للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ وَأَمَةَ أُمِّهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ امْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ رَجُلٍ غَيْرِهِ وَتَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ ابْنَ زَوْجَةِ أَبِيهَا مِنْ رَجُلٍ غَيْرِهِ.

ــ

[الفواكه الدواني]

الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَوْ كَانَ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَلَوْ عَجَزَ عَنْ صَدَاقِ الْحُرَّةِ، لِأَنَّ حِلَّ الْأَمَةِ لِمَنْ عَدِمَ صَدَاقَ الْحُرَّةِ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ مَشْرُوطٌ بِإِسْلَامِ الْأَمَةِ، لِأَنَّ الْأَمَةَ الْكَافِرَةَ وَلَدُهَا رَقِيقٌ، فَيَلْزَمُ عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لَهَا اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَأَبَاهُ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَوْ تَزَنْدَقَتْ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ بِأَنْ أَظْهَرَتْ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ النَّصْرَانِيَّةَ وَأَخْفَتْ الْمَجُوسِيَّةَ لَا يَجُوزُ لَنَا نِكَاحُهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلَا وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ إنْ كَانَتْ أَمَةً، بِخِلَافِ لَوْ أَظْهَرَتْ النَّصْرَانِيَّةَ وَأَخْفَتْ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ عَكْسِهِ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ.

الثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ، كَأَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ النَّصْرَانِيَّةَ أَوْ الْحُرَّةَ الْمَجُوسِيَّةَ، وَالْحُكْمُ فَسْخُ النِّكَاحِ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ أَسْلَمَتْ، وَيُرْجَمُ الزَّوْجُ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ: لَوْ تَعَمَّدَ الْمُسْلِمُ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّةِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَتْ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ بِمَجُوسِيٍّ أَوْ بِكَافِرٍ غَيْرِهِ لَمْ يَحُدَّا وَإِنْ تَعَمَّدَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يُحَدُّ فِي تَزَوُّجِهِ بِالْمَجُوسِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ بِالْمَجُوسِيِّ لَا حَدَّ عَلَيْهَا، أَنَّ إسْنَادَ النِّكَاحِ إلَى الرَّجُلِ عَلَى جِهَةِ الْحَقِيقَةِ، وَإِسْنَادَهُ إلَى الْمَرْأَةِ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ أَوْ الْحَقِيقَةِ الضَّعِيفَةِ، وَانْظُرْ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ هَلْ يُحَدُّ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا، وَالظَّاهِرُ لَا حَدَّ لِحِلِّ وَطْءِ الْأَمَةِ فِي الْجُمْلَةِ دُونَ الْمَجُوسِيَّةِ، وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ، فَتَلَخَّصَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْكَوَافِرَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَنْ لَا تَحِلُّ حَرَائِرُهُنَّ وَلَا إمَاؤُهُنَّ وَهُنَّ غَيْرُ الْكِتَابِيَّاتِ، وَمَنْ يَحِلُّ حَرَائِرُهُنَّ بِالنِّكَاحِ وَإِمَاؤُهُنَّ بِالْمِلْكِ وَهُنَّ الْكِتَابِيَّاتُ

(وَلَا) يَحِلُّ أَنْ (تَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا وَلَا عَبْدَ وَلَدِهَا) لِأَنَّهُ كَعَبْدِهَا وَالْمِلْكُ يُنَافِي الزَّوْجِيَّةَ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تُطَالِبُ الزَّوْجَ بِنَفَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَخِدْمَةِ الرِّقِّ، وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِنَفَقَةِ الرِّقِّ وَخِدْمَةِ الزَّوْجِيَّةِ؟ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ ابْنَ ابْنِهَا وَإِنْ نَزَلَ، وَيَشْمَلُ الْأُنْثَى أَيْضًا.

(تَنْبِيهٌ) لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ حُرْمَةِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ عَبْدَهَا وَجَوَازِ تَمْكِينِهَا لَهُ مِنْ نَظَرِهِ شَعْرَهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَلِعَبْدٍ بِلَا شِرْكٍ وَمُكَاتَبٍ وَغْدَيْنِ نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ، وَأُلْحِقَ بِشَعْرِهَا بَقِيَّةُ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُ إلَيْهِ مَحْرَمُهَا، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ مَيْلِ النُّفُوسِ إلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ قَبِيحَ الْمَنْظَرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ جَوَازَ نَظَرِ عَبْدِ زَوْجِهَا لِأَطْرَافِهَا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ خَصِيًّا وَوَغْدًا أَيْ قَبِيحَ الْمَنْظَرِ، لَا إنْ كَانَ فَحْلًا أَوْ حَسَنَ الْمَنْظَرِ.

