للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْرُجُ إلَى الصَّفَا فَيَقِفُ عَلَيْهِ لِلدُّعَاءِ ثُمَّ يَسْعَى إلَى الْمَرْوَةِ وَيَخُبُّ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَإِذَا أَتَى الْمَرْوَةَ وَقَفَ عَلَيْهَا لِلدُّعَاءِ ثُمَّ يَسْعَى إلَى الصَّفَا يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَيَقِفُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعًا عَلَى الْمَرْوَةِ

ثُمَّ يَخْرُجُ

ــ

[الفواكه الدواني]

فَمَنْدُوبٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمَقَامِ الْحَجَرُ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ حِينَ بَنَى الْبَيْتَ وَغَرِقَتْ قَدَمَاهُ فِيهِ، أَوْ حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ.

الثَّانِي: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَإِذَا تَمَّ طَوَافُهُ رَكَعَ أَنَّهُ يُطْلَبُ اتِّصَالُهُمَا بِالطَّوَافِ لِدَلَالَةِ الْفَاءِ عَلَى التَّعْقِيبِ، فَلَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ تَطَهَّرَ وَأَعَادَ الطَّوَافَ لِصَلَاتِهِمَا مُتَّصِلَيْنِ بِهِ، فَإِنْ تَطَهَّرَ وَصَلَّاهُمَا وَسَعَى مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنْ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَرْكَعْهُمَا بِمَوْضِعِهِ وَيَبْعَثْ بِهَدْيٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ قَهْرًا.

الثَّالِثُ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَإِذَا تَمَّ طَوَافُهُ رَكَعَ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرْضُ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْمَعَ أَسَابِيعَ وَيُصَلِّيَ لِجَمِيعِهَا رَكْعَتَيْنِ بَلْ يُكْرَهُ، وَإِنْ وَقَعَ صَلَّى لِكُلِّ سَبْعَةِ أَشْوَاطٍ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، اُنْظُرْ الْأُجْهُورِيَّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.

(ثُمَّ) : بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (اسْتَلَمَ الْحَجَرَ) : الْأَسْوَدَ اسْتِنَانًا (إنْ قَدَرَ) : وَهَذَا التَّقْبِيلُ الْوَاقِعُ بَعْدَ تَمَامِ الطَّوَافِ تَوْدِيعٌ لِلْبَيْتِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بِزَمْزَمَ لِيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا التَّقْبِيلُ تَوْدِيعًا لِلْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الطَّوَافِ وَالرَّكْعَتَيْنِ لِلسَّعْيِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ) : بَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ (يَخْرُجُ) : مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ الصَّفَا الَّذِي هُوَ بَابُ بَنِي مَخْزُومٍ ذَاهِبًا (إلَى الصَّفَا) : بِالْقَصْرِ وَهُوَ جَبَلٌ بِمَكَّةَ وَبَقِيَ مِنْهُ مَحَلٌّ صَغِيرٌ قَرِيبٌ عَلَى بَابِ الصَّفَا، فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ يُسَنُّ أَنْ يَرْقَاهُ (فَيَقِفَ عَلَيْهِ لِلدُّعَاءِ) : بِمَا تَيَسَّرَ وَلَا يَدْعُو عَلَى الْأَرْضِ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ، وَحُكْمُ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ السُّنِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ إنَّمَا هُوَ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. (ثُمَّ) : بَعْدَ النُّزُولِ مِنْ عَلَى الصَّفَا (يَسْعَى) : أَيْ يَمْشِي ذَاهِبًا (إلَى الْمَرْوَةِ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ جَبَلٌ بِمَكَّةَ أَيْضًا مِنْهُ خَالٍ مِنْ الْبِنَاءِ مَحَلٌّ صَغِيرٌ كَالْبَاقِي مِنْ الصَّفَا.

