للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ.

وَإِنْ انْكَسَرَتْ يَمِينٌ عَلَيْهِمْ حَلَفَهَا أَكْثَرُهُمْ نَصِيبًا مِنْهَا.

وَإِذَا حَضَرَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْخَطَإِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ أَنْ يَحْلِفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ ثُمَّ يَحْلِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ.

وَيَحْلِفُونَ فِي الْقَسَامَةِ قِيَامًا وَيُجْلَبُ إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَهْلُ أَعْمَالِهَا لِلْقَسَامَةِ وَلَا يُجْلَبُ فِي غَيْرِهَا إلَّا مِنْ الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ.

وَلَا قَسَامَةَ فِي

ــ

[الفواكه الدواني]

فَلَا يُنَافِي جَوَازَ حَلِفٍ أَقَلَّ، وَلِذَلِكَ بَيَّنَ خَلِيلٍ أَقَلَّ مَنْ يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةٍ وَإِلَّا فَمُوَالٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَا تَحْلِفُ امْرَأَةٌ فِي) إثْبَاتِ قَتْلِ (الْعَمْدِ) لِعَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيهِ وَإِنْ انْفَرَدْنَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةٍ وَإِلَّا فَمَوَالٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَقْتُولِ إلَّا عَاصِبٌ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمَقْتُولِ، كَمَا إذَا قُتِلَتْ أُمُّهُ فَإِنَّ لَهُ الِاسْتِعَانَةَ بِعَمِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَعِنْ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ فَالْأَيْمَانُ تُرَدُّ عَلَى الْجَانِي، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكِلَ حُبِسَ وَلَا يُطْلَقُ وَلَوْ طَالَ حَبْسُهُ، وَعِنْدَ انْفِرَادِ النِّسَاءِ يَصِيرُ الْمَقْتُولُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] وَالْوَلِيُّ رَجُلٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَاطَبَ الرِّجَالَ بِقَوْلِهِ: «أَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودٌ» فِي حَدِيثِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يَسْأَلْ النِّسَاءَ،

وَأَمَّا الْخَطَأُ فَيَحْلِفُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَرِثُ وَلَوْ امْرَأَةً وَلِذَلِكَ قَالَ: (وَتَحْلِفُ الْوَرَثَةُ فِي) إثْبَاتِ قَتْلِ (الْخَطَإِ بِقَدْرِ مَا يَرِثُونَ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) قَالَ خَلِيلٌ: وَيَحْلِفُهَا فِي الْخَطَإِ مَنْ يَرِثُ وَإِنْ وَاحِدًا أَوْ امْرَأَةً وَتَحْلِفُ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَلَا تَأْخُذُ إلَّا فَرْضَهَا، وَمِثْلُهَا الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْجَانِي مِمَّا زَادَ عَلَى نَصِيبِ الْحَالِفِ لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَكِنْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَنْزِلَةِ نُكُولِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ نَكِلَتْ غَرِمَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ،

وَلَمَّا كَانَتْ الْأَيْمَانُ فِي الْخَطَإِ يَحْلِفُهَا كُلُّ مَنْ يَرِثُ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْمِيرَاثُ فَيَحْصُلُ كَسْرٌ فِي الْأَيْمَانِ بَيَّنَ حُكْمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ انْكَسَرَتْ يَمِينٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ: لِأَنَّ الذَّكَرَ بِرَأْسَيْنِ فَيَخُصُّهُ مِنْ الْخَمْسِينَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ يَمِينٍ، وَيَخُصُّ الْبِنْتَ سِتَّ عَشَرَةَ وَثُلُثَا يَمِينٍ.

(حَلَفَهَا) أَيْ الْيَمِينَ الْمُنْكَسِرَةَ (أَكْثَرُهُمْ نَصِيبًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْيَمِينِ الْمُنْكَسِرَةِ وَهُوَ الْبِنْتُ فَتَحْلِفُ سَبْعَ عَشَرَةَ يَمِينًا، وَإِنَّمَا قَالَ مِنْهَا بِالضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْيَمِينِ الْمُنْكَسِرَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ لِلْأَكْثَرِ مِنْ الْأَيْمَانِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا وَإِلَّا فَعَلَى الْجَمِيعِ.

وَلَمَّا كَانَ الْأَخْذُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَإِ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ قَالَ: (وَإِذَا حَضَرَ بَعْضُ وَرَثَةِ دِيَةِ الْخَطَإِ) وَغَابَ الْبَاقِي أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا.

(لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْحَاضِرِ (بُدٌّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَهْرَبٌ مِنْ (أَنْ يَحْلِفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ) حَتَّى يَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِذَا حَلَفَ الْخَمْسِينَ يَمِينًا أَخَذَ حِصَّتَهُ، لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ (يَحْلِفُ مَنْ يَأْتِي) مِنْ غَيْبَتِهِ أَوْ مَنْ بَلَغَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ.

(بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْقَادِمَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَدْرُ حِصَّتِهِ وَلَوْ رَجَعَ الْحَالِفُ أَوَّلًا عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْ الْغَائِبِ الْحَلِفُ بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الدَّمُ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ مَنْ كَانَ صَبِيًّا وَوَرِثَهُ الَّذِي حَلَفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ حِصَّةَ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِحَلِفِهِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ أَوَّلًا،

ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ تَغْلِيظِهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَحْلِفُونَ) أَيْ الْأَوْلِيَاءُ (فِي الْقَسَامَةِ) حَالَةَ كَوْنِهِمْ (قِيَامًا) تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ، وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ أَيْمَانِ سَائِرِ الْحُقُوقِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَغَلُظَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ بِجَامِعٍ كَالْكَنِيسَةِ وَبَيْتِ النَّارِ وَبِالْقِيَامِ لَا بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَا بِالزَّمَانِ، وَحُكْمُ التَّغْلِيظِ الْوُجُوبُ، فَمَنْ امْتَنَعَ مِنْهُ عُدَّ نَاكِلًا وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ، وَكَمَا يَحْصُلُ التَّغْلِيظُ بِالْقِيَامِ وَمَا ذَكَرَ يَحْصُلُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُجْلَبُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ) وَنَائِبُ فَاعِلِ يُجْلَبُ (أَهْلُ أَعْمَالِهَا) أَيْ أَهْلُ طَاعَةِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ لَهَا الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ، وَبَيَّنَ عِلَّةَ الْجَلْبِ إلَى تِلْكَ الْأَمَاكِنِ بِقَوْلِهِ: (لِلْقَسَامَةِ) وَلَوْ كَانَ مَوْضِعُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِفَضْلِ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ وَتَغْلِيظًا وَرَدْعًا لِلْكَاذِبِ، وَمَفْهُومٌ لِلْقَسَامَةِ أَنَّهُ لَا يُجْلَبُ أَحَدٌ إلَى تِلْكَ الْأَمَاكِنِ فِي حَلِفٍ غَيْرِ الْقَسَامَةِ لِعِظَمِ أَمْرِ الْقَسَامَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا.

(وَلَا يُجْلَبُ) لِلْقَسَامَةِ (فِي) أَيْ إلَى (غَيْرِهَا) أَيْ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ عِنْدَ الْحَالِفِ.

(إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْجَلْبُ (مِنْ الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ) كَالثَّلَاثَةِ وَقِيلَ كَالْعَشْرِ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ أَعْمَالِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ لَا يُجْلَبُ مِنْ مَحَلِّهِ إلَى حَلِفِهَا فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، إلَّا إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>