للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَهَا إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَلَا يَرِثُهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً وَقَدْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِدَّةِ

. وَإِنْ طَلَّقَ الصَّحِيحُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا بَعْدَهَا

وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْهُ وَلَا يَرِثُهَا

وَتَرِثُ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ السُّدُسَ وَكَذَلِكَ الَّتِي لِلْأَبِ فَإِنْ اجْتَمَعَتَا فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْعَمْدِ غَيْرِ الْعُدْوَانِ، كَقَتْلِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ أَحَدًا مِمَّنْ يَرِثُهُ فِي حَدٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَكَقَتْلِ شَخْصٍ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ فِي الْبَاغِيَةِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَوِرْثُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ إرْثِ قَاتِلِ الْعَمْدِ خَبَرُ: «لَيْسَ لِقَاتِلِ الْعَمْدِ شَيْءٌ» وَهَذَا فِي الْمَالِ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَاخْتُلِفَ فِي إرْثِ قَاتِلِ مُسْتَحِقِّهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ التِّلْمِسَانِيَّة إرْثُهُ وَلَفْظُهُ وَيَرِثَانِ مَعًا الْوَلَاءَ وَصُورَتُهُ: أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا لَهُ وَلَاءُ عِتْقٍ، وَالْقَاتِلُ وَارِثُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ مِنْ الْوَلَاءِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ إذَا قَتَلَ عَتِيقَهُ عَمْدًا يَرِثُهُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ عَمْدًا.

(تَنْبِيهٌ) لَيْسَ مِنْ الْقَتْلِ الْخَطَإِ قَتْلُ الصَّبِيِّ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ، بَلْ هُوَ مِنْ الْعَمْدِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْإِرْثِ مِنْ الْمَقْتُولِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ إنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ كَخَطَئِهِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الْمَوَانِعِ فِي نَظْمِ التِّلْمِسَانِيَّة، وَنُوقِشَ فِي عَدِّ الْإِشْكَالِ مِنْ الْمَوَانِعِ؛ لِأَنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ مِنْ قَوْلِ التِّلْمِسَانِيَّة فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حَتَّى يَكْشِفَ عَنْ حَالِهِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إشْكَالِهِ وَرِثَ وَإِنْ اتَّضَحَ بِجِهَةٍ وَرِثَ بِهَا، وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِي الْحَاجِبِ كَوْنَهُ وَارِثًا بَيَّنَ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ بِحَالٍ) لِحُصُولِ مَانِعٍ (فَلَا يَحْجُبُ وَارِثًا) وَإِنَّمَا قُلْنَا الْغَالِبُ لِمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ تِلْكَ الْكُلِّيَّةِ وَهُوَ سِتُّ مَسَائِلَ الْحَاجِبُ فِيهَا غَيْرُ وَارِثٍ: أُمٌّ وَجَدٌّ وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ وَلَا يَرِثُونَ لِحَجْبِهِمْ بِالْجَدِّ.

الثَّانِيَةُ: أَبَوَانِ وَإِخْوَةٌ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ وَلَا يَرِثُونَ لِحَجْبِهِمْ بِالْأَبِ.

الثَّالِثَةُ: الْمُشْتَرِكَةُ إذَا كَانَ فِيهَا جَدٌّ.

الرَّابِعَةُ: الْمَالِكِيَّةُ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَجَدٌّ فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ وَلَا يَرِثُونَ.

الْخَامِسَةُ: الْمُعَادَةُ كَأَخٍ شَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ وَجَدٌّ فَإِنَّ الشَّقِيقَ يَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْأَخَ لِلْأَبِ فَيَتَقَاسَمُونَ الْمَالَ أَثْلَاثًا، ثُمَّ يَرْجِعُ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فَيَأْخُذُ مَا بِيَدِهِ، فَقَدْ حَجَبَ الْأَخُ لِلْأَبِ الْجَدَّ عَنْ النِّصْفِ إلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يَرِثْ شَيْئًا.

وَلَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ لَا مُطْلَقًا قَالَ: (وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ (تَرِثُ زَوْجَهَا) بِشَرْطِ (إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ) الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ مُعَامِلَةً لِمُطَلِّقِهَا بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ مَنْعُهَا مِنْ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ إخْرَاجِ الْوَارِثِ كَمَا نَهَى عَنْ إدْخَالِهِ، وَلَا يَنْقَطِعُ إرْثُهَا مِنْ مُطَلِّقِهَا إلَّا بِالصِّحَّةِ الْبَيِّنَةِ (وَلَا يَرِثُهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْمَرَضِ مُطَلِّقُهَا إذَا مَاتَتْ قَبْلُ لِبَيْنُونَتِهَا، وَمِثْلُ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ لَوْ كَانَ طَلَاقُهَا أَوْ ظِهَارُهَا أَوْ الْإِيلَاءُ مِنْهَا مُعَلَّقًا فِي صِحَّتِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا ثُمَّ فَعَلَتْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي حَالِ مَرَضِ الزَّوْجِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَوْ قَصَدَتْ تَحْنِيثَهُ بِفِعْلِهَا الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَإِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَنَفَّذَ خُلْعَ الْمَرِيضِ وَرَثَتُهُ دُونَهُ كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ فِيهِ وَمُولًى مِنْهَا وَمُلَاعَنَةٍ أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ، وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ بِصِحَّةِ بَيِّنَةٍ.

ثُمَّ شُبِّهَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ إرْثِهَا مِنْهُ مُطْلَقًا دُونَهُ قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ) الْوَاقِعُ فِي الْمَرَضِ (وَاحِدَةً) رَجْعِيَّةً (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ مَاتَ) الزَّوْجُ (مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ) الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ) فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ بِالْأَزْوَاجِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَتْ دُونَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ لَوَرِثَهَا إنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَفْهُومُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهَذِهِ طَلَاقُهَا رَجْعِيٌّ، فَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يَتَوَارَثَانِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا تَرِثُهُ دُونَهُ مُعَامِلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ، وَمِثْلُ الْوَاحِدَةِ الِاثْنَتَانِ، كَمَا أَنَّ مِثْلَ الثَّلَاثِ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ.

(وَ) مَفْهُومُ الْمَرِيضِ (إنْ طَلَّقَ الصَّحِيحُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً) رَجْعِيَّةً أَوْ اثْنَتَيْنِ كَذَلِكَ.

(فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَلُحُوقِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، سِوَى تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا.

(فَإِنْ انْقَضَتْ) عِدَّةُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (فَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا بَعْدَهَا) لِبَيْنُونَتِهَا وَالطَّلَاقُ فِي الصِّحَّةِ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَهَا لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ انْقَضَتْ إلَّا زِيَادَةُ الْإِيضَاحِ.

(وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (لَمْ تَرِثْهُ وَلَا يَرِثُهَا) لِحُرْمَةِ ذَلِكَ النِّكَاحِ وَفَسَادِهِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَلَا يُقَالُ: النِّكَاحُ الْفَاسِدُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ فَسْخِهِ فِيهِ الْإِرْثُ، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ اسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ نِكَاحَ الْمَرِيضِ فَإِنَّهُ لَا إرْثَ فِيهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِيهِ الْإِرْثُ إلَّا نِكَاحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>