(وَلَا) يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ (الرَّجُلُ أَمَتَهُ وَلَا أَمَةَ وَلَدِهِ) قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَحْرَمِ وَمِلْكِهِ: أَوْ لِوَلَدِهِ وَفُسِخَ وَإِنْ طَرَأَ بِلَا طَلَاقٍ كَمَرْأَةٍ فِي زَوْجِهَا وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ لِيُعْتَقَ عَنْهَا، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ تَزَوُّجِ الرَّجُلِ بِمِلْكِهِ بَيْنَ الْمِلْكِ الْكَامِلِ وَالْبَعْضِ، وَلَا بَيْنَ الْقَبَّةِ الْمَحْضَةِ وَذَاتِ الشَّائِبَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمِلْكَ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ، فَهُوَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ، وَلَا فَرْقَ فِي الرَّجُلِ بَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ أَمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ أَمَةِ نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» .

أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَبَ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَلَا يُحَدُّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ إنْ احْتَاجَ، فَإِنْ وَقَعَ هَذَا الْمَمْنُوعُ بِأَنْ تَزَوَّجَ الْمَالِكُ أَمَتَهُ أَوْ أَمَةَ فَرْعِهِ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ مَمْلُوكَهَا أَوْ مَمْلُوكَ فَرْعِهَا فُسِخَ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، كَمَا يُفْسَخُ لَوْ كَانَ سَابِقًا وَطَرَأَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفُسِخَ وَإِنْ طَرَأَ بِلَا طَلَاقٍ، كَمَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ اشْتَرَتْ زَوْجَهَا أَوْ مَلَكَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ الْآخَرَ بِالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، وَمِلْكُ الْبَعْضِ كَمِلْكِ الْكُلِّ فِي الْفَسْخِ (وَ) لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ فِي مَالِ وَالِدِهِ شُبْهَةٌ جَازَ (لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ وَأَمَةَ أُمِّهِ) الْحُرَّيْنِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ أَصْلِهِ وَإِنْ دَنَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ نِكَاحِ الْحُرِّ الْأَمَةَ حَيْثُ كَانَتْ مُسْلِمَةً لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَيَّدْنَا الْوَالِدَ وَالْوَالِدَةَ بِالْحُرَّيْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرَّقِيقَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ الْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَتِهَا لِأَنَّ وَلَدَهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَمْلِكَاهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا لَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ وَأُمِّهِ وَلَوْ رَقِيقَيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةِ الْوَالِدِ وَالْأُمِّ الْحُرَّيْنِ بِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ مَنْعُ نِكَاحِ الْحُرِّ أَمَةَ أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ لَا يُعْتَقُ عَلَى أَخِيهِ وَلَا عَلَى أُخْتِهِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ الْحُرَّ الرَّشِيدَ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ إلَّا الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا وَالْفَرْعُ وَإِنْ سَفُلَ، وَالْحَاشِيَةُ الْقَرِيبَةُ وَهِيَ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لَا أَوْلَادُهُمْ وَلَا الْأَعْمَامُ وَلَا الْعَمَّاتُ.

وَلَمَّا كَانَتْ بِنْتُ زَوْجَةِ الْأَبِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَلَمْ تُرْضَعْ مِنْ لَبَنِ أَجْنَبِيَّةٍ قَالَ: (وَلَهُ) أَيْ مُرِيدِ النِّكَاحِ (أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ امْرَأَةِ أَبِيهِ) الْمَخْلُوقَةَ (مِنْ رَجُلٍ غَيْرِهِ) حَيْثُ لَمْ تَشْرَبْ مِنْ لَبَنِ أُمِّهَا بَعْدَ نِكَاحِ أَبِيهِ وَإِلَّا حَرُمَتْ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا أَبُوهُ بَعْدَ وَطْئِهَا وَتَزَوَّجَهَا آخَرُ وَوَلَدَتْ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَهُمَا حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْقِطَاعُ اللَّبَنِ مِنْ الْأَوَّلِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاشْتَرَكَ مَعَ الْقَدِيمِ وَلَوْ بِحَرَامٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ فَتَحْرُمُ عَلَى أَوْلَادِ الْمُطَلِّقِ، كَمَا تَحْرُمُ عَلَى أَوْلَادِ مَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ.

(وَ) كَذَا يَحِلُّ أَنْ (تَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةُ ابْنَ زَوْجَةِ أَبِيهَا) الْكَائِنَ (مِنْ رَجُلٍ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ أَبِيهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>