للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ مَالٌ بَقِيَ سَهْمُ الشَّرِيكِ رَقِيقًا.

وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ وَنَحْوِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ.

وَمَنْ مَلَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدًا

ــ

[الفواكه الدواني]

الْبَعْضِ الِاتِّصَالُ بِالْعَبْدِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ نَحْوَ الشَّعْرِ وَالْكَلَامُ وَالرَّقِيقُ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ وَعَدَمِهِ، هَذَا حُكْمُ عِتْقِ بَعْضِ عَبْدٍ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ،

وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعْتِقِ (مَعَهُ فِيهِ شَرِكَةُ قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ (نَصِيبُ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ) وَتُعْتَبَرُ (يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ وَعَتَقَ) عَلَيْهِ حِينَئِذٍ جَمِيعُهُ وَالْمَعْنَى بِإِيضَاحٍ: أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ بِالْفِعْلِ لِشَرِيكِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَالشَّرِيكَانِ كَفَرَةً فَلَا تَقْوِيمَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ ذِمِّيًّا وَالْعَبْدُ كَذَلِكَ وَغَيْرُ الْمُعْتِقِ مُسْلِمًا. ثَالِثُهَا: أَنْ يَعْتِقَ الشَّرِيكَ بِاخْتِيَارِهِ لَا إنْ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ أَبِيهِ فَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ الَّذِي أَبَّدَ الرَّقَبَةَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ حُرَّ الْبَعْضِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَمْلِيَاءَ وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ابْتِدَاءً وَتَبِعَهُ الثَّانِي بِإِعْتَاقِ حِصَّتِهِ وَامْتَنَعَ الثَّالِثُ مِنْ الْعِتْقِ، فَإِنَّ حِصَّتَهُ تُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي بِتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ لِلْعِتْقِ مُعْسِرًا لَمْ تُقَوَّمْ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي إلَّا بِرِضَاهُ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبًا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ قُوِّمَتْ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ مِنْهُمَا. خَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ مُوسِرًا بِقِيمَةِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا عَتَقَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ، وَالْمُعْسِرُ بِهِ لَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ.

وَسَادِسُهَا: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْقِيمَةُ الَّتِي يُشْتَرَطُ يُسْرُهُ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا زَائِدَةً عَلَى مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ وَإِلَى هَذَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ) أَيْ لِلْمُبْتَدِئِ الْعِتْقَ (مَالٌ) زِيَادَةً عَلَى مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ (بَقِيَ سَهْمُ الشَّرِيكِ) الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ (رَقِيقًا) وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِاتِّبَاعِهِ، وَالشُّرُوطُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا مُلَخَّصُ كَلَامِ خَلِيلٍ.

(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا يُقَوَّمُ الْمَعْتُوقُ بِالسِّرَايَةِ عَلَى مَنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ بِمَالِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَقُوِّمَ كَامِلًا بِمَالِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ وَنُقِضَ لَهُ بَيْعٌ مِنْهُ وَتَأْجِيلُ الثَّانِي أَوْ تَدْبِيرُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ مَثَّلَ) بِشَدِّ الْمُثَلَّثَةِ (بِعَبْدِهِ) الْمُرَادُ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ أَوْ بِرَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ رَقِيقِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ (مُثْلَةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُقُوبَةً وَوَصَلَهَا بِقَوْلِهِ: (بَيِّنَةً) أَيْ ظَاهِرَةً وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ: (مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ) كَيَدٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ فَقْءِ عَيْنٍ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْقَطْعِ كَوَسْمِ وَجْهِهِ بِالنَّارِ أَوْ فَقْءِ عَيْنِهِ قَاصِدًا تَعْيِيبَهُ (عَتَقَ عَلَيْهِ) هَذَا جَوَابُ مَنْ الشَّرْطِيَّةِ وَيَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَبِالْحُكْمِ إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ بِرَقِيقِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ غَيْرَ سَفِيهٍ وَعَبْدٍ ذِمِّيٍّ بِمُثْلَةٍ أَيْ وَغَيْرَ ذِمِّيٍّ بِمُثْلَةٍ وَغَيْرَ زَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَغَيْرَ مَدِينٍ، وَأَمْثِلَةُ الشَّيْنِ الْمُوجِبَةُ لِلْعِتْقِ كَقَطْعِ ظُفْرٍ وَقَطْعِ بَعْضٍ أُذُنٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ سَحْلِهَا أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ أَوْ لِحْيَةِ تَاجِرٍ أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ لَا غَيْرِهِ، وَفِي وَسْمِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ النَّارِ قَوْلَانِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: أَنَّ حَلْقَ شَعْرِ الْأَمَةِ أَوْ لِحْيَةِ التَّاجِرِ لَا يَكُونُ مُثْلَةً لِسُرْعَةِ عَوْدِهِمَا، كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْوَسْمَ بِالنَّارِ مُثْلَةٌ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ أَنْ يَقَعَ التَّمْثِيلُ عَمْدًا بِقَصْدِ الشَّيْنِ، وَيَكْفِي فِي الدَّلَالَةِ عَلَى قَصْدِهَا قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ، وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ وَهَلْ يَتْبَعُهُ مَالُهُ أَمْ لَا قَوْلَانِ، اقْتَصَرَ الْأَقْفَهْسِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالشَّرْطِ مِنْ الْمُشْتَرِي.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا عَنْ خَلِيلٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْمُمَثِّلُ كَوْنَهُ مُكَلَّفًا رَشِيدًا حُرًّا وَيَعْتَبِرُ إسْلَامَهُ أَوْ إسْلَامَ الْعَبْدِ، فَلَا عِتْقَ عَلَى ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً مَثَلًا بِمَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَيَّ الثُّلُثِ وَلَا مَدِينًا.

الثَّالِثُ: الدَّلِيلُ عَلَى الْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ: «أَنَّهُ كَانَ لِزِنْبَاعٍ عَبْدٌ يُسَمَّى سَنْدَرًا أَوْ ابْنَ سَنْدَرٍ فَوَجَدَهُ يُقَبِّلُ جَارِيَةً لَهُ فَجَبَّهُ وَقَطَعَ أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ فَأَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَمَا كَرِهْتُمْ فَبِيعُوا، وَمَا رَضِيتُمْ فَأَمْسِكُوا، وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ مُثِّلَ بِنَارٍ أَوْ حُرِقَ بِالنَّارِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِ بِي، فَقَالَ: أُوصِي بِك كُلَّ مُسْلِمٍ» وَمَعْنَى مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنَّ الْعِتْقَ كَانَ بِسَبَبِهِمَا لَا أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ. وَخَرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «جَاءَ مُسْتَصْرِخٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَيْحَك مَالَكَ؟ فَقَالَ سَنْدَرٌ: أَبْصَرَ لِسَيِّدِهِ جَارِيَةً فَغَارَ فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ، فَطَلَبَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَنْ نُصْرَتِي؟ فَقَالَ: عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَوْ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» .

الرَّابِعُ: قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَاجِي: يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>