أَحْسَنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمَنْ سَهَا عَنْ تَكْبِيرَةٍ أَوْ عَنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّةً أَوْ الْقُنُوتِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ
وَمَنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ لِفَوَاتِ رُكْنِهَا كَمَا لَوْ نَسِيَ سُجُودَهَا أَوْ رُكُوعَهَا، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ حَيْثُ جَلَسَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ بِحَيْثُ قَرَأَ فِيهِمَا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ، وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الْمَلْغِيَّةِ وَنَقْصِ الْجُلُوسِ وَالسُّورَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ الَّتِي ظَنَّهَا ثَالِثَةً؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَذَكَّرَ فِي الرَّابِعَةِ لِجَعْلِهِ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَالِثَةً وَيَأْتِي بِرَابِعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَيَجْتَمِعُ لَهُ نَقْصٌ وَزِيَادَةُ الزِّيَادَةِ هِيَ الرَّكْعَةُ الْمَلْغِيَّةُ وَالنَّقْصُ السُّورَةُ وَالْجُلُوسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ إكْمَالِهَا بِسَجْدَتَيْهَا لَأَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ، وَاسْتَأْنَفَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُلْغِيهَا وَيَجْعَلُ الثَّانِيَةَ الَّتِي قَامَ لَهَا مَحَلَّهَا، وَإِنْ تَذَكَّرَهَا فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا مَعَ السُّورَةِ، وَيَجْعَلُهَا ثَانِيَةً وَيَسْجُدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ سَلَامٍ إذْ مَعَهُ مَحْضُ زِيَادَةٍ، وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: (وَقِيلَ يَسْجُدُ) لَهَا (قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ) بَلْ يَعْتَدُّ بِهَا لِإِغْنَاءِ السُّجُودِ عَنْ إعَادَتِهَا (وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ) نَدْبًا (احْتِيَاطًا) .
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ إتْمَامَ الْأُولَى وَاجِبٌ وَإِعَادَتَهَا مَنْدُوبَةٌ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَا يَكُونُ إلَّا مَنْدُوبًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ الْمُصَلِّيَ بِالِاحْتِيَاطِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَبِالْإِعَادَةِ افْتَرَقَتْ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ الْأُولَى لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا تَمَيَّزَتْ الثَّالِثَةُ عَنْ الْأُولَى بِنَدْبِ إعَادَتِهَا.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا فَاتَ تَدَارُكُهَا، وَكَانَ التَّذَكُّرُ فِي الرَّابِعَةِ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا بِأَنْ ذَكَرَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا أَوْ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ لَرَجَعَ لِلْقِرَاءَةِ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّذَكُّرُ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ فَقَوْلَانِ بِالْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ شَفْعٍ وَقِيلَ يُشَفِّعُهَا، وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا فَإِنَّهُ يُشَفِّعُهَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يُشَفِّعُهَا وَلَوْ بَعْدَ سُجُودِهَا، وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ إتْمَامَهَا عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ، وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ كُلُّ قَوْلٍ مِنْ غَيْرِهِ.
(وَهَذَا) الْقِيلُ الثَّالِثُ (أَحْسَنُ ذَلِكَ) الْخِلَافِ أَيْ الْمُرْتَضَى مِنْ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَحْسَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ بِالْإِعَادَةِ فَفِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ تَرْغِيمِ أَنْفِ الشَّيْطَانِ بِالسُّجُودِ وَالْإِعَادَةِ لِلِاحْتِيَاطِ، وَإِنَّمَا قَالَ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) مَعَ كَوْنِهِ أَحْسَنَ الرِّوَايَاتِ إمَّا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِمَا قَالَهُ مِنْ الْأَحْسَنِيَّةِ أَوْ لِلتَّبَرُّكِ بِهَا، وَهَذَا مَسْلَكٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْحَسَنِ قَطْعًا مُفَوَّضٌ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهَذَا الْفَرْعُ زِيَادَةٌ عَلَى كَلَامِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ: وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ جُلِّ الصَّلَاةِ وَطَوَى الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ السُّجُودِ فِي تَرْكِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ أَوْ نِصْفِهَا، وَأُولَى جُلِّهَا هِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا يُنَافِي مَا شَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ مِنْ أَنَّ تَرْكَهَا فِي جُلِّ صَلَاتِهِ وَأُولَى نِصْفِهَا يَجْزِيهِ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا جُمْلَةً أَوْ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ، وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا، وَمَا شَهَرَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ أَنَّ مَنْ تَرَكَهَا فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.
الثَّانِي: عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ مِنْ رَكْعَةٍ يَسْجُدُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَلَعَلَّهُ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ أَوْ عَدَمِ وُجُوبِهَا جُمْلَةً.
الثَّالِثُ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ تَرْكِهِ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا عَمْدًا، وَمُحَصِّلُهُ كَمَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: أَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَأَمَّا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا جُمْلَةً أَوْ عَلَى وُجُوبِهَا فِي بَعْضِهَا فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ وَهُوَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ وَحُكِيَ عَلَيْهَا الِاتِّفَاقُ، وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ يَسْجُدُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ لِمَا عَلِمْت مِنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِنَقْصِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا كَانَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَوْ خَفِيفَةً مُتَعَدِّدَةً شَرَعَ فِي مُحْتَرَزِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ سَهَا عَنْ تَكْبِيرَةٍ) مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ وَغَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، (أَوْ عَنْ) لَفْظِ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً) رَاجِعٌ لِلتَّكْبِيرَةِ وَالتَّسْمِيعَةِ (أَوْ) سَهَا عَنْ (الْقُنُوتِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) جَوَابُ مَنْ سَهَا؛ لِأَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ، وَقَرَنَهُ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ، وَإِنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَمْدًا قَبْلَ سَلَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ سَجَدَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، كَمَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَرَكَ السُّجُودَ خَلْفَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ تَكْبِيرَةَ الْعِيدِ أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْعِيدِ أَوْ تَسْمِيعَتَيْنِ لَسَجَدَ، وَإِنْ صَحَّتْ