للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ وَاجِبَةٌ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا وَهُوَ فِعْلٌ يَسْتَدْرِكُونَ بِهِ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ،

وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ،

وَالْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ تَخْفِيفٌ وَقَدْ فَعَلَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ،

وَالْجَمْعُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَجَمْعُ الْمُسَافِرِ فِي جِدِّ السَّيْرِ رُخْصَةٌ،

وَجَمْعُ الْمَرِيضِ يَخَافُ أَنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

بِالْفُسْطَاطِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اجْتَمَعُوا عَلَى نَصْبِ مِحْرَابِهِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْجِهَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ خَرَجَ عَنْ تِلْكَ الْبِقَاعِ الثَّلَاثِ، فَمَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَقْطَعُهَا وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْخَطَأُ لِلْمُصَلِّي فِيهَا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ، وَتَجِبُ إعَادَتُهَا أَبَدًا وَلَوْ كَانَ الْخَطَأُ يَسِيرًا مِنْ أَعْمَى، وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ كَوْنِ الِانْحِرَافِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا، وَأَمَّا مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي غَيْرِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَلَوْ كَانَ الِانْحِرَافُ كَثِيرًا حَيْثُ كَانَ الْمُنْحَرِفُ أَعْمَى وَبَصِيرًا وَانْحِرَافُهُ يَسِيرٌ وَإِنْ كَثُرَ انْحِرَافُهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ لِبُطْلَانِهَا فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الِانْحِرَافُ إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا تُعَادُ وَلَا فِي الْوَقْتِ إلَّا عَلَى الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا فَيُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قُطِعَ غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٌ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهِ اوَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَمَفْهُومُ الْخَطَإِ أَنَّ تَعَمُّدَ الِانْحِرَاف مُبْطِلٌ، وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَوْ جَهِلَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مَعَ عِلْمِ كُلٍّ بِحُكْمِ الِاسْتِقْبَالِ فَقِيلَ يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا، وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا خِلَافٌ، وَأَمَّا مَنْ جَهِلَ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ صَلَاتَهُ الْفَرْضَ أَبَدًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.

[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

(وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ) فَرِيضَةٌ.

(وَ) كَذَلِكَ (السَّعْيُ إلَيْهَا) لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ (فَرِيضَةٌ) عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُتَوَطِّنٍ وَإِنْ بَقَرِيَّةٍ نَائِيَةٍ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ وَزَمَنِ السَّعْيِ بِحَيْثُ إذَا شَرَعَ فِيهِ يُدْرِكُ جَمِيعَ الصَّلَاةِ أَوْ مَعَ الْخُطْبَةِ، فَقَوْلُهُ فَرِيضَةٌ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّعْيِ.

[صَلَاة الْوِتْر]

(وَ) صَلَاةُ (الْوِتْرِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ رَكْعَةٌ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُهُ عَقِبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ بِسَلَامٍ، وَيُكْرَهُ وَصْلُهُ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ. (وَكَذَلِكَ صَلَاةُ) كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ (الْعِيدَيْنِ) سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَلَا أَفْضَلِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ فِي تَفْضِيلِ صَلَاةِ عِيدِ النَّحْرِ وَوَقْتِهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ، وَإِنَّمَا تَقَعُ سُنَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ وَتُنْدَبُ لِمَا فَاتَتْهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الزَّوَالُ فَتَفُوتَ.

(وَ) كَذَلِكَ صَلَاةُ (الْخُسُوفِ) وَهُوَ ذَهَابُ كُلِّ أَوْ بَعْضِ ضَوْءِ الشَّمْسِ إلَّا مَا قَلَّ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. (وَ) كَذَلِكَ صَلَاةُ (الِاسْتِسْقَاءِ) سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ، وَأَمَّا صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ فَالْمَشْهُورُ نَدْبُهَا، وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ تُقَدَّمُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَتُفْعَلُ فِي الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَيُنْدَبُ فِعْلُهَا فِي الصَّحْرَاءِ وَمِثْلُهَا الِاسْتِسْقَاءُ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَفُعِلَتْ فِي الْمَسْجِدِ لِئَلَّا تَفُوتَ تَأْخِيرُهَا لِلْمُصَلِّي بِانْجِلَائِهَا بِخِلَافِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ لَا تَفُوتُ صَلَاتُهُ إلَّا بِالزَّوَالِ. (وَ) كَيْفِيَّةُ إيقَاعِ (صَلَاةِ) الْفَرْضِ فِي زَمَنِ (الْخَوْفِ) عَلَى مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَاجِبَةٌ) وُجُوبَ السُّنَنِ (أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانُهُ) وَتَعَالَى (بِهَا) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ لَمْ تُنْسَخْ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا حَيْثُ لَمْ يُرْجَ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ قَبْلَ ذَهَابِ الْوَقْتِ، فَإِنْ رَجَا انْكِشَافَهُ أَخَّرَهُمْ حَتَّى يَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ. (وَهُوَ) أَيْ فِعْلُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِحَالِ الْخَوْفِ مِنْ قَسْمِ الْجَمَاعَةِ قِسْمَيْنِ. (فِعْلٌ يَسْتَدْرِكُونَ) أَيْ يُحَصِّلُونَ (بِهِ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ سُنَّةٌ.

(وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ) فِي حَقِّ مَنْ يَصِحُّ طَوَافُهُ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ حَائِضٍ وَلَا نُفَسَاءَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ لِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ مَكَّةَ بِذِي طُوًى وَلَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ إبْقَاءً لِلشَّعَثِ وَخَوْفَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ غُسْلِ عَرَفَةَ فَيُنْدَبُ وَلَوْ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقُبْهُ طَوَافٌ وَلَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْإِحْرَامِ فَاغْتِسَالَاتُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ.

[جَمْعِ الصَّلَاة]

(وَالْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ) الْكَثِيرِ وَلَوْ الْمُتَوَقَّعَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، أَوْ الطِّينِ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَشْيَ بِالْمَدَاسِ مَعَ الظُّلْمَةِ، وَمِثْلُهُ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَى كَثْرَةِ الْمُتَوَقَّعِ بِالْقَرَائِنِ وَخَبَرُ الْجَمْعِ قَوْلُهُ: (تَخْفِيفٌ) وَتَرْخِيصٌ وَهُوَ مَنْدُوبٌ، وَبَيَّنَ خَلِيلٌ صِفَتَهُ بِقَوْلِهِ: أُذِّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ وَأُخِّرَ قَلِيلًا ثُمَّ صُلِّيَا وَلَاءً إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ وَإِقَامَةٍ فَهُوَ جَمْعُ تَقْدِيمٍ، فَلَوْ جَمَعُوا لِأَجْلِ الْمَطَرِ الْمُتَوَقَّعِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي الْإِعَادَةُ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي الْوَقْتِ كَخَائِفِ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى ثُمَّ لِعَدَمِ حُصُولِ مَا خَافَهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْعِشَاءِ عِنْدَ الْمَغْرِبِ بِقَوْلِهِ: (وَقَدْ فَعَلَهُ) أَيْ الْجَمْعَ لَيْلَةَ الْمَطَرِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَ (الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ) بَعْدَهُ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>