَ) كَذَا (لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْخَطَإِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا قَاتِلٌ عَمْدًا عُدْوَانًا وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ كَمُخْطِئٍ مِنْ الدِّيَةِ، وَقَيَّدْنَا كَخَلِيلٍ الْعَمْدَ بِالْعُدْوَانِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