للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمَنْ هِيَ فِي حِيَازَتِهِ قَدْ حَاضَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ إنَّهُ اشْتَرَاهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ تَخْرُجُ.

وَاسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ تُوطَأُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَاَلَّتِي لَا تُوطَأُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا.

وَمَنْ ابْتَاعَ حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَلَكَهَا بِغَيْرِ الْبَيْعِ فَلَا يَقْرَبُهَا وَلَا يَتَلَذَّذُ مِنْهَا بِشَيْءٍ حَتَّى تَضَعَ.

وَالسُّكْنَى لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَا نَفَقَةَ إلَّا لِلَّتِي طَلُقَتْ دُونَ

ــ

[الفواكه الدواني]

سَبَايَا أَوْطَاسٍ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ» .

فَقَالَ: (وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ) لِمَنْ لَمْ تَتَيَقَّنْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا، وَكَانَتْ تَحِلُّ لَهُ مُسْتَقْبَلًا، وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ قَبْلَ حُصُولِ مِلْكِهَا (حَيْضَةٌ) وَاحِدَةٌ حَيْثُ كَانَتْ تَحِيضُ سَوَاءٌ (انْتَقَلَ الْمِلْكُ بِبَيْعٍ) مِنْ الْغَيْرِ لَهُ (أَوْ) بِقَبُولٍ مِنْ (هِبَةٍ) أَوْ وَصِيَّةٍ (أَوْ) انْتَقَلَ مِلْكُهَا لَهُ (بِسَبْيٍ) لَهَا مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَإِرْثٍ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا مُحَرَّمًا لَهَا عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَلَوْ تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا فَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ، وَلَمْ تُمَيِّزْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ، وَنَظَرَ النِّسَاءُ فَإِنْ ارْتَابَتْ فَتِسْعَةٌ أَيْ تَمْكُثُ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ أَوْ ذَهَبَتْ حَلَّتْ، وَإِنْ زَادَتْ تَرَبَّصَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، ثُمَّ ذَكَرَ مُحْتَرَزَ مَا قَدَّمْنَاهُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ هِيَ) أَيْ الْأَمَةُ (فِي حِيَازَتِهِ) بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، وَالْحَالُ أَنَّهَا (قَدْ حَاضَتْ عِنْدَهُ) وَعُلِمَ بِذَلِكَ بِخَبَرِ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَلَوْ امْرَأَةً (ثُمَّ إنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ (فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ) لِتَيَقُّنِهِ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا (إنْ لَمْ تَكُنْ تَخْرُجُ) خُرُوجًا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهِ أَوْ يَلِجُ سَيِّدُهَا عَلَيْهَا، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا لِسُوءِ الظَّنِّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ مَنْ لَا تَحِيضُ بِقَوْلِهِ: (وَاسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ إذَا أَرَادَ سَيِّدُهَا أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ اسْتَحْدَثَ مِلْكَهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ (إنْ كَانَتْ تُوطَأُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَبْلَ بَيْعِهَا أَوْ قَبْلَ وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ لَمْ يُقْطَعْ بِعَدَمِ حَمْلِهَا. (وَ) كَذَلِكَ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ (الْيَائِسَةِ مِنْ الْمَحِيضِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَمَّا الَّتِي تُمَيِّزُ فَتُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ كَغَيْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ إنْ كَانَتْ تُوطَأُ بِقَوْلِهِ: (وَاَلَّتِي لَا تُوطَأُ) لِصِغَرِهَا كَبِنْتِ خَمْسِ سِنِينَ (فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا) عَلَى مَالِكِهَا عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهَا، وَلَا عَلَى مُشْتَرِيهَا عِنْدَ اشْتِرَائِهَا، لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ تُطِقْ الْوَطْءَ أَوْ حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمُودَعَةٍ، وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ بَعُدَ الْبِنَاءُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَطِيَّةَ لِلْوَطْءِ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَوْ كَانَتْ وَخْشَةً وَلَا تَحْمِلُ عَادَةً.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً أَوْ وَخْشًا أَوْ بِكْرًا أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ، وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْحَامِلُ فَقَالَ: (وَمَنْ ابْتَاعَ حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ) كَزَوْجٍ أَوْ زَانٍ (أَوْ مَلَكَهَا بِغَيْرِ الْبَيْعِ) كَإِرْثٍ أَوْ صَدَقَةٍ (فَلَا يَقْرَبُهَا) بِوَطْءٍ (وَلَا يَتَلَذَّذُ مِنْهَا بِشَيْءٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ (حَتَّى تَضَعَ) حَمْلُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَبِالْوَضْعِ كَالْعِدَّةِ، وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ الِاسْتِمْتَاعُ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا حَرُمَ وَطْؤُهَا فَقَطْ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دَمِ النِّفَاسِ، بِخِلَافِ الْمُقَدِّمَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِسَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِمْتَاعِ، إلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ وَطْؤُهُمَا، وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهِمَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا بِأَعْلَاهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْحَائِضُ تَشُدُّ إزَارَهَا وَشَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا» وَإِلَّا الْمَزْنِيَّ بِهَا وَالْمُغْتَصَبَةَ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا سَيِّدِهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَلَوْ وَطْئًا.

فَيُفِيدُ قَوْلُ خَلِيلٍ بَعْدَ بَيَانِ عِدَّةِ الْحُرَّةِ: وَقَدْرُ عِدَّةِ الْأَمَةِ مِنْ زَوْجِهَا وَوَجَبَ إنْ وُطِئَتْ بِزِنًى أَوْ غَصْبٍ قَدْرُهَا بِغَيْرِ الْحَامِلِ فَرَاجِعْ شُرَّاحَهُ. وَالدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْمَمْلُوكَةِ الْحَامِلِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» يَعْنِي لَا يَحِلُّ لَهُ إتْيَانُ الْحَبَالَى مِنْ غَيْرِهِ، وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ لَوْ زَنَتْ بِغَيْرِهِ زَمَنَ حَمْلِهَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا قِيلَ يُكْرَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُعْتَدَّةُ زَمَنَ عِدَّتِهَا مِنْ سُكْنَى أَوْ نَفَقَةٍ بِقَوْلِهِ: (وَالسُّكْنَى) وَاجِبَةٌ (لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا) سَوَاءٌ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى فَتَدْخُلُ الْمَحْبُوسَةُ بِزِنَاهُ، أَوْ فُسِخَ نِكَاحُهُ الْفَاسِدُ لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهَارَةٍ أَوْ لِعَانٍ، وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ الْحَبْسِ بِسَبَبِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ فِي التَّقْيِيدِ بِحَيَاتِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] وَلَمْ يُقَيَّدْ بِكَوْنِ الْمَسْكَنِ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>