خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَلْيُزَكَّ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ أَصْنَافُ الْقَطْنِيَّةِ وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ أَصْنَافُ التَّمْرِ وَكَذَلِكَ أَصْنَافُ الزَّبِيبِ وَالْأَرْزِ وَالدُّخْنُ وَالذُّرَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا صِنْفٌ لَا يُضَمُّ إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ
وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ التَّمْرِ أَدَّى الزَّكَاةَ عَنْ الْجَمِيعِ مِنْ وَسَطِهِ
وَيُزَكَّى الزَّيْتُونُ إذَا بَلَغَ حَبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَخْرَجَ مِنْ زَيْتِهِ وَيُخْرِجُ مِنْ الْجُلْجُلَانِ وَحُبِّ الْفُجْلِ
ــ
[الفواكه الدواني]
(وَيُجْمَعُ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِشَعِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا لَمْ يَكْمُلْ النِّصَابُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ وَصِلَةُ يُجْمَعُ (فِي الزَّكَاةِ) لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ فِي الْبَيْعِ جِنْسًا بِحَيْثُ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. (فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ جَمِيعِهَا) بَعْدَ الضَّمِّ (خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) فَأَكْثَرُ (فَلْيُزَكِّ ذَلِكَ) الْمَجْمُوعَ وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِحِسَابِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ كَالتَّمْرِ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ وَإِلَّا فَمِنْ أَوْسَطِهَا، فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ أَحَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى أَجْزَأَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَيَجِبُ الضَّمُّ وَلَوْ زُرِعَتْ بِبُلْدَانٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ وَإِنْ بِبُلْدَانٍ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْحَصْدَ فِي الْحُبُوبِ كَالْحَوْلِ، وَإِنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَصَادِ الْآخَرِ فَلَا ضَمَّ، فَإِذَا زُرِعَ فِي ثَلَاثَةِ أَمَاكِنَ وَزُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَزُرِعَ الثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ وَسْقَانِ وَفِي الثَّالِثِ وَسْقَانِ أَيْضًا وَفِي الْوَسَطِ وَهُوَ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُزَكَّى الْجَمِيعُ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الضَّمِّ أَنْ يَبْقَى مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَى حَصَادِ الثَّانِي مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ، فَلَا بُدَّ فِي زَكَاةِ الْجَمِيعِ عِنْدَ ضَمِّ الْوَسَطِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَبْقَى حَبُّ السَّابِقِ لِحَصْدِ اللَّاحِقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ نِصَابٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَسْقَانِ فَلَا زَكَاةَ فِي الْجَمِيعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَكْمُلُ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ مَعَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَسَطِ ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ، وَفِي الْأَوَّلِ اثْنَانِ وَفِي الثَّالِثِ وَاحِدٌ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَنَصَّ اللَّخْمِيُّ: لَا زَكَاةَ عَلَى الْقَاصِرِ، وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْوَسَطِ زُكِّيَ الثَّالِثُ مَعَهُمَا، وَإِنْ كَمُلَ مِنْ الثَّالِثِ وَالْوَسَطِ زَكَّاهُمَا دُونَ الْأَوَّلِ.
