للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مِثْلِهِ.

وَلَا تُخْطَبُ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ.

وَمَنْ نَكَحَ بِكْرًا فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا

ــ

[الفواكه الدواني]

كَانَ عَقْدُهُ فَاسِدًا مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْمَفْقُودِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، بِخِلَافِ لَوْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ تَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ يَفُوتُ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهَا تَفُوتُ عَلَى الْمَفْقُودِ.

قَالَ خَلِيلٌ: فَإِنْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ فَكَالْوَلِيَّيْنِ.

الثَّانِي: تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَلَمْ يَتَكَلَّمَ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ، وَحُكْمُهَا كَمَا لَهُ فِي الْوَقْفِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ حَيْثُ كَانَ لِسَيِّدِهَا مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ، وَإِلَّا تُجِزْ عِتْقَهَا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَتَتَزَوَّجُ بَعْدَ حَيْضَةٍ لِأَنَّهَا عِدَّتُهَا مِنْ سَيِّدِهَا، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ

وَأَشَارَ إلَى حُكْمِ مَالِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُوَرَّثُ مَالُهُ) أَيْ الْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ (حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهِ) وَهِيَ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَقِيلَ سَبْعُونَ سَنَةً وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ.

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: ثَمَانُونَ سَنَةً، وَحَكَمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سَنَةٍ فَالْأَقَلُّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَتِهِمْ تَحْقِيقٌ بَلْ تَجُوزُ عَلَى التَّقْدِيرِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَا مَرَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ إنَّمَا هُوَ فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَمَّا زَوْجَةُ مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ وَمِثْلُهَا زَوْجَةُ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُمَا يَبْقَيَانِ لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ وَأَوْلَى مَالُهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُضْرَبْ لَهُمَا أَجَلٌ كَزَوْجَةِ مَفْقُودِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ لِتَعَذُّرِ الْكَشْفِ عَنْ زَوْجِهِمَا وَمَحَلُّ بَقَائِهِمَا إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا كَغَيْرِهِمَا وَإِلَّا فَلَهُمَا التَّطْلِيقُ: قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: وَإِذَا جَازَ لَهَا التَّطْلِيقُ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا بِالْأَوْلَى لِشِدَّةِ ضَرَرِ تَرْكِ الْوَطْءِ النَّاشِئِ عَنْهُ الزِّنَا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ النَّفَقَةَ عَنْ زَوْجِهَا يَلْزَمُهَا الْإِسْقَاطُ، وَإِنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ لَا يَلْزَمُهَا وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ، وَأَيْضًا النَّفَقَةُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ بِتَسَلُّفٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ، فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ يُحْكَمُ بِمَوْتِ مَنْ ذُكِرَ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ، وَيُقْسَمُ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ حِينَئِذٍ لَا عَلَى وَرَثَتِهِ حِينَ فَقْدِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ يَوْمَ الْفَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، فَالْمُعْتَبَرُ وَرَثَتُهُ يَوْمَ ثُبُوتِ الْمَوْتِ، فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ فَإِنَّ الْقَسْمَ لَا يَمْضِي وَيَرْجِعُ لَهُ مَتَاعُهُ، وَلَا يُقَاسُ هَا هُنَا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيمَنْ اشْتَهَرَ بِجِزْيَةٍ وَأَوْصَى وَمَاتَ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ، وَيَمْضِي بَيْعُ الْوَصِيِّ إنْ عُذِّرَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ.

قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ نَقْلًا عَنْ خَطِّ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فِي مُعْتَرَكِ الْمُسْلِمِينَ فَتَعْتَدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فِي التَّكَشُّفِ عَنْهُ، وَلَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ أَمْرُهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَلِذَلِكَ يُقْسَمُ مَالُهُ حِينَ شُرُوعِهَا فِي الْعِدَّةِ، أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْجَيْشِ وَلَمْ تُشَاهِدْهُ فِي الْمُعْتَرَكِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجْرِي فِي زَوْجَتِهِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فِي زَمَنِ الْمَجَاعَةِ أَوْ الْوَبَاءِ أَوْ الْكُبَّةِ أَوْ السُّعَالِ فَتَعْتَدُّ بَعْدَ ذَهَابِ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فِي الْقِتَالِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ كَائِنَةً بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْ حَالِهِ وَبَقِيَ مَنْ شَكَّ فِي حَالِهِ هَلْ فُقِدَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْكُفَّارِ؟ لَا نَصَّ فِي حَالِهِ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِالْأَحْوَطِ، فَتُعَامَلُ زَوْجَتُهُ مُعَامَلَةَ زَوْجَةِ مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ، بِخِلَافِ مَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ فَانْقَطَعَ خَبَرُهُ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَفْقُودِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فُقِدَ فِي شِدَّةِ رِيحٍ وَالْمَرَاكِبُ فِي الْمَرْسَى وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ خَبَرٌ، فَيُحْكَمُ بِمَوْتِهِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِغَرَقِهِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَفْقُودَ عَلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ وَقَدْ مَرَّتْ مُفَصَّلَةَ الْأَحْكَامِ.

الثَّانِي: لَوْ مَاتَ مُورِثُ الْغَائِبِ وُقِفَ نَصِيبُ ذَلِكَ الْغَائِبِ مِنْهُ، فَإِنْ قَدِمَ أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ بِالتَّعْمِيرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ حِينَ مَاتَ الْمُعَمِّرُ، وَيَرِثُ الْمُعَمِّرَ وَرَثَتُهُ حِينَ مَاتَ بِالتَّعْمِيرِ،

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَحْرُمُ مِنْ أَسْبَابِهِ فِي زَمَنِهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا) يَجُوزُ (أَنْ تُخْطَبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ (الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا) وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ التَّصْرِيحُ بِالْخِطْبَةِ لِلْمُعْتَدَّةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَصَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ وَمُوَاعَدَتِهَا كَوَلِيِّهَا وَلَوْ عِدَّةَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بِهَا فِي عِدَّتِهَا لَا يُؤَبِّدُ كَمَا قَدَّمْنَا، وَالْمُوَاعَدَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الْوَعْدُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَكُرِهَ فَقَطْ وَقَيَّدْنَا بِغَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِدُونِ الثَّلَاثِ يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مِنْ عِدَّتِهَا فَضْلًا عَنْ الْخِطْبَةِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ الزِّنَا تُحْرَمُ خِطْبَتُهَا فِي زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا وَلَوْ مِنْهُ وَكَذَا مُوَاعَدَتُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ وَاضِحٌ.

الثَّانِي: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا لَوْ اقْتَحَمَ النَّهْيَ وَخَطَبَهَا فِي عِدَّتِهَا أَوْ اسْتِبْرَائِهَا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ اُسْتُحِبَّ لَهُ فِرَاقُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَزْوِيجُ زَانِيَةٍ أَوْ مُصَرَّحٍ بِهَا بَعْدَهَا وَنُدِبَ فِرَاقُهَا وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا زَمَنَ عِدَّتِهَا وَدَخَلَ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا إنْ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيضِ) مِنْ مُرِيدِ النِّكَاحِ أَوْ وَلِيِّهِ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا (بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ الْحَسَنِ الْمُقْتَضِي لِتَرْغِيبِهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>