للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكُنْ عَنْ ضَرَرٍ بِهَا فَإِنْ كَانَ عَنْ ضَرَرٍ بِهَا رَجَعَتْ بِمَا أَعْطَتْهُ وَلَزِمَهُ الْخُلْعُ وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا.

وَالْمُعْتَقَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ لَهَا الْخِيَارُ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ أَوْ تُفَارِقَهُ

وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ.

وَطَلَاقُ الْعَبْدِ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْبِكْرُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْوَطْءُ بَعْدَ بُلُوغِهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا مُكَلَّفًا وَالزَّوْجَةُ حُرَّةً مُكَلَّفَةً تَلَاعَنَا، فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ لِلْقَذْفِ حَيْثُ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَأَمَةً فَلَا يُحَدُّ لَهَا.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النَّاكِلَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يُحَدُّ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ مِنْ اللِّعَانِ وَلَوْ قَالَ أَرْجِعُ لِلِّعَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ خَلِيلٌ: وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قَبْلُ كَالْمَرْأَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَاعْتَرَضَهُ الْأُجْهُورِيُّ قَائِلًا: الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ، الرَّجُلُ لَا يَقْبَلُ وَالْمَرْأَةُ تَقْبَلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ نُكُولَهَا كَإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَنُكُولُ الرَّجُلِ كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِقَذْفِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَالتَّفْصِيلُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ.

الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى اللِّعَانِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ، ثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ، أَوَّلُهَا: رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهُ إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً مُسْلِمَةً، أَوْ الْأَدَبُ إذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً. ثَانِيهَا: إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلَوْ أَمَةً، أَوْ الْأَدَبِ عَلَى الذِّمِّيَّةِ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْمُصَدَّقَةِ.

ثَالِثُهَا: قَطْعُ نَسَبِ الْوَلَدِ. وَثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجَةِ، أَوَّلُهَا: رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا. ثَانِيهَا: فَسْخُ نِكَاحِهَا اللَّازِمِ.

ثَالِثُهَا: تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا

ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْخُلْعِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ الْوَعْدُ بِهَا فَقَالَ: (وَ) يَجُوزُ (لِلْمَرْأَةِ) الرَّشِيدَةِ (أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْ زَوْجِهَا) وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا (بِصَدَاقِهَا) جَمِيعِهِ (أَوْ) بِ (أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) بِنَصٍّ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَآيَةُ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِهِ لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَيْهِ، وَيَفُوزُ الزَّوْجُ بِكُلِّ مَا افْتَدَتْ بِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ. (إذَا لَمْ يَكُنْ) الِافْتِدَاءُ نَاشِئًا (عَنْ ضَرَرٍ بِهَا) غَيْرِ شَرْعِيٍّ (فَإِنْ كَانَ) مُسَبَّبًا (عَنْ ضَرَرٍ) أَوْقَعَهُ (بِهَا) فَلَا يَفُوزُ بِهِ وَ (رَجَعَتْ) عَلَيْهِ (بِمَا أَعْطَتْهُ) لَهُ (وَلَزِمَهُ الْخُلْعُ) بَعْدَ إثْبَاتِهَا الضَّرَرَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرُدَّ الْمَالُ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا السَّمَاعِ كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، بَلْ لَوْ ذَكَرَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ وَنَحْوِهِمْ عُمِلَ بِشَهَادَتِهَا أَوْ امْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ خَلِيلٌ أَيْضًا: وَرُدَّ الْمَالُ بِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ، وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ، وَقَيَّدْنَا بِالرَّشِيدَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الصَّغِيرَةِ وَالسَّفِيهَةِ وَالرَّقِيقَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا عَلَى مَالٍ فَيَلْزَمُ الطَّلَاقُ وَيُرَدُّ الْمَالُ.

قَالَ خَلِيلٌ: لَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَسَفِيهَةٍ وَذَاتِ رِقٍّ وَرُدَّ الْمَالُ وَبَانَتْ كَمَا يُرَدُّ بِتَبَيُّنِ كَوْنِهَا بَائِنًا مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْخُلْعِ، أَوْ فَاسِدَةَ النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ كَخَامِسَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ مُتَّصِفَةٍ بِعَيْبٍ مُوجِبٍ لِلْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْعَيْبَ الْمُطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ كَالْعَدَمِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَقَيَّدْنَا الضَّرَرَ بِغَيْرِ الشَّرْعِيِّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ ضَرَبَهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ أَوْ شَتَمَتْهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي إمْسَاكِهَا مَعَ تَأْدِيبِهَا أَوْ يُفَارِقُهَا وَلَوْ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا تَرْجِعُ بِهِ.

(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا خَلِيلٌ حُكْمَ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ يَثْبُتُ أَنَّ الطَّلَاقَ لِضَرَرٍ بِهَا، فَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ الرُّجُوعُ بِهِ كَالزَّوْجَةِ أَوْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ الرُّجُوعَ إلَى قَصْدِ الدَّافِعِ، فَإِنْ قَصَدَ بِدَفْعِهِ الصَّدَقَةَ لَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ، وَنَظِيرُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَنْ دَفَعَ لِعَبْدٍ مَالًا يُوفِي بِهِ نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ قَصَدَ تَخْلِيصَهَا أَوْ تَجَرَّدَ دَفْعُهُ عَنْ قَصْدٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ نَظَرًا إلَى مَا يَغْلِبُ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ. (وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا) وَهَذَا مَحْضُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَعَادَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ (بِرِضَاهَا) إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ رِضَا الْمُجْبِرِ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ قَبْلَ زَوْجٍ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَحْصُلُ بِدَفْعِ الْعِوَضِ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَعِلْمِهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا، كَمَا أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا إذَا وَقَعَ بِعِوَضٍ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ لَا بِشَرْطِ نَفْيِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بَائِنًا، بَلْ يَكُونُ رَجْعِيًّا بِشَرْطِ عَدَمِ النَّصِّ عَلَى الْخُلْعِ، وَعَدَمِ دَفْعِ عِوَضٍ عِنْدَهُ كَمَا فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ،

وَلَمَّا كَانَ فِرَاقُ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ نَاسَبَ ذِكْرَهُ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ بِقَوْلِهِ: (وَ) الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ (الْمُعْتَقَةُ) كُلُّهَا عِتْقًا نَاجِزًا وَهِيَ (تَحْتَ الْعَبْدِ لَهَا الْخِيَارُ) فِي (أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ) تَحْتَهُ بَعْدَ عِتْقِهَا (أَوْ) أَيْ وَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ (تُفَارِقَهُ) وَتَسْتَقِلَّ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ نَفْسِهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَغَيْرُهَا يَنْظُرُ لَهَا السُّلْطَانُ، فَإِنْ نَظَرَتْ فِي نَفْسِهَا مَضَى إنْ كَانَ صَوَابًا وَيَجِبُ وَقْفُهَا وَالْحَيْلُولَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ حَتَّى تَخْتَارَ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا نِصْفَ لَهَا لِمَجِيءِ الْفِرَاقِ مِنْ قِبَلِهَا، كَزَوْجَةِ الْأَبْرَصِ أَوْ الْأَجْذَمِ وَقَيَّدْنَا بِكُلِّهَا، وَبِنَاجِزٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>