للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُنْمُلَةِ ثَلَاثٌ وَثُلُثٌ وَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عَشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ، وَالْمُوضِحَةُ مَا أَوْضَحَ الْعَظْمَ وَالْمُنَقِّلَةُ مَا طَارَ فِرَاشُهَا مِنْ الْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ وَمَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهِيَ الْمَأْمُومَةُ فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ

ــ

[الفواكه الدواني]

تُرَدُّ، وَإِنْ مَاتَتْ زَمَنَ الِاسْتِينَاءِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا ذَهَبَ عَدَمُ الْعَوْدِ، وَمَفْهُومُ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ أَنَّ ثَدْيَيْ الرَّجُلِ لَا دِيَةَ فِيهِمَا وَإِنَّمَا فِيهِمَا حُكُومَةٌ.

(وَ) كَذَا تَجِبُ (فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الدِّيَةُ) كَامِلَةً طَمَسَهَا أَوْ ذَهَبَ نُورُهَا، وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَبَيْنَ نَحْوِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ بِالسُّنَّةِ، وَبَحَثَ فِي كَلَامِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا: السُّنَّةُ مَعَ الْمُخَالِفِ وَأَنَّ فِيهَا وَفِي الْعَيْنِ خَمْسِينَ، وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَرَادَ بِالسُّنَّةِ قَوْلَ ابْنِ شِهَابٍ هِيَ السُّنَّةُ، وَبِهِ قَضَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمَا، لَا لِانْتِقَالِ الْبَصَرِ إلَيْهَا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، لِأَنَّ الْبَصَرَ عَرَضٌ وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الدِّيَةِ فِي تِلْكَ الْأَعْضَاءِ وَالْمَنَافِعِ الْمَذْكُورَةِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ لِلْإِمَامِ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «أَنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَاكَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «أَنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الصَّدْرِ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» .

وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْمُوَطَّإِ: «وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ» .

وَفِي النَّسَائِيّ: «وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ» .

وَبَعْضُ الطُّرُقِ: «وَفِي الْحَشَفَةِ الدِّيَةُ» .

(تَتِمَّةٌ) لَوْ دُفِعَتْ الدِّيَةُ فِي نَحْوِ الْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَنَافِعِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ قَدْ ذَهَبَ فَإِنَّ الدِّيَةَ، تَرُدُّ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرُدَّ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ وَقُوَّةِ الْجِمَاعِ وَمَنْفَعَةِ اللَّبَنِ، وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ تَأْوِيلَانِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى دِيَةِ الْأَعْضَاءِ وَالْمَنَافِعِ شَرَعَ فِي دِيَةِ الْجِرَاحَاتِ فَقَالَ: (وَ) يَجِبُ (فِي الْمُوضِحَةِ) الْخَطَإِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهُوَ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) وَأَمَّا عَمْدُهَا فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهَا فِي كَلَامِهِ.

(وَ) يَجِبُ (فِي السِّنِّ) بِقَلْعِهَا أَوْ تَصْيِيرِهَا مُضْطَرِبَةً جِدًّا أَوْ تَسْوِيدِهَا أَوْ تَحْمِيرِهَا أَوْ تَصْفِيرِهَا حَيْثُ كَانَ تَصْفِيرُهَا يُذْهِبُ جَمَالَهَا كَالسَّوَادِ (خَمْسٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ مُقَدِّمِ الْفَمِ أَوْ مُؤَخِّرِهِ، فَلَوْ رُدَّتْ السِّنُّ وَثَبَتَتْ فَإِنْ كَانَتْ سِنَّ كَبِيرٍ وَهُوَ مَنْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْغَارِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَقْلُهَا كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُقَرَّرِ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الشَّارِعِ مِنْ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ، وَتَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ عَقْلُهَا، وَأَمَّا سِنُّ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَقْلُهَا حَتَّى يَحْصُلَ الْيَأْسُ كَالْقَوْدِ مِمَّنْ قَلَعَهَا عَمْدًا، وَوُجُوبُ الْخَمْسِ فِي السِّنِّ مِنْ السُّنَّةِ.

(وَ) يَجِبُ (فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ) مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ مَا فِي الْأَصْلِيَّةِ حَيْثُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلْأَصْلِ فِي الْقُوَّةِ سَوَاءٌ قَطَعَهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ الضَّعِيفَةِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ إنْ قُطِعَتْ وَحْدَهَا، وَأَمَّا لَوْ قُطِعَتْ مَعَ الْكَفِّ فَلَا شَيْءَ فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَدَ الزَّائِدَةَ فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا بَيْنَ أَصَابِعِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ، لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَهَذَا فِي أَصَابِعِ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِهِ عُشْرُ دِيَتِهِ.

(وَ) يَجِبُ (فِي الْأُنْمُلَةِ) مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ مِنْ أَنَامِلِ الْمُسْلِمِ وَهِيَ الْعُقْدَةُ (ثَلَاثٌ وَثُلُثٌ) مِنْ الْإِبِلِ (وَ) يَجِبُ (فِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ) لِلرِّجْلِ وَالْيَدِ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) وَهِيَ نِصْفُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي حَالَةِ الْخَطَإِ، وَأَمَّا إذْهَابُ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا فَالْوَاجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ.

(وَ) يَجِبُ (فِي الْمُنَقِّلَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ مَعَ فَتْحِهَا أَوْ كَسْرِهَا وَيُقَالُ لَهَا الْهَاشِمَةُ أَيْضًا (عُشْرُ) الدِّيَةِ (وَنِصْفُ عُشْرِ) هَا وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَمِنْ الذَّهَبِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَمِنْ الْوَرِقِ أَلْفٌ وَثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَمْدُهَا وَخَطَؤُهَا سَوَاءٌ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَتَالِفِ حَيْثُ كَانَتْ بِالرَّأْسِ أَوْ بِاللِّحَى الْأَعْلَى، وَيُقْتَصُّ مِنْ عَمْدِهَا إنْ كَانَتْ بِالْجَسَدِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُوضِحَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ شَرَعَ فِي تَفْسِيرِهِمَا فَقَالَ: (وَالْمُوضِحَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ (مَا أَوْضَحَ) أَيْ أَظْهَرَ (الْعَظْمَ) بِأَنْ أَزَالَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، وَيَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَلَا تَنْضَبِطُ بِحَدٍّ، بَلْ يَجِبُ عَقْلُهَا الْمَذْكُورُ فِي الْخَطَإِ وَيُقْتَصُّ مِنْ عَمْدِهَا وَلَوْ كَانَتْ مِسَاحَتُهَا قَدْرَ رَأْسِ إبْرَةٍ.

(وَ) حَقِيقَةُ (الْمُنَقِّلَةِ) وَهِيَ الْهَاشِمَةُ (مَا طَارَ فَرَاشُهَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ زَالَ مَا تَحْتَهَا (مِنْ الْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ) قَالَ الْقَرَافِيُّ: الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ فَتِلْكَ الْعِظَامُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>