للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوصَفُ.

أَوْ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ لَا يَتَأَمَّلَانِهِ، وَلَا يَعْرِفَانِ مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ.

وَلَا يَسُومُ أَحَدٌ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ

ــ

[الفواكه الدواني]

اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ جُزْءًا.

وَفِي رِوَايَةٍ: بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا، وَقَوْلُ مَالِكٍ: بِجُزْءٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ جُزْءًا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْحَقُّ وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا، وَاعْتَذَرَ ابْنُ اللَّبَّادِ عَنْ مَالِكٍ بِأَنَّهُ أَدْخَلَ اللِّفَافَةَ فِي الْعَدَدِ، وَإِنْ نَاقَشَ فِيهِ عِيَاضٌ قَائِلًا: اللِّفَافَةُ مَلْغِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ فَهِيَ كَحَبْلِ الشَّدِّ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهِ أَقَلَّ بِأَنْ وَجَدَ فِيهِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَوْبًا وُضِعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا، فَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ رَدَّ الْمَبِيعَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ، وَمَحَلُّ الشَّرِكَةِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ، وَالْوَضْعُ عِنْدَ ظُهُورِ النَّقْصِ إذَا كَانَ مَا فِي الْعِدْلِ مُتَّحِدِ النَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُخْتَلِفًا كَمَا لَوْ كَانَ فِيهِ عَشَرَةٌ مِنْ الشَّاشِ وَعَشَرَةٌ مِنْ البفت ثُمَّ وُجِدَتْ الزِّيَادَةُ فِي أَحَدِ النَّوْعَيْنِ أَوْ النَّقْصِ لَكَانَ الِاشْتِرَاكُ أَوْ الْوَضْعُ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ فَقَطْ.

الثَّالِثُ: الْبَرْنَامَجِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ لَفْظَةٌ فَارِسِيَّةٌ اسْتَعْمَلَتْهَا الْعَرَبُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ صِفَةُ مَا فِي الْعِدْلِ الَّذِي هُوَ الْغِرَارُ.

قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، بَلْ لَوْ حَفِظَ الْبَائِعُ عَدَدَ الْعِدْلِ وَصِفَتَهُ وَبَاعَهُ عَلَى عَدَدِهِ وَوَصْفِهِ لَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا، وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ بَرْنَامَجًا مَصْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَالْأَعْجَمِيُّ إنَّمَا يُمْنَعُ صَرْفُهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ عَلَمًا فِي اللُّغَةِ الْأَعْجَمِيَّةِ.

الرَّابِعُ: مِثْلُ بَائِعِ مَا فِي الْبَرْنَامَجِ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ الصَّيْرَفِيُّ، وَالْمُقْرِضُ يَدَّعِي الْقَابِضَ مِنْهُمَا أَنَّهُ وَجَدَ مَا قَبَضَهُ رَدِيئًا أَوْ نَاقِصًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا دَفَعْت إلَّا جَيِّدًا.

قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى بَيْعِ الْبَرْنَامَجِ: وَعَدَمُ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ، وَصِفَةُ يَمِينِهِ أَنْ يَحْلِفَ مَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ، وَمَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِي، إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَيَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ.

وَلَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ جَوَازِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ كَثْرَةَ الْمَشَقَّةِ بِحَلِّ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا وَنَشْرِهَا لِكَثْرَتِهَا ذَكَرَ مُحْتَرَزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ) مَطْوِيٍّ يَشْتَرِطُ بَائِعُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ أَنَّهُ (لَا يُنْشَرُ) لَهُ (وَلَا يُوصَفُ) لَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَلَا سَبَقَ لَهُ رُؤْيَةٌ بَلْ يَبِيعُهُ عَلَى اللُّزُومِ بِمُجَرَّدِ لَمْسِهِ بِيَدِهِ وَلَا يُقَلِّبُهُ وَلَا يَعْرِفُ مَا فِيهِ.

قَالَ خَلِيلٌ مُشَبِّهًا فِي عَدَمِ الْجَوَازِ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ فَيَلْزَمُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ لَجَازَ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ نَوْعَهُ وَلَا جِنْسَهُ.

وَقَوْلُهُمْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِ الْبَتِّ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لَا يُنْشَرُ وَلَا يُوصَفُ أَنَّهُ لَوْ نُشِرَ لَجَازَ الشِّرَاءُ، وَلَوْ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا لَوْ وُصِفَ فَلَا يَجُوزُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ فِي الشَّيْرَجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي رُؤْيَتِهِ فَسَادٌ، وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى الْجَوَازِ، كَمَا أَجَازُوا بَيْعَ قِلَالِ الْخَلِّ الْمُطَيَّنَةِ إذَا كَانَ الْفَتْحُ يُفْسِدُهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوءَةً أَوْ يُعْلَمُ مَا نَقَصَ مِنْهَا مِنْ ثُلُثٍ وَنَحْوِهِ، وَيَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْخَلِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُ مَا فِي الْبَرْنَامَجِ عَلَى الْوَصْفِ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةَ، فَأَوْلَى لِدَفْعِ الْفَسَادِ الْمُؤَدِّي إلَى تَلَفِ الْمَالِ، رَاجِعْ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ مَعَ زِيَادَةِ إيضَاحٍ.

(أَوْ) أَيْ وَكَذَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ (فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ) وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ (لَا يَتَأَمَّلَانِهِ وَلَا يَعْرِفَانِ مَا فِيهِ) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ، فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى اللُّزُومِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ عِلْمُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَدَمُ جَهْلٍ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ وَلَوْ تَفْصِيلًا، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا نَوْعَهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ يُوهِمُ أَنَّ الْمُقْمِرَ يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى اللُّزُومِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُقْمِرُ كَالْمُظْلِمِ، وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ لَفْظِ مُظْلِمٍ أَوْ ذِكْرِ مُقْمِرٍ مَعَ حَذْفِ مُظْلِمٍ لِيَكُونَ نَاصًّا عَلَى الْمُتَوَهِّمِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ شِرَاءٌ بِلَيْلٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ، بَلْ لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ نَهَارًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى الْبَتِّ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا بُطْلَانَ.

قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْجَائِزِ وَغَائِبٍ: وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ: لَا يَتَأَمَّلَانِهِ وَلَا يَعْرِفَانِ مَا فِيهِ جَعَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَالتَّعْلِيلِ لِسَابِقِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي اللَّيْلِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ فِي اللَّيْلِ لِعَدَمِ الْوُصُولِ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لَيْلًا وَلَوْ تَأَمَّلَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْأُمَّهَاتِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْمَبِيعِ لَا تُدْرَكُ لَيْلًا.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ: إذَا كَانَ الْعَاقِدُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِالْقَمَرِ مِثْلَ النَّهَارِ جَازَ.

قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا الْأُجْهُورِيُّ: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ.

الثَّالِثُ: إنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ فِي يَتَأَمَّلَانِهِ وَيَعْرِفَانِ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ الْعِلْمُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَالْبَائِعُ قَدْ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ مَا عِنْدَهُ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي لِعِلْمِ الْبَائِعِ بِشَيْئِهِ، وَثُبُوتُ النُّونِ فِي يَتَأَمَّلَانِهِ وَيَعْرِفَانِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ؛ لِأَنَّ لَا نَافِيَةٌ، وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ إسْقَاطِهَا فَهُوَ عَلَى إجْرَاءِ لَا النَّافِيَةِ مَجْرَى النَّاهِيَةِ، أَوْ عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ تَحْذِفُ نُونَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ، وَجَاءَ عَلَيْهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>