للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْضِيَا مَا دَامَتَا فِي الْمَجْلِسِ

وَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَ الْمُمَلَّكَةَ خَاصَّةً فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ وَلَيْسَ لَهَا فِي التَّخْيِيرِ أَنْ تَقْضِيَ إلَّا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ لَا نُكْرَةَ لَهُ فِيهَا.

وَكُلُّ حَالِفٍ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ.

وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَ

ــ

[الفواكه الدواني]

وَخَبَرُ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ جُمْلَةُ.

(لَهُمَا أَنْ يَقْضِيَا) بِالْفِرَاقِ أَوْ الْبَقَاءِ (مَا دَامَتَا فِي الْمَجْلِسِ) الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، فَإِنْ تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاخْتِيَارِ، أَوْ أَوْقَفَهَا قَاضٍ أَوْ وُطِئَتْ أَوْ طَالَ الْمَجْلِسُ بِحَيْثُ خَرَجَا عَمَّا كَانَا فِيهِ سَقَطَ مَا بِيَدِهَا، إلَّا أَنْ يَهْرُبَ الزَّوْجُ مُرِيدًا قَطْعَ مَا بِيَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ زَمَانٍ تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ وَلَمْ تَخْتَرْ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ.

قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَمَا أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ بِهِ الْقَضَاءُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ، وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى مَا جَعَلَ لَهُمَا مَا لَمْ يُوقَفَا عِنْدَ قَاضٍ أَوْ يَحْصُلُ مِنْ الزَّوْجِ تَمْكِينٌ، وَلَوْ حَصَلَ مُفَارَقَةٌ وَخُرُوجٌ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَرَجَعَ مَالِكٌ إلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا فِي الْمُطْلَقِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لِلْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْمَرْجُوعُ عَنْهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، لِأَنَّ الْإِمَامَ رَجَعَ إلَيْهِ آخِرَ أَمْرِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ مُوهِمًا عَدَمَ الرُّجُوعِ إلَيْهِ، وَمَفْهُومُ الْمُطْلَقِ أَنَّ التَّخْيِيرَ أَوْ التَّمْلِيكَ الْمُقَيَّدَ بِزَمَانٍ، كَخَيَّرْتُكِ أَوْ مَلَّكْتُك فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا، أَوْ بِالْمَكَانِ كَخَيَّرْتُكِ أَوْ مَلَّكْتُك فِي هَذَا الْمَكَانِ أَوْ الْمَجْلِسِ، فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهِ وَلَوْ طَالَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوقِفَهَا وَلَا يُمْهِلَهَا، قَالَ خَلِيلٌ: وَوُقِفَتْ وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ مَتَى عُلِمَ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لَهُمَا أَنْ يَقْضِيَا مَا دَامَتَا فِي الْمَجْلِسِ، أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ عَزْلُهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ لَوْ وَكَّلَهَا فِي طَلَاقِهَا فَلَهُ عَزْلُهَا قَبْلَ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا، إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ لَهَا بِذَلِكَ حَقٌّ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: إنْ فَوَّضَهُ لَهَا تَوْكِيلًا فَلَهُ الْعَزْلُ إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ لَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَفْعَلُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الْمُخَيَّرِ وَالْمُمَلَّكِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ عَنْ نَفْسِهِ.

الثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ جَوَابَ الْمَرْأَةِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ كَطَلَاقِهِ وَرَدِّهِ كَتَمْكِينِهَا طَائِعَةً، فَإِنْ أَجَابَتْ بِالطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ مِنْك، أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي، أَوْ أَنَا بَائِنَةٌ، أَوْ أَنْتَ بَائِنٌ مِنِّي، عُمِلَ بِهِ وَتَطْلُقُ مِنْهُ كَمَا تَطْلُقُ مِنْ الزَّوْجِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ صَرِيحُ طَلَاقٍ، وَإِنْ أَجَابَتْ بِرَدِّ مَا جَعَلَهُ لَهَا عُمِلَ بِهِ كَقَوْلِهَا: رَدَدْت مَا جَعَلْته لِي أَوْ لَا أَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْك، وَمِثْلُ الرَّدِّ بِاللَّفْظِ الرَّدُّ بِغَيْرِهِ، كَمُضِيِّ زَمَنِ تَخْيِيرِهَا، وَكَتَمْكِينِهَا مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ عِلْمِهَا وَطَوْعِهَا وَلَوْ مَعَ جَهْلِهَا بِالْحُكْمِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا مَكَّنَتْهُ مِنْهُ مِنْ قُبْلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، لَا إنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا غَيْرَ عَالِمَةٍ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ فَلَا يَبْطُلُ مَا جَعَلَهُ لَهَا وَلَوْ وَطِئَهَا بِالْفِعْلِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْعِلْمِ، وَإِنْ أَجَابَتْ بِمَا يَحْتَمِلُ الْقَبُولَ وَالرَّدَّ بِأَنْ قَالَتْ: قَبِلْت أَوْ قَبِلْت أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتنِي وَطُلِبَ مِنْهَا التَّفْسِيرُ وَيُقْبَلُ مَا فَسَّرَتْ بِهِ، فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا أَجَابَتْ بِهِ، سَوَاءٌ صَرِيحُ اللَّفْظِ أَوْ الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ لَا الْخَفِيَّةُ، فَلَا تُعْتَبَرُ هُنَا وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ الزَّوْجِ فِي الطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ أَصَالَةً فَيُقْبَلُ مِنْهُ قَصْدُ حِلِّهَا وَلَوْ بِاسْقِنِي الْمَاءَ

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا لَوْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَنَازَعَهَا الزَّوْجُ مُدَّعِيًا إرَادَةَ أَقَلَّ فَقَالَ: (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ الَّذِي فَوَّضَ لِزَوْجَتِهِ أَمْرَهَا (أَنْ يُنَاكِرَ الْمُمَلَّكَةَ خَاصَّةً) إنْ أَوْقَعَتْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.

(فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا، وَمِثْلُ الْمُمَلَّكَةِ الْمُخَيَّرَةُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا قَالَ خَلِيلٌ: وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يُنَاكِرُ الزَّوْجُ كُلًّا مِنْهُمَا بِشُرُوطٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا وَاحِدًا بِقَوْلِهِ: فِيمَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: إنْ زَادَ عَلَى طَلْقَةٍ وَأَنْ يَكُونَ نَوَى الْوَاحِدَةَ عِنْدَ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ لَا إنْ نَوَى أَكْثَرَ أَوْ أَطْلَقَ، وَأَنْ يُبَادِرَ بِالْمُنَاكَرَةِ عِنْدَ سَمَاعِ الزَّائِدَةِ، لَا إنْ تَأَخَّرَ بَعْدَ السَّمَاعِ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، وَأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الزَّائِدَ، وَتَكُونُ يَمِينُهُ عِنْدَ الْمُنَاكَرَةِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِيَرْتَجِعَهَا، وَعِنْدَ إرَادَةِ الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَنْ لَا يَكُونَ كَرَّرَ قَوْلَهُ: أَمْرُك بِيَدِك مَثَلًا مَعَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ مُشْتَرَطًا لِلزَّوْجَةِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ لَهَا) أَيْ الْمُخَيَّرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا (فِي التَّخْيِيرِ) الْمُطْلَقِ الْعَارِي عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ.

(أَنْ تَقْضِيَ إلَّا بِالثَّلَاثِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ إنْ قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا وَتَبْقَى فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا بَعْدُ، وَلَهَا عَمَّا جَعَلَهُ الشَّارِعُ لَهَا مِنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ، وَقَيَّدْنَا التَّخْيِيرَ بِالْمُطْلَقِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُقَيَّدِ بِعَدَدٍ فَلَا تُوقِعُ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَإِنْ أَوْقَعَتْ أَقَلَّ مِنْ الْعَدَدِ الَّذِي سَمَّاهُ فَإِنَّمَا يَبْطُلُ مَا قَضَتْ بِهِ وَتَسْتَمِرُّ عَلَى تَخْيِيرِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَبَطَلَ إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي اخْتِيَارِ تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ وَمِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَلَا تَقْضِي إلَّا بِوَاحِدَةٍ، لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَإِنْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ مُنَاكَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>