قَالَ بَعْضٌ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ إذَا كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَالْأَوَّلُ مَضْمُومٌ لِلثَّانِي فَالْحَوْلُ لِلثَّانِي وَهُوَ خَلِيطٌ لِلثَّالِثِ، وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالْمَضْمُومُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ فَالْحَوْلُ لِلثَّالِثِ وَلَا خُلْطَةَ لِلْأَوَّلِ بِهِ وَهُوَ فَرْقٌ جَيِّدٌ. (وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ) لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ (أَصْنَافُ التَّمْرِ) كَالصَّيْحَانِيِّ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لِلْبَرْنِيِّ وَالْعَجْوَةِ؛ لِأَنَّ الضَّابِطَ أَنَّ الْأَنْوَاعَ الْمُتَقَارِبَةَ فِي الْمَنْفَعَةِ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ مُرَاعَاةً لَحِقَ الْفُقَرَاءِ وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِحِسَابِهِ إلَّا إذَا زَادَتْ عَلَى نَوْعَيْنِ فَمِنْ أَوْسَطِهَا كَمَا يَأْتِي، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَمْحَ وَمَا مَعَهُ لَا يُضَمُّ لِأَصْنَافِ التَّمْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ أَصْنَافُ الْقَطْنِيَّةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا لِبَعْضِهَا بِشَرْطِ زَرْعِ الْمَضْمُومِ قَبْلَ حَصَادِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ خَلِيلٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا فِي الزَّكَاةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ رِفْقًا بِالْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَتُجْمَعُ الْقَطْنِيَّةُ عَلَى قَطَانِيٍّ وَهِيَ كُلُّ مَا لَهُ غِلَافٌ كَالْبَسِيلَةِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ وَالْجُلْبَانِ وَالْفُولِ وَالتُّرْمُسِ وَاللُّوبِيَا، وَسُمِّيَتْ بِالْقَطَانِيِّ؛ لِأَنَّهَا تَقْطُنُ بِالْمَكَانِ أَيْ تُقِيمُ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا الْجُلْجُلَانُ وَلَا حَبُّ الْفُجْلِ وَلَا الْكِرْسِنَّةُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ الضَّمِّ يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِحِسَابِهِ، وَإِنْ أُخْرِجَتْ مِنْ بَعْضِ الْأَنْوَاعِ فَقَطْ أَجْزَأَ إنْ كَانَ الْمُخْرَجُ مِنْهُ أَعْلَى مِنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ. (وَكَذَلِكَ) تُجْمَعُ (أَصْنَافُ الزَّبِيبِ) بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَيُضَمُّ الْجُعْرُورُ لِغَيْرِهِ وَالْأَسْوَدُ لِلْأَحْمَرِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ النِّصَابُ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا. وَلَمَّا فَرَغَ مِمَّا يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ شَرَعَ فِيمَا لَا يُضَمُّ بِقَوْلِهِ: (وَالْأُرْزُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: (وَالدُّخْنُ وَالذُّرَةُ) مَعْطُوفَانِ عَلَيْهِ وَجُمْلَةُ (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا صِنْفٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ لَا يُضَمُّ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ (إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ) كَمَا أَنَّهَا أَجْنَاسٌ فِي الْبَيْعِ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَهَا
(وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ) مُخْتَلِفَةٌ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (مِنْ التَّمْرِ) وَكَمُلَ النِّصَابُ بِضَمِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ (أَدَّى) أَيْ أَخْرَجَ الْمَالِكُ (الزَّكَاةَ عَنْ الْجَمِيعِ مِنْ وَسَطِهِ) أَيْ التَّمْرِ، وَمِثْلُ أَصْنَافِ التَّمْرِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ الْوَسَطِ أَصْنَافُ الزَّبِيبِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ ذَلِكَ رِفْقًا بِالْمُزَكِّي وَبِالْفُقَرَاءِ، إذْ لَوْ أُخِذَ مِنْ الْأَعْلَى عَنْ الْجَمِيعِ لَأَضَرَّ بِرَبِّ الْمَالِ، أَوْ مِنْ الْأَدْنَى عَنْ الْجَمِيعِ لَأَضَرَّ بِالْفُقَرَاءِ، فَكَانَ الْعَدْلُ الْوَسَطَ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ أَخْرَجَ كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِهِ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ أَوْسَطِهَا لِوُضُوحِ أَمْرِهِ وَهُوَ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ كُلُّهُ جَيِّدًا أَوْ كُلُّهُ رَدِيئًا لَأُخِذَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَفْهُومُ أَصْنَافٍ لَوْ اجْتَمَعَ صِنْفَانِ فَقَطْ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ، فَفِي الْجَوَاهِرِ: يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْأَكْثَرِ، وَمَفْهُومُ أَصْنَافِ التَّمْرِ أَنَّ أَصْنَافَ الْحُبُوبِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ كَالتَّمْرِ نَوْعٍ أَوْ نَوْعَيْنِ وَإِلَّا فَمِنْ أَوْسَطِهَا
، وَلَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي النِّصَابِ الْكَيْلُ وَالْإِخْرَاجُ تَارَةً مِنْ الْحَبِّ وَتَارَةً مِنْ غَيْرِهِ أَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: (يُزَكَّى الزَّيْتُونُ إذَا بَلَغَ حَبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) مُقَدَّرَةِ الْجَفَافِ