أَكْبَرُ.
وَإِنْ زَادَ فِي الْأُضْحِيَّةِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَمَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ.
وَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ لَمْ تُؤْكَلْ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ إرْسَالِ الْجَوَارِحِ عَلَى الصَّيْدِ.
وَلَا يُبَاعُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ وَالنُّسُكِ لَحْمٌ
ــ
[الفواكه الدواني]
الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ الضَّحِيَّةِ شَرَعَ فِي صِفَةِ ذَبْحِهَا كَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ: (وَتُوَجَّهُ الذَّبِيحَةُ عِنْدَ الذَّبْحِ) عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (إلَى الْقِبْلَةِ) كَمَا يُسْتَحَبُّ إضْجَاعُهَا عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلذَّبْحِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ فَيُضْجِعَهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْمَنِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: السُّنَّةُ أَخْذُ الشَّاةِ بِرِفْقٍ وَتُضْجَعُ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَرَأْسُهَا مُشْرِفٌ بِالْفَاءِ وَتَأْخُذُ بِيَدِك الْيُسْرَى جِلْدَةَ حَلْقِهَا مِنْ اللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَمُدُّهُ حَتَّى تُبَيِّنَ الْبَشَرَةَ وَتَضَعَ السِّكِّينَ فِي الْمَذْبَحِ حَتَّى تَكُونَ الْجَوْزَةُ فِي الرَّأْسِ، ثُمَّ تُسَمِّيَ اللَّهَ وَتُمِرَّ السِّكِّينَ مَرًّا مُجْهِزًا مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ ثُمَّ تَرْفَعُ، وَلَا تَنْخَعُ، وَلَا تَضْرِبُ بِهَا الْأَرْضَ، وَلَا تَجْعَلْ رِجْلَك عَلَى عُنُقِهَا فَإِنْ خَالَفَ تِلْكَ الصِّفَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ أَسَاءَ وَتُؤْكَلُ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِهَا» ،؛ لِأَنَّ الدَّمِيرِيَّ قَالَ فِيهِ. إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَفْهُومُ الذَّبِيحَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ يَنْدُبُ تَوْجِيهُ الْمَنْحُورِ لِلْقِبْلَةِ أَيْضًا.
(وَلْيَقُلْ الذَّابِحُ) أَوْ النَّاحِرُ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ عِنْدَ شُرُوعِهِ (بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ نِيَّتُهَا وَتَسْمِيَةٌ إنْ ذَكَرَ أَوْ قَدَرَ، وَاشْتِرَاطُ الذِّكْرِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صِفَةِ التَّسْمِيَةِ إنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الْأَكْمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ. بِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ لَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَجْزَأَهُ، بَلْ فِي كَلَامِ سَنَدٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اللَّهَ مُقْتَصِرًا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ أَجْزَأَهُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يُلَاحِظْ لَهُ خَبَرًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ ذِكْرُ اللَّهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: بِسْمِ الرَّحْمَنِ أَوْ الْعَزِيزِ أَوْ الْخَالِقِ فَلَا يَكْفِي، وَقَيَّدْنَا بِالذِّكْرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ النَّاسِي، فَإِنَّ ذَكَاتَهُ تُؤْكَلُ كَمَا يَأْتِي، وَقَيَّدْنَا بِالْقَادِرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِ الْقَادِرِ كَالْأَخْرَسِ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ كَسُقُوطِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ فِي صَلَاتِهِ، فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ وَقَدَرَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: الظَّاهِرُ سُقُوطُهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ صِحَّةُ ذَبْحِ الْعَاجِزِ عَنْ التَّسْمِيَةِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْقَادِرِ وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ.
(وَإِنْ زَادَ) الذَّابِحُ عَلَى التَّسْمِيَةِ (فِي) ذَبْحِ (الْأُضْحِيَّةِ) أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْبِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ) أَيْ مُبَاحٌ، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: إنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ مِنْك، وَإِلَيْك فِي ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ فَيُكْرَهُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا كَانَ قَائِلُهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ التَّسْمِيَةِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ.
(وَمَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فِي) حَالِ (ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا) وَاسْتَمَرَّ نَاسِيًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ ذَكَاتِهَا (فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّسْمِيَةِ مُقَيَّدٌ بِالذِّكْرِ كَمَا قَدَّمْنَا.
(وَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ) إمَّا ابْتِدَاءً وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى أَنْفَذَ مَقْتَلَ الْحَيَوَانِ أَوْ بَعْدَ قَطْعِ بَعْضِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ إنْ نَسِيَهَا ابْتِدَاءً وَتَذَكَّرَهَا فِي الْأَثْنَاءِ وَتَرَكَهَا. (لَمْ تُؤْكَلْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] لِحَمْلِهِ عَلَى التَّرْكِ عَمْدًا، وَمِنْ التَّعَمُّدِ تَرْكُهَا مُتَهَاوِنًا. وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَبْلَ قَطْعِ تَمَامِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ سَمَّى فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ.
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مَحَلَّ الْإِجْزَاءِ إنْ أَتَى بِالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِي مَنْفُوذِ الزَّمِنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ لَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نِسْيَانًا وَتَذَكَّرَهَا فِي أَثْنَاءِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِهَا وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّذْكِرَةُ بَعْدَ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ، وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ، وَلَمَّا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ مَطْلُوبَةً حَتَّى فِي الصَّيْدِ قَالَ: (وَكَذَلِكَ) تَرْكُ التَّسْمِيَةِ (عِنْدَ إرْسَالِ الْجَوَارِحِ) أَوْ السَّهْمِ (عَلَى الصَّيْدِ) فَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا أُكِلَ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يُؤْكَلْ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ تَرْكِهَا عَمْدًا وَنِسْيَانًا، وَسَكَتَ عَنْ تَرْكِهَا جَهْلًا وَتَهَاوُنًا، وَمِنْهُ مَنْ يَكْثُرُ نِسْيَانُهُ لَهَا، وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ كَتَرْكِهَا عَمْدًا وَأَمَّا تَرْكُهَا عَجْزًا أَوْ مُكْرَهًا فَتُؤْكَلُ إلْحَاقًا لَهُمَا بِالنِّسْيَانِ.
الثَّانِي: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ التَّسْمِيَةِ، وَهُوَ الْوُجُوبُ، وَسَكَتَ عَنْ نِيَّةِ الذَّكَاةِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ مِنْ غَيْرٍ قَيْدٍ مِمَّا قُيِّدَتْ بِهِ التَّسْمِيَةُ، وَالْمُرَادُ نِيَّةُ الْفِعْلِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ التَّحْلِيلَ، وَلَا التَّقَرُّبَ، وَعَلَيْهِ فَمَنْ رَمَى صَيْدًا بِسِكِّينٍ فَقَطَعَ رَأْسَهُ مَثَلًا نَاوِيًا بِاصْطِيَادِهِ أُكِلَ،، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاصْطِيَادَ بِأَنْ نَوَى قَتْلَهُ أَوْ رَمَى حَجَرًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَمِثْلُهُ مَنْ رَمَى حَيَوَانًا بِمُدْيَةٍ فَقَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَوَدَجَهُ أُكِلَ مَعَ قَصْدِ ذَبْحِهِ فَقَطْ لَا مَعَ قَصْدِ زَجْرِهِ عَنْهُ أَوْ قَتْلِهِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ.
الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ طَلَبُ التَّسْمِيَةِ وَالنِّيَّةِ عِنْدَ الذَّكَاةِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: مَحَلُّ الْوُجُوبِ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْمُذَكِّي مُسْلِمًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي أَكْلِ ذَكَاتِهِ نِيَّةٌ، وَلَا تَسْمِيَةٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنَّ نِيَّةَ الذَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهَا حَتَّى فِي حَقِّ الْكَافِرِ، وَأَمَّا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَتُطْلَبُ مِنْ الْمُسْلِمِ دُونَ الْكَافِرِ، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ نِيَّةَ الْفِعْلِ كَافِيَةٌ عَلَى الصَّوَابِ، وَلَوْ لَمْ يُلَاحِظْ التَّقَرُّبَ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ ذَكَاةِ الْكِتَابِيِّ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