للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ.

سِوَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مَا كَانَ مَسْكُوكًا، وَأَمَّا نِقَارُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَذَلِكَ فِيهِمَا جَائِزٌ.

وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ جُزَافًا، وَلَا مَا يُمْكِنُ عَدَدُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ جُزَافًا.

وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

جُزَافًا وَلَا شِرَاؤُهُ لِاشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ الْمُتَّصِلِ بِبَاقِيهِ كَالصُّبْرَةِ يَرَى ظَاهِرَهَا وَالْغِرَارَةِ وَالْحَاصِلِ الْكَبِيرِ وَكَرُؤْيَةِ بَعْضِ مَغِيبِ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ حُضُورُ جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَعَ الْإِكْفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ حِرْزِهِ، وَهَذَا الشَّرْطُ فِي غَيْرِ قِلَالِ الْخَلِّ الْمُطَيَّنَةِ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ يُفْسِدُهَا الْفَتْحُ لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَمْلُوءَةً، أَوْ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي نَقْصَهَا، وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ وَصِفَةِ مَا فِيهَا، وَفِي غَيْرِ الثِّمَارِ الْغَائِبَةِ عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ عَلَى مَسِيرَةِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَيُكْتَفَى فِي حِلِّ بَيْعِهَا بِذِكْرِ الصِّفَةِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَقْدِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ بَيْعُهَا، كَمَا إذَا بَعُدَتْ جِدًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَرُهَا يَابِسًا.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكْثُرَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ حِرْزُهُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا مَعْدُودًا، وَأَمَّا مَا قَلَّ بِحَيْثُ لَا مَشَقَّةَ فِي ضَبْطِهِ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ فَيَجُوزُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَعْدُودِ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا لِلْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَوْ عَلِمَاهُ مَعًا لَجَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَإِنْ أَعْلَمَ الْعَالِمُ الْجَاهِلَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَسَدَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ لَمْ يَفْسُدْ وَلَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْجَاهِلِ، كَظُهُورِ عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي.

الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَاقِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ أَوْ يُوَكِّلَا مَنْ هُوَ كَذَلِكَ، وَيُحْرَزُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ.

السَّادِسُ: أَنْ تَسْتَوِيَ أَرْضُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ مُرْتَفِعَةً وَلَا مُنْخَفِضَةً وَيَظْهَرُ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ اسْتِوَاؤُهَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ.

السَّابِعُ: وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمَعْدُودِ أَنْ يَكُونَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَأَمَّا الْمَوْزُونُ وَالْمَكِيلُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا جُزَافًا بِغَيْرِ هَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا الْمَشَقَّةُ لِتَوَقُّفِهِمَا عَنْ مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مُعْتَادٍ، وَالْعَدُّ يَتَيَسَّرُ غَالِبًا لِكُلِّ أَحَدٍ.

الثَّامِنُ: أَنْ لَا تَتَفَاوَتَ أَفْرَادُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَفَاوُتًا بَيِّنًا بِكَثْرَةِ ثَمَنِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَقِلَّةِ الْبَعْضِ كَالرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ، وَأَمَّا تَفَاوُتُ الثَّمَنِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ فَلَا يُمْنَعُ كَأَثْمَانِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ.

التَّاسِعُ: أَنْ لَا يَشْتَرِيَ الْجُزَافَ مَعَ الْكَيْلِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ عَنْ أَصْلِهِ، بِخِلَافِ لَوْ وَقَعَ كُلٌّ عَلَى الْأَصْلِ فَيَجُوزُ، كَمَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْجَزَّافِينَ وَالْمَكِيلِينَ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ مَعَ الْخُرُوجِ عَنْ الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ فِي الْحُبُوبِ الْكَيْلُ وَالْأَرْضِ الْجُزَافُ.

قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْجَائِزِ: وَجُزَافٌ إنْ رَأَى وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَجَهْلًا وَحَزَرًا وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ.

قَالَ شُرَّاحُهُ: وَكُلُّ الشُّرُوطِ لِلصِّحَّةِ سِوَى اسْتِوَاءِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ عِنْدَ تَبَيُّنِ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ، وَإِذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَازَ مَعَ الْجُزَافِ (فِيمَا يُوزَنُ) كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالْبُنِّ (أَوْ يُكَالُ) كَالْحِنْطَةِ وَالْفُولِ، أَوْ يُعَدُّ كَالْبِطِّيخِ وَالسَّمَكِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا لَا تَتَفَاوَتُ أَثْمَانُ أَفْرَادِهِ أَوْ تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا يَسِيرًا، وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ الْمَعْدُودَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْمَعْدُودِ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ جُزَافًا، فَفِي كَلَامِهِ اكْتِفَاءٌ عَلَى حَدِّ: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١] ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَالْبَرْدَ، وَالتَّقْدِيرُ هُنَا فِيمَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ أَوْ يُعَدُّ.

وَلَمَّا كَانَ الْمُقَدَّرُ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَعْدُودَ الْمَسْكُوكَ بِقَوْلِهِ: (سِوَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ) وَغَيْرِهَا مِنْ كُلِّ (مَا كَانَ مَسْكُوكًا) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا جُزَافًا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ عَدَدًا أَوْ عَدَدًا وَوَزْنًا لِقَصْدِ أَفْرَادِهِ حِينَئِذٍ الْمُؤَدِّي لِلْمُخَاطَرَةِ وَالْمُقَامَرَةِ، فَإِنْ انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ جَازَ.

قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ: وَنَقْدَانِ سَكٍّ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ وَإِلَّا جَازَ.

(تَنْبِيهٌ) . فُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَسْكُوكِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَطْلَقَ اتِّكَالًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمَسْكُوكَ إنَّمَا يَتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا، وَمَفْهُومُ الْمَسْكُوكِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَأَمَّا نِقَارُ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ فَجَرَاتُ (الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الشِّرَاءِ جُزَافًا (فِيهِمَا جَائِزٌ) ؛ لِعَدَمِ قَصْدِ الْأَفْرَادِ حِينَئِذٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التِّبْرَ وَالْحُلِيَّ الْمُكَسَّرَ وَكَذَا الْمَسْكُوكُ الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَالْفُلُوسُ الْجُدُدُ كَالنَّقْدِ. (تَنْبِيهٌ) . لَمْ يُبَيِّنْ مَا تُبَاعُ بِهِ النِّقَارُ الْمَذْكُورَةُ إذَا تُعُومِلَ بِهَا وَزْنًا، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهَا تُبَاعُ بِالْعُرُوضِ، وَكَذَا بِالْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ، وَكَذَا بِجِنْسِهَا بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْوَزْنِ وَالْمُنَاجَزَةِ.

(وَ) كَذَا (لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ) وَالْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُقَوَّمَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ أَفْرَادُهَا حَالَ كَوْنِ شِرَائِهَا (جُزَافًا) ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَفْرَادِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا يُؤَدِّي إلَى الْمُخَاطَرَةِ وَالْمُقَامَرَةِ وَهِيَ حَرَامٌ، وَأَمَّا نَحْوُ الْبِطِّيخِ وَالْأُتْرُجِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ أَفْرَادُهُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَلَا يُمْنَعُ شِرَاؤُهَا جُزَافًا، وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ بَيْعِ الْجُزَافِ وُجُودُ الْمَشَقَّةِ فِي عَدِّ مَا يُعَدُّ ذَكَرَ مَفْهُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ) مَا يُمْكِنُ عَدُّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ (جُزَافًا) لِسُهُولَةِ الْعَدِّ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>