(وَ) : يُسَنُّ أَنْ (يَخُبَّ) : أَيْ يُسْرِعَ إنْ كَانَ رَجُلًا (فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ) : فِي السَّبْعَةِ أَشْوَاطٍ، وَالْمُرَادُ بِبَطْنِ الْمَسِيلِ مَا بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ، فَيَمْشِي بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي حَالِ سَعْيِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى هَذَا الْمَحَلِّ فَيُسْرِعَ فِيهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ الْإِسْرَاعُ لِلرِّجَالِ لَا لِلنِّسَاءِ كَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ، وَلَا يَخُبُّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلَوْ تَرَكَ الْخَبَبَ الْمَطْلُوبَ لَا دَمَ عَلَيْهِ، كَمَا لَا دَمَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِفَرْضِيَّتِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ سُنَّةٌ، وَإِذَا تَرَكَهَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَالْمَشْيُ فِي الطَّوَافِ لِلْقَادِمِ كَمَا تَقَدَّمَ. (فَإِذَا أَتَى الْمَرْوَةَ وَقَفَ عَلَيْهَا) : اسْتِنَانًا بِحَيْثُ يَرَى الْبَيْتَ (لِلدُّعَاءِ) : كَمَا يَقِفُ عَلَى الصَّفَا، وَالْوُقُوفُ الْمَذْكُورُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا، وَلِلنِّسَاءِ إنْ خَلَا الْمَكَانُ مِنْ مُزَاحِمَةِ الرِّجَالِ، وَعِنْدَ الزَّحْمَةِ تَقِفُ النِّسَاءُ لِلدُّعَاءِ أَسْفَلَهَا. (ثُمَّ) : بَعْدَ الدُّعَاءِ بِمَا تَيَسَّرَ (يَسْعَى إلَى الصَّفَا) : الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ (بِفِعْلِ ذَلِكَ) : الْمَذْكُورِ مِنْ السَّعْيِ وَالْوُقُوفِ (سَبْعَ مَرَّاتٍ) : ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ تَكْرِيرِ السَّعْيِ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَوْلَهُ: (فَيَقِفُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ وَقَفَاتٍ) : بِفَتْحِ الْقَافِ لِفَتْحِ فَائِهِ (عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعًا عَلَى الْمَرْوَةِ) : وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ الصَّفَا ثُمَّ يَنْتَهِي إلَى الْمَرْوَةِ وَيَرْجِعُ إلَى الصَّفَا فَتَحْصُلُ مِنْ وُقُوفِهِ مَرَّتَيْنِ عَلَى الصَّفَا وَمَرَّةً عَلَى الْمَرْوَةِ طَوَافَانِ، وَلِذَلِكَ يَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعُ وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعُ وَقَفَاتٍ عَلَى الْمَرْوَةِ.

١ -

(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ دَلَّ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٥٨] أَيْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِمَا أَيْ يَسْعَى بَيْنَهُمَا سَبْعًا، نَزَلَتْ لَمَّا كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا وَعَلَيْهِمَا صَنَمَانِ يَمْسَحُونَهُمَا، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ السَّعْيَ غَيْرُ فَرْضٍ لِمَا أَفَادَهُ رَفْعُ الْإِثْمِ مِنْ التَّخْيِيرِ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ فَاسْعَوْا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. غَيْرُهُ وَقَالَ: «اُبْتُدِئُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» يَعْنِي الصَّفَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ: إنَّمَا أُخِذَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ مُجْتَهِدُو أُمَّةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى فَرْضِيَّتِهِ، خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا أَفَادَهُ: رَفْعُ الْإِثْمِ مِنْ التَّخْيِيرِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا نَزَلَتْ رَدًّا لِمَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يُنَافِي الْفَرْضِيَّةَ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ السَّعْيَ بَعْدَ الطَّوَافِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ مِنْ تَقَدُّمِ طَوَافٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَيْ عُلِمَ أَنَّهُ وَاجِدٌ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ، وَهَذَا مَعْنَى نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ عَلَى خَلِيلٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا مَعْنَى لِنِيَّةِ فَرِيضَةِ الشَّيْءِ مَعَ عِلْمِهِ فَرْضًا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ تَتَضَمَّنُ فَرْضِيَّتَهَا وَإِيقَاعُهَا فِي وَقْتِهَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَهَا أَدَاءً، وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>