للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امْتَنَعَ مِنْ التَّعْجِيزِ.

وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا مِنْ مُكَاتَبَةٍ أَوْ مُدَبَّرَةٍ أَوْ مُعْتَقَةٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ مَرْهُونَةٍ.

وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ

ــ

[الفواكه الدواني]

نَجْمًا وَاحِدًا.

الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ جَائِزَةٌ هُنَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْعُلَمَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ النَّدْبُ.

قَالَ خَلِيلٌ: نَدَبَ مُكَاتَبَةَ أَهْلِ تَبَرُّعٍ وَمَحَلُّ النَّدْبِ حَيْثُ كَانَ الْعَبْدُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ، وَأَمَّا مُكَاتَبَةُ الصَّغِيرِ وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ فَجَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ بِنَاءً عَلَى جَبْرِ الرَّقِيقِ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَكَاتِبُوهُمْ إلَخْ يَقْتَضِي وُجُوبَهَا، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَرَفَ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ الرِّفْقُ بِالسَّادَاتِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَ عَلَى الْوُجُوبِ لَتَسَلَّطَتْ الْعَبِيدُ عَلَى السَّادَاتِ فَيَضْرِبُهُمْ.

الثَّالِثُ: أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ أَرْبَعَةٌ: السَّيِّدُ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ، فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ مَحْجُورٍ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ كِتَابَةِ الْكَافِرِ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ، وَتُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ كَكِتَابَةِ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ كِتَابَتِهِ وَصِيغَتُهَا كُلُّ مَا دَلَّ عَلَيْهَا: كَكَاتَبْتُك بِكَذَا، أَوْ أَنْتَ مُكَاتَبٌ، أَوْ أَنْتَ مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا، أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا، وَالْعِوَضُ وَيَجِبُ تَأْجِيلُهُ رِفْقًا بِالْمُكَاتَبِ، فَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ التَّأْجِيلِ أُجِّلَتْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَهُ فَتَكُونُ قَطَاعَةً لَا كِتَابَةً وَهِيَ جَائِزَةٌ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ كَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ، وَعَلَى عَبْدِ فُلَانٍ غَيْرَ الْآبِقِ كَعَلَى جَنِينٍ فِي بَطْنِ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ لَا بِخَمْرٍ وَلَا خِنْزِيرٍ وَلَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ، فَإِنْ وَقَعَتْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَضَتْ وَيَرْجِعُ لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ وَالرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَاتَبُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَلَهُ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةً عَلَى الْكَسْبِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْأَدَاءِ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِكَاتِبِهِ، وَعِنْدَ أَشْهَبَ تُمْنَعُ كِتَابَتُهُ وَتُفْسَخُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِالْأَدَاءِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَدَّمْنَا، وَثَانِيهِمَا أَنْ يُكَاتِبَ جَمِيعَهُ إنْ كَانَ جَمِيعُهُ لَهُ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِهِ، وَالْمُشْتَرَكُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ، وَأَمَّا مُعْتَقُ الْبَعْضِ فَيَجُوزُ كِتَابَةُ بَعْضِهِ، الرَّابِعُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: عَلَى مَا رَضِيَهُ الْعَبْدُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ، وَصَدَرَ بِهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَلَمْ يُجْبِرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ كِتَابَةَ الصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ عَنْ الْكَسْبِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَنَصُّ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْجَبْرِ قَوْلُهَا: وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لَهُ غَائِبٍ لَزِمَ الْعَبْدَ الْغَائِبَ وَإِنْ كَرِهَ لِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي عَنْهُ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْكِتَابَةِ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ أَوْ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ فَيُجْبَرُ.

وَلَمَّا كَانَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَلَا يَخْرُجُ حُرًّا إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ قَالَ: (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ النُّجُومِ وَإِنْ قَلَّ (رَجَعَ رَقِيقًا) إنْ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَ مُدَبَّرًا رَجَعَ مُدَبَّرًا، فَلِذَا كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَكَذَا يَرْجِعُ رَقِيقًا إذَا غَابَ عِنْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ رَقِيقًا بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَتَلُومُهُ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ.

(وَ) إنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ دَفَعَ لِسَيِّدِهِ شَيْئًا قَبْلَ عَجْزِهِ (حَلَّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ مِنْ عِنْدِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الصَّدَقَةَ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ لِسَيِّدِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الصَّدَقَةَ بِأَنْ قَصَدُوا فِكَاكَ رَقَبَتِهِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُمْ رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ إنْ خَرَجَ حُرًّا وَعَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ إنْ عَجَزَ، وَأَمَّا إنْ قَصَدُوا بِمَا دَفَعُوهُ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِالْفَضْلَةِ إنْ أَعْتَقَ وَلَا بِمَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ إنْ عَجَزَ.

(وَ) أَمَّا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَعْجِزَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ (لَا يُعَجِّزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ بَعْدَ) تَلَوُّمِهِ لِمَنْ يُرْجَى يُسْرُهُ وَانْقِضَاءُ مُدَّةِ (التَّلَوُّمِ) وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا (إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّعْجِيزِ) مَعَ سَيِّدِهِ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَطَاعَ سَيِّدَهُ عَلَى التَّعْجِيزِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى السُّلْطَانِ، وَكَذَا فِي عَكْسِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا طَلَبَ الْعَبْدُ التَّعْجِيزَ وَأَبَى السَّيِّدُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ دُونَ السُّلْطَانِ، فَالصُّوَرُ ثَلَاثُ: صُورَتَانِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِمَا التَّعْجِيزُ عَلَى رَفْعٍ لِلسُّلْطَانِ، وَصُورَةٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرَّفْعِ لَهُ، وَهَذَا تَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ السُّلْطَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْفَسْخِ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ إنْ اتَّفَقَا وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَيَرِقُّ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ، وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهُ كَوَلَدِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى السَّعْيِ صَاغِرًا.

(تَنْبِيهٌ) مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّلَوُّمِ فِي فَسْخِ الْحَاكِمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْ يُسْرِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِرَجَاءِ يُسْرِهِ، وَلَا فَسَخَ كِتَابَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ وَلَدَ مَنْ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ لَيْسَ كَهِيَ، لِأَنَّ الْعِتْقَ أَوْ الْكِتَابَةَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا.

قَالَ: (وَكُلُّ ذَاتِ) أَيْ صَاحِبَةِ (رَحِمٍ فَوَلَدُهَا) مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا (بِمَنْزِلَتِهَا) ثُمَّ بَيَّنَ ذَاتَ الرَّحِمِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>