للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ نِكَاحُ أَرْبَعِ حَرَائِرَ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَلِلْعَبْدِ نِكَاحُ أَرْبَعِ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ وَلِلْحُرِّ ذَلِكَ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا.

وَلْيَعْدِلْ بَيْنَ نِسَائِهِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى بِقَدْرِ وُجْدِهِ وَلَا قَسْمَ فِي الْمَبِيتِ لِأَمَتِهِ وَلَا

ــ

[الفواكه الدواني]

انْقَطَعَ رَضَاعُهُ قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهَا، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ تُرْضِعُهُ فَلَا لِأَنَّهُ صَارَ وَلَدًا لَهُ وَأَخَاهَا مِنْ الرَّضَاعِ،

وَلَمَّا كَانَ الْعَبْدُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ فِي الْعُقُوبَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِبَادَاتِ قَالَ: (وَيَجُوزُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ) الْمُسْلِمَيْنِ (نِكَاحُ أَرْبَعِ حَرَائِرَ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ وَالتَّلَذُّذَاتِ فَيُشَارِكُهُ فِيهَا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، بِخِلَافِ الْعُقُوبَاتِ كَالطَّلَاقِ وَالْحَدِّ فَهُوَ عَلَى النِّصْفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَالذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الرِّقِّ، وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ مُسْتَنِدِينَ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] مِنْ إبْقَاءِ الْوَاوِ عَلَى بَابِهَا فَإِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ فَهْمِهِمْ الْآيَةَ عَلَى مُقْتَضَى الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، قَالُوا: وَبِمَعْنَى أَوْ فَالْآيَةُ حُجَّةٌ لِلْمَشْهُورِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ الْإِجْمَاعُ عَلَى حُرْمَةِ الْخَامِسَةِ، وَأَنَّ جَوَازَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ لِغَيْلَانَ حِينَ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرٍ: «اخْتَرْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» ، أَيْ بَاقِيهِنَّ، وَكُلُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ وَقَعَ نِكَاحُ الْخَمْسِ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَطَلَ فِيهِنَّ، وَمِنْ دَخَلَ بِهَا مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا صَدَاقُهَا، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ الْعَقْدُ فُسِخَ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ فَقَطْ، وَلَمَّا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ نِكَاحِ الْحُرِّ الَّذِي يُولَدُ لَهُ أَمَةُ الْأَجَانِبِ رِقَّ وَلَدِهِ قَالَ: (وَ) يَحِلُّ (لِلْعَبْدِ نِكَاحُ أَرْبَعِ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ) وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى نِكَاحِ الْحَرَائِرِ لِأَنَّ الْإِمَاءَ مِنْ نِسَائِهِ، وَالْوَلَدُ لَا يَكُونُ أَشْرَفَ مِنْ أَبِيهِ.

(وَ) كَذَا يَحِلُّ (لِلْحُرِّ ذَلِكَ) أَيْ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ) أَيْ الزِّنَا إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ (وَلَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ) وَلَوْ الْكِتَابِيَّاتِ (طَوْلًا) أَيْ مَهْرًا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ غَيْرَ الْمُغَالِيَةِ، وَتَفْسِيرُنَا الطَّوْلَ بِالْمَهْرِ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ الطَّوْلَ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يَقْدِرُ بِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ وَالنَّفَقَةِ.

قَالَ بَعْضٌ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَيَدْخُلُ فِي الطَّوْلِ الَّذِي يُعَدُّ بِهِ قَادِرًا عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ الدَّيْنُ الْكَائِنُ عَلَى مَلَأٍ، وَمَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ مِنْ كِتَابَةٍ وَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَدَابَّةِ رُكُوبِهِ وَكُتُبِ الْفِقْهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَمِنْ الطَّوْلِ أَيْضًا لَوْ وَجَدَ حُرَّةً تَتَزَوَّجُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ لَا دَارِ سُكْنَاهُ وَلَا خِدْمَةِ مُدَبَّرٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الطَّوْلِ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ الْحُرَّةِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ وَلَا تُعِفُّهُ لَا يُعَدُّ طَوْلًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُغَالِيَةِ الَّتِي تَطْلُبُ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا زِيَادَةً لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهَا فِي التَّيَمُّمِ وَفِي شِرَاءِ النَّعْلَيْنِ لِلْإِحْرَامِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ لِجَوَازِ نِكَاحِ الْحُرِّ الْأَمَةَ أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً وَأَشَرْنَا لَهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُرَّ الَّذِي يُولَدُ لَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ غَيْرِ أَصْلِهِ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ، وَأَنْ يَعْجَزَ عَنْ صَدَاقِ الْحُرَّةِ، وَأَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً كَمَا ذَكَرْنَا، أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يُولَدُ لَهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةَ أَصْلِهِ كَأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ الْأَحْرَارِ لَجَازَ لَهُ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْحُرِّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِنِكَاحِ الْإِمَاءِ بِقَيْدِ الْأَرْبَعِ، لِأَنَّ مَا أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ يَتَحَدَّدُ بِزَوَالِهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَزْيَدَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ.

الثَّانِي: لَوْ تَزَوَّجَ الْحُرُّ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ بِأَنْ طَرَأَ لَهُ الْمَالُ أَوْ أَمِنَ مِنْ الزِّنَا لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ إذَا تَزَوَّجَ بِالْأَمَةِ بِشَرْطِهِ عَلَى حَسَبِ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِهِ، بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ وَلَوْ بَعْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ.

الثَّالِثُ: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ نِكَاحَ الْحُرِّ لِلْأَمَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إحْدَاهَا: نِكَاحُهُ أَمَةَ أَصْلِهِ الْحُرِّ، ثَانِيَتُهَا: نِكَاحُهُ أَمَةَ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يُولَدُ لَهُ، ثَالِثُهَا نِكَاحُ أَمَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ مِمَّنْ يُولَدُ لَهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

وَقِسْمٌ غَيْرُ جَائِزٍ بِاتِّفَاقٍ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُهُ بِأَمَةِ نَفْسِهِ أَوْ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ فِيهِ الْخِلَافُ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ وَهُوَ نِكَاحُ أَمَةِ الْفَرْعِ أَوْ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالزَّوْجُ مِمَّنْ يُولَدُ لَهُ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ الشُّرُوطُ.

(خَاتِمَةٌ) إذَا صَحَّ نِكَاحُ الْحُرِّ الْأَمَةَ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ عَلَى الْأَزْوَاجِ وَلَوْ عَبِيدًا، وَيُنْفِقُ الْعَبْدُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ كَالْمَهْرِ إلَّا لِعُرْفٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَمَّا نَفَقَةُ أَوْلَادِ الْأَمَةِ مِنْ الزَّوْجِ الْحُرِّ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ عِتْقِهِمْ فَعَلَى سَيِّدِهِمْ وَهُوَ سَيِّدُ أُمِّهِمْ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهُمْ السَّيِّدُ فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى أَبِيهِمْ كَإِرْضَاعِهِمْ إلَّا أَنْ يَعْدَمَ الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ فَعَلَى السَّيِّدِ، لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْكَسْبِ، وَأَمَّا أَوْلَادُ الْعَبِيدِ فَإِنْ كَانُوا أَرِقَّاءَ فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ أَوْلَادُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَرِقَّاءَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ سَيِّدُهُمْ، وَالْأَحْرَارُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا ذَكَرْنَا،

[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

وَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>