للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَإِنْ اتَّسَعَ فَعَلَيْهِ إخْدَامُ زَوْجَتِهِ.

وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبِيدِهِ وَيُكَفِّنَهُمْ إذَا مَاتُوا وَاخْتُلِفَ

ــ

[الفواكه الدواني]

الثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّفَقَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أَوْلَادٍ أَوْ أَبَوَيْنِ، وَالصَّوَابُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ تَقْدِيمُ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ بِالْأَصَالَةِ وَنَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ بِالْعُرُوضِ، كَمَا تَقَدَّمَ نَفَقَةُ الْأُمِّ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبِ، وَنَفَقَةُ الصَّغِيرِ عَلَى نَفَقَةِ الْكَبِيرِ، وَنَفَقَةُ الْأُنْثَى عَلَى نَفَقَةِ الذَّكَرِ، وَعِنْدَ التَّسَاوِي يَقَعُ التَّحَاصُصُ كَمَا يَقَعُ التَّحَاصُصُ فِي الزَّوْجَاتِ عِنْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا تُقَدَّمُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ نَفْسِهِ فَتُقَدَّمُ وَلَوْ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ عَنْهُ لِغَيْرِهِ حِينَئِذٍ.

الثَّالِثُ: مُقْتَضَى لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْإِنْفَاقُ إلَّا عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَبَوَيْهِ وَأَوْلَادِهِ أَنَّ الْأُنْثَى لَيْسَتْ كَالذَّكَرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَفْصِيلًا بَيْنَ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَتُسَاوِي الرَّجُلَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْلَادِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَعْرُوفُ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْأُمِّ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ الْيَتِيمِ الْفَقِيرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي آخِرِ سُورَةِ الطَّلَاقِ: نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ دُونَ الْأُمِّ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا لُزُومُ اسْتِئْجَارِ مَنْ لَزِمَهَا الرَّضَاعُ وَلَا لَبَنَ لَهَا؛ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ كَجَرَيَانِهِ بِلُزُومِ الْإِرْضَاعِ لِغَيْرِ عَالِيَةِ الْقَدْرِ مَا دَامَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى أَبِيهِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ.

١ -

الرَّابِعُ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ، بَلْ صَرِيحُ الْآيَةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ حَيْثُ كَانَ فَقْرُهُمَا ثَابِتًا، نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الدَّيْنِ الْمُسْقِطِ لِزَكَاةِ مَا عِنْدَ الْوَلَدِ مِنْ الْمَالِ الْحُكْمِ مَعَ التَّسَلُّفِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْوُجُوبِ عَلَى الْوَلَدِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الْفَقِيرِ عَلَى وَالِدِهِ، وَلَفْظُ الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ فِي بَابِ الزَّكَاةِ بَعْدَ تَنْظِيرِهِ فِي تَقْرِيرِ بَعْضِ الشُّيُوخِ، إذْ يَأْتِي فِي بَابِ النَّفَقَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الْمُعْسِرِ تَجِبُ عَلَى وَالِدِهِ الْمُوسِرِ بِمُجَرَّدِ الْعُسْرِ وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت. وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ صَرِيحُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ وَعَكْسُهُ، وَهُوَ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَاجِبَةٌ بِالْأَصَالَةِ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوَالِدِ كَانَتْ سَاقِطَةً فَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْحُكْمِ.

١ -

الْخَامِسُ: لَوْ تَرَكَ الْوَلَدُ الْإِنْفَاقَ عَلَى أَحَدِ أَبَوَيْهِ مُدَّةً مَعَ وُجُوبِهَا أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا مَنْ وَجَبَتْ لَهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَرْطٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ إلَّا لِقَضِيَّةٍ أَوْ يُنْفِقُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَازَعَ فِيهَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِحَالٍ عَنْ الْمُوسِرِ، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ، وَلَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ بِالْقَرَابَةِ مُخْتَصَّةً بِالْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ أَنَّ النَّفَقَةَ بِالْقَرَابَةِ مَحْصُورَةُ الْأُبُوَّةِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا وَاجِبَةً عَلَى الْأَبِ أَوْ لَهُ قَالَ: (وَلَا نَفَقَةَ) وَاجِبَةٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُوسِرِ (لِمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ) الْمَذْكُورِينَ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ (مِنْ الْأَقَارِبِ) فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ، وَلَا عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، وَلَا عَلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا عَلَى الْأُصُولِ وَعَلَى الِابْنِ وَابْنِهِ وَعَلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَخِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي إيجَابِهَا عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ اتَّسَعَ) الزَّوْجُ الْأَهْلَ لِلْإِخْدَامِ (فَعَلَيْهِ إخْدَامُ زَوْجَتِهِ) الْمُتَأَهِّلَةِ لِلْإِخْدَامِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِخْدَامُ أَهْلِهِ، وَإِنْ بِكِرَاءٍ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَضَى لَهَا بِخَادِمِهَا إنْ أَحَبَّتْ إلَّا لِرِيبَةٍ، وَإِخْدَامُهَا إنَّمَا يَكُونُ بِأُنْثَى أَوْ بِذَكَرٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ، فَفِي كَلَامِ خَلِيلٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إخْدَامُهَا إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ أَهْلِيَّةً فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَإِذَا اشْتَرَى لَهَا خَادِمًا يَخْدُمُهَا فَإِنَّهَا لَا تَمْلِكُ إلَّا بِهِبَةٍ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَطِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَهْرِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ خَلِيلٍ الْمُفِيدِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا انْتَفَتْ الْأَهْلِيَّةُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يَلْزَمُهُ إخْدَامُهَا وَلَوْ كَثُرَ مَالُهُ، إلَّا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ كَانَ مِنْ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ، وَمَفْهُومُ إنْ اتَّسَعَ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّسَعِ لَا يَلْزَمُهُ إخْدَامٌ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَهْلًا وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ بِنَفْسِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَأَشَارَ إلَى السَّبَبِ الثَّالِثِ مِنْ أَسْبَابِ النَّفَقَةِ بِقَوْلِهِ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ رَقِيقًا (أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبِيدِهِ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ أَشْرَفَ الرَّقِيقُ عَلَى الْمَوْتِ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَكُونُ الْإِنْفَاقُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِمْ، فَلَا يُسْرِفُ وَلَا يَقْتُرُ وَيَنْظُرُ لِوُسْعِهِ وَحَالِ الْعَبِيدِ فَلَيْسَ النَّجِيبُ كَالْوَغْدِ، فَإِنْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ الْإِنْفَاقِ الْوَاجِبِ بِيعَ مَا يُبَاعُ إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى، وَإِلَّا بِيعَ كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ، وَأَمَّا مَنْ لَا يُبَاعُ كَأُمِّ الْوَلَدِ فَقِيلَ يُنْجِزُ عِتْقَهَا وَقِيلَ تُزَوَّجُ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَإِنْ كَانَ فِي خِدْمَتِهِ مَا يَكْفِيهِ خُدِمَ وَأُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَإِلَّا نَجَّزَ عِتْقَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا وَلَوْ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَى عَبِيدِ عَبِيدِهِ، وَإِنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ سَيِّدُهُمْ الْأَسْفَلُ (وَ) كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ عَبِيدِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يُكَفِّنَهُمْ إذَا مَاتُوا) وَسَائِرُ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النَّفَقَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ، وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>