للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزْنَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ قُطِعَ.

إذَا سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ.

وَلَا قَطْعَ فِي الْخُلْسَةِ.

وَيُقْطَعُ فِي ذَلِكَ يَدُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ.

ثُمَّ إنْ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَيَدُهُ ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَرِجْلُهُ.

ثُمَّ إنْ سَرَقَ جُلِدَ وَسُجِنَ.

وَمَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ.

وَإِنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ النِّصَابِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَأَخْرَجَ النِّصَابَ عَلَى مَرَّاتٍ، وَلَا عَلَى أَبٍ أَخَذَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ قَدْرَ نِصَابٍ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ خِفْيَةً عَمَّا لَوْ خَرَجَ جَهَارًا فَهَذَا يُسَمَّى مُخْتَلِسًا، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ الْخَائِنُ كَالضَّيْفِ وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ بِإِذْنٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّارِقَ مَنْ يَدْخُلُ خِفْيَةً وَيَخْرُجُ كَذَلِكَ، وَالْمُخْتَلِسُ مَنْ يَدْخُلُ خِفْيَةً وَيَخْرُجُ جَهْرَةً، وَالْخَائِنُ مَنْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ جَهْرَةً وَمَعَهُ إذْنٌ فَقَالَ: (وَمَنْ سَرَقَ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ) سَرَقَ (مَا قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ) سَرَقَ (وَزْنَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ) خَالِصَةٍ (قُطِعَ) يَمِينُهُ مِنْ الْكُوعِ وَحُسِمَ بِالنَّارِ حَيْثُ كَانَتْ لَهُ يَمِينٌ سَالِمَةٌ مِنْ الشَّلَلِ وَمِنْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ،

وَبَيَّنَ شَرْطَ الْقَطْعِ بِقَوْلِهِ: (إذَا سَرَقَ) مَا ذُكِرَ وَأَخْرَجَهُ (مِنْ حِرْزٍ) مِثْلِهِ، وَهُوَ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعُ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ سَرَقَ النِّصَابَ عَلَى مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ قَصَدَ أَخْذَهُ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَلَا إنْ تَكْمُلْ بِمِرَارٍ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا كَوْنُ السَّارِقِ مُكَلَّفًا قَالَ خَلِيلٌ: وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهِدُ وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَطْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطٍ بَعْضُهَا فِي السَّارِقِ وَبَعْضُهَا فِي الْمَسْرُوقِ، فَشَرْطُ السَّارِقِ التَّكْلِيفُ وَكَوْنُهُ غَيْرَ رَقِيقٍ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ أَصْلٍ لَهُ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ وَإِنْ عَلَيَا، وَكَوْنُهُ غَيْرَ مُضْطَرٍّ إلَى الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ سَرَقَ مَالَ سَيِّدِهِ، وَلَا عَلَى أَصْلٍ سَرَقَ مَالَ فَرْعِهِ، وَلَا عَلَى مُضْطَرٍّ سَرَقَ طَعَامًا لِسَدِّ جَوْعَتِهِ، وَشَرْطُ الْمَسْرُوقِ إنْ كَانَ آدَمِيًّا أَنْ يَكُونَ طِفْلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا يَعْمَلُ لِصِغَرٍ أَوْ بَلَهٍ أَوْ بِكْرٍ، وَأَنْ يَكُونَ حِينَ سَرِقَتِهِ فِي حِرْزٍ أَوْ مَعَ حَافِظٍ، وَإِنْ كَانَ مَالًا فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ وَمُحْتَرَمًا وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ رَهْنَهُ أَوْ وَدِيعَتَهُ، وَلَا عَلَى مَنْ مَلَكَ النِّصَابَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحْدِيدِ نِصَابِ السَّرِقَةِ بِمَا ذُكِرَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» .

وَفِي الْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى الْقَطْعِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعَ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعَ يَدُهُ» وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى بَيْضَةِ الْحَدِيدِ، وَعَلَى حَبْلٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَاعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَسَوَاءٌ سَاوَتْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ الرُّبْعَ دِينَارٍ أَوْ نَقَصَتْ، وَلِذَا لَوْ سَاوَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ الرُّبْعَ دِينَارٍ وَلَمْ تُسَاوِ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ الدَّرَاهِمُ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ وَإِنْ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ إلَّا الذَّهَبُ فَالتَّقْوِيمُ بِالذَّهَبِ، رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ السَّرِقَةِ وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً بِقَوْلِهِ: (وَلَا قَطْعَ فِي الْخُلْسَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً وَالْخُرُوجُ بِهِ جَهْرَةً.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا إنْ اخْتَلَسَ أَوْ كَابَرَ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ وَلَوْ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ وَلَا خَائِنٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» وَالْمُنْتَهِبُ كَالْغَاصِبِ وَالْخَائِنُ الَّذِي يُؤْذَنُ لَهُ فِي الدُّخُولِ كَالضَّيْفِ وَالْخُدَّامِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ،

وَلَمَّا كَانَتْ الْحُدُودُ لَا يَفْتَرِقُ فِيهَا ذَكَرٌ مِنْ أُنْثَى قَالَ: (وَيُقْطَعُ فِي) سَرِقَةِ (ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ تُسَاوِيهَا.

(يَدُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ) الْمُكَلَّفِينَ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَطْعِ ذُكُورَةٌ وَلَا حُرِّيَّةٌ وَلَا إسْلَامٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهِدُ وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ، وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ مَنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ حَيْثُ سَرَقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ لَكِنْ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُفِيقَ فَإِنْ قُطِعَ فِي حَالِ سُكْرِهِ أَوْ جُنُونِهِ فَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ،

وَلَمَّا كَانَ قَطْعُ السَّارِقِ مِنْ خِلَافٍ قَالَ: (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) سَالِمُ الْأَعْضَاءِ مِنْ الشَّلَلِ وَنَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ مَرَّةً ثَانِيَةً.

(قُطِعَتْ رِجْلُهُ) الْيُسْرَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ (مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ إنْ سَرَقَ) مَرَّةً ثَالِثَةً (فَيَدُهُ) الْيُسْرَى مُسْتَحِقَّةٌ لِلْقَطْعِ (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) مَرَّةً رَابِعَةً (فَرِجْلُهُ) الْيُمْنَى وَهَذَا كَمَا قَرَّرْنَا فِي سَالِمِ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ أَعْسَرَ عَلَى مَا ارْتَضَاهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ أَوْ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى هِيَ الَّتِي تُقْطَعُ أَوَّلًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ قَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى لِأَنَّ أَصْحَابَهُ ضَعَّفُوا الْمُثْبَتَ وَرَجَّحُوا الْمُمْحِقَ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ الْقَطْعِ وَمَحَلُّهُ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ الْكُوعَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مَفْصِلَيْ الْكَعْبَيْنِ، وَإِذَا قُطِعَ فَإِنَّهُ يُحْسَمُ بِالنَّارِ أَيْ يَكُونُ مَوْضِعُ الْقَطِيعِ لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِمُوهُ» وَالْحَسْمُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ الْكَيُّ، هَكَذَا بَيَّنَتْ السُّنَّةُ فَقَدْ خَصَّصَتْ عُمُومَ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